اخبار الامارات

اتجاهات مستقبلية    ‹ جريدة الوطن

اتجاهات مستقبلية

اتفاق سلام سوريا الجديدة

 

 

تعمل الإدارة الأمريكية على وضع اللمسات الأخيرة لاتفاق سلام وشيك بين سوريا وإسرائيل، وذلك على خلفية زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة قبل يومين، في زيارة رسمية تُعد الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى واشنطن.

يأتي الاتفاق الوشيك في خضم سياقات مغايرة وتداعيات جديدة على المستويات الأممية والثنائية، السياسية منها والاقتصادية، إذ يأتي بالتزامن مع رفع العقوبات الأمريكية والأممية عن دمشق منذ أيام قلائل، كما أنه وبحسب تصريح ترامب فإن الباعث وراء هذا الاتفاق هو طلب كلّ من إسرائيل وتركيا، في حين يطمح الشرع من اتفاقه المرتقب إلى دفع إسرائيل للانسحاب من مناطق في جنوب سوريا، التي تقدمت إليها بعد سقوط الأسد، ووقف غاراتها المتكررة من ناحية، ورفع جميع العقوبات المفروضة على بلاده، وإقناع المجتمع الدولي بالمشاركة في جهود إعادة إعمار سوريا والاستثمار بها، بعد صراعٍ دامٍ عاشته البلاد لما يزيد على 13 عامًا.

من المتوقع أن يمثل الاتفاق “صفقة شاملة” بين أطرافه بشأن تفاهمات أمنية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في سوريا داخليًّا، ودمجها في إطار أمني وإقليمي أوسع خارجيًّا، ومن المتوقع أن يكون ضمن تبعاته مشاركتها في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش”، وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل ضمن آلية غير مباشرة تُدار عبر وساطة أمريكية، كما يُنتظر أن تُعلن الولايات المتحدة عن خطة لإنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق “لتنسيق المساعدات الإنسانية ومراقبة التطورات بين سوريا وإسرائيل”ـ

تزامنًا مع الزيارة والاتفاق المرتقب، أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم السبت مرسومًا برفع تجميد الأصول المفروض على الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، استنادًا إلى التحديثات الأخيرة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بشأن العقوبات المرتبطة بمكافحة الإرهاب. وجاء هذا القرار بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا رفع العقوبات رسميًّا عنهما. من جهته، وأوروبيًّا من المتوقع أن يتخذ التكتل خطوة مماثلة، إذ تهدف واشنطن من هذه الخطوة إلى تمكين سوريا من إعادة الاندماج في محيطها الإقليمي، مع الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية، في حين تسعى دمشق إلى الاستفادة من رفع العقوبات لتعزيز موقعها السياسي والاقتصادي. ومع ذلك، يرى مراقبون أن قضايا الجولان والحدود والدروز في الجنوب السوري تبقى من أبرز العقبات التي قد تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي بين دمشق وتل أبيب، كما تشكل مسألة إعادة الإعمار أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الانتقالية، إذ يُقدر البنك الدولي احتياج سوريا إلى قرابة 216 مليار دولار، من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية وما دمرته الحرب السورية.

في النهاية؛ قد لا يتمثل التحول الأبرز لهذا الاتفاق المرتقب في التداعيات المباشرة له بشأن الترتيبات الأمنية، والمذكورة سلفًا، وإنما تتمثل في احتمالية تحول دعوة الرئيس ترامب في مايو الماضي إلى الرئيس الشرع للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، لخطوات ملموسة، تؤسس لسوريا جديدة في محيط إقليمي أكثر استقرارا وتسامحًا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى