استقلالية بنك إنجلترا.. صراع بين السياسة والمال

ألمح زعيم حزب «الإصلاح» البريطاني نايجل فراج إلى أنه سيستبدل محافظ البنك المركزي، أندرو بيلي، في حال توليه رئاسة الوزراء.
وأثارت التصريحات جدلاً حول استقلالية بنك إنجلترا.
وفي مقابلة مع برنامج The Mishal Husain Show على شبكة بلومبرغ، قال فراج: «لقد قضى وقتاً طويلاً في المنصب، ربما حان الوقت لأن نجد شخصاً جديداً». وأضاف ضاحكاً: «إنه رجل لطيف بما يكفي»، في إشارة إلى أنه لا يكنّ لبيلي عداءً شخصياً، لكنه يرى ضرورة التغيير في قيادة المؤسسة النقدية.
ومع ذلك، من غير المرجّح أن تكون لفراج أي صلاحية عملية في هذا الشأن قريباً، إذ من المقرر أن تستمر فترة بيلي في منصبه حتى مارس/آذار 2028، بينما لا يُتوقع إجراء الانتخابات العامة المقبلة قبل أغسطس/آب 2029، بحسب الجدول الزمني الدستوري.
نفوذ السياسة على القطاع
وتأتي تصريحات فراج ضمن حملة أوسع يدعو من خلالها إلى منح السياسيين نفوذاً أكبر على بنك إنجلترا، الذي يتمتع بالاستقلال منذ عام 1997 عندما منحه وزير الخزانة آنذاك، غوردون براون، صلاحياته المستقلة في تحديد السياسات النقدية وسعر الفائدة. ويرى فراج أن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذا الترتيب الذي «جرّد السياسيين من مسؤولية القرارات الاقتصادية التي تؤثر مباشرة على المواطنين».
ووفقا لتحليل نشرته صحيفة “الغارديان”، فإن تصريحاته الأخيرة تعكس رغبة واضحة في اتباع نهج مشابه لما فعله صديقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. فقد حاول ترامب التأثير على سياسة البنك المركزي الأمريكي، مطالباً بخفض أسعار الفائدة، وهاجم رئيسه جيروم باول مراراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي واصفاً إياه بـ«الأحمق»، بل وهدّد بإقالته.
وفي الأسابيع الأخيرة، التقى فراج ونائب رئيس حزبه وعضو البرلمان ريتشارد تايس بمحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي في المقر الرئيسي للبنك بشارع ثريدنيدل في لندن، بعد تبادل رسائل رسمية بين الطرفين. وكان فراج قد دعا البنك إلى وقف بيع السندات وخفض سعر الفائدة المدفوع للبنوك البريطانية، ما دفع بيلي إلى الموافقة على عقد اجتماع مباشر.
من جانبه، دعا تايس إلى السماح لوزارة الخزانة بتعيين «ممثل أو اثنين» من الحكومة داخل لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك، وهي الهيئة التي تحدد أسعار الفائدة.
نصير العملات الرقمية
ويُذكر أن فراج، الذي عمل سابقاً في تجارة السلع الأساسية قبل أن يصبح وجهاً سياسياً بارزاً في معسكر مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يروّج حالياً لمدينة لندن كمركز عالمي للعملات الرقمية، إذ يعمل سفيراً لعلامة تجارية في مجال الذهب. وقد وصف بيلي في السابق بأنه «ديناصور» بسبب تحفظه على العملات المشفّرة، لكنه أبدى ارتياحه مؤخراً لما اعتبره «تطوراً إيجابياً» في موقف المحافظ من العملات المستقرة، وهي عملات رقمية ترتبط قيمتها عادة بالدولار الأمريكي أو الجنيه الإسترليني.
وقال فراج في المقابلة: «على بنك إنجلترا، والحكومة البريطانية، والجهات التنظيمية — أياً كانت صيغتها — أن تدرك أن العالم تغيّر بسرعة هائلة».
وفي تعليق مقتضب بعد الاجتماع، ذكر متحدث باسم بنك إنجلترا أن اللقاء بين بيلي وفراج وتايس كان «مثمراً». لكن مراقبين يرون أن محاولات فراج المتكررة للضغط على البنك تمثل مقدمة لصراع سياسي أوسع حول حدود استقلال المؤسسة النقدية، في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة تحديات اقتصادية معقّدة تتعلق بالتضخم وضعف النمو.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




