اسعار واسواق

رذاذ «صديق الصحة» يحارب البكتيريا في اللحوم


يعمل علماء من جامعة أوتاغو النيوزيلندية على تطوير رذاذ مبتكر لمواجهة التلوث البكتيري في اللحوم.

و يعتمد الرذاذ على الببتيدات، وهي جزيئات بروتينية دقيقة ينتجها الجسم طبيعيا، لمواجهة مشكلة مزمنة تؤرق صناعة اللحوم الحمراء، تتمثل في التلوث البكتيري وفساد المنتجات.

وغالبا ما يظهر فساد اللحوم في صورة طبقة لزجة ذات رائحة كريهة، وهي ليست مجرد علامة على انتهاء الصلاحية، بل نتيجة لما يُعرف بـالأغشية الحيوية، وهي شبكات كثيفة من الخلايا البكتيرية تُشكل درعا واقيا يحمي البكتيريا من الحرارة والبرودة والمطهرات، ويتيح لها تفكيك اللحم واستهلاك عناصره الغذائية.

ويقول أستاذ الأحياء الدقيقة المشارك دانيال بلتزر إن هذه الأغشية الحيوية ليست سيئة دائما، إذ تحمي البكتيريا النافعة في أمعائنا، لكنها تتحول إلى مشكلة حقيقية عندما تتكون من بكتيريا ممرِضة تسبب التلوث والفساد. ويضيف: “إنها آلية دفاع طبيعية، لكنها تصبح خطرة عندما نتعامل مع بكتيريا نحتاج إلى القضاء عليها”.

لماذا الببتيدات؟

بدلًا من الاعتماد على المطهرات الكيميائية أو المضادات الحيوية التقليدية، التي غالبا ما تفشل أمام الأغشية الحيوية، اتجه فريق أوتاغو إلى الببتيدات، وهي سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية تعمل كـ”رسل” في الجسم، وتلعب دورا أساسيا في مكافحة العدوى والتئام الجروح وتنظيم المناعة.

ويشرح بلتزر: “أول ما يفعله الجسم عند مواجهة بكتيريا أو فيروس هو إنتاج ببتيدات وظيفية للتصدي لها”. هذه الخاصية ألهمت الفريق لتطوير رذاذ ذكي يمكن استخدامه داخل مصانع معالجة اللحوم لاستهداف البكتيريا المكونة للأغشية الحيوية.

حل لمشكلة اقتصادية وغذائية

وجاءت فكرة المشروع بعد نقاش بين بلتزر وزميله د. سام وارديل حول كيفية توظيف البحث العلمي لحل مشكلات واقعية تمس الاقتصاد النيوزيلندي.

ومع التعاون مع مجموعة Alliance Group، إحدى أكبر تعاونيات اللحوم الحمراء في البلاد، تبين أن التلوث البكتيري والفساد يمثلان تحديا يوميا.

وتشكل صادرات اللحوم الحمراء نحو 15% من عائدات التصدير في نيوزيلندا. ورغم أن أقل من 1% من المنتجات تُرفض سنويا بسبب التلوث أو الفساد، فإن ذلك يترجم إلى خسائر تُقدّر بعشرات الملايين من الدولارات. كما أن أي نتيجة إيجابية، حتى لو كانت ضعيفة، لبكتيريا خطرة مثل الإشريكية القولونية المنتجة لسم الشيغا، قد تؤدي إلى إغلاق أسواق تصدير كاملة.

من المختبر إلى المصنع

بدعم من منحة بحثية بقيمة مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، يركز الفريق على ما يُعرف بـببتيدات الدفاع المناعي ، وهي جزء أساسي من الجهاز المناعي للحيوانات، وثبت مؤخرا قدرتها على قتل البكتيريا، بما في ذلك تلك المحمية داخل الأغشية الحيوية.

وباستخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات الحاسوبية، حلل الباحثون البيانات الجينية للأبقار والأغنام، وقلّصوا آلاف الاحتمالات إلى نحو 400 ببتيد واعد يجري اختباره حاليا ضد بكتيريا مسببة للفساد مثل الإشريكية القولونية والليستيريا، مع الحرص على عدم الإضرار بالبكتيريا النافعة.

تطوير رذاذ مبتكر لمواجهة التلوث البكتيري في اللحوم.

فوائد أوسع من اللحوم

ولا يقتصر طموح المشروع على مصانع اللحوم، إذ يرى الباحثون أن التقنية قد تُستخدم مستقبلًا في تعقيم معدات المزارع للحد من أمراض مثل التهاب الضرع، أو في حماية الأجهزة الطبية من التلوث. كما يمكن أن تسهم في تقليل الاعتماد على المطهرات الكيميائية والمضادات الحيوية واسعة الطيف، التي ساهم الإفراط في استخدامها في ظهور “البكتيريا الخارقة” المقاومة للعلاج.

وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة” إن-بي-جيه بايوفيلمز آند مايكروبايومز”، أظهر الفريق أن دمج ببتيد معين مع مضاد حيوي قوي مثل الكوليستين مكنة من القضاء على بكتيريا كانت مقاومة له، ما يفتح الباب أمام استخدام الببتيدات لتعزيز فعالية العلاجات الحالية وتقليل جرعات المضادات الحيوية.

ويختتم بلتزر قائلًا: “لسنا ندّعي أننا وجدنا الحل النهائي لأزمة مقاومة المضادات الحيوية، لكننا نحاول كسب الوقت وإيجاد طرق ذكية لإبطاء تطور البكتيريا الخطرة”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى