الطب أرهقه وألهمه.. قصة رائد أعمال وشركة ناشئة بقيمة 460 مليون دولار

في عام 2017، تخرج توماس كيلي من كلية الطب وأصبح طبيباً أخيراً، وهي المهنة التي حلم بها منذ صغره وسعى إليها لسنوات.
لكن بمجرد أن بدأ ممارسة الطب، أدرك كيلي أن العمل يختلف عما كان يتصوره.
وقال لموقع CNBC Make It: “كان وقتي كطبيب محدوداً للغاية، لم يكن لدي سوى 10 دقائق لكل مريض، كنت أجد نفسي مضطراً لمعاينة 100 مريض يومياً، وكنت دائماً في عجلة من أمري، وأنسق 700 فحصاً ومهاماً لا حصر لها”.
وأضاف: “في عالم مثالي، كنت سأقضي مع المرضى الوقت الكافي الذي يحتاجونه، كنت سأفهم عائلاتهم، وأتذكرهم جيداً، ثم أطمئن عليهم بانتظام”.
لكن الواقع، كما هو الحال مع العديد من الأطباء، هو أنه واجه “إرهاقاً شديداً” في عمله.
إلهام من الإرهاق
واستلهم كيلي فكرة حل هذه المشكلة، فابتكر أداة ذكاء اصطناعي تساعد في تدوين الزيارات الطبية، وإنشاء الملاحظات السريرية، وغير ذلك، بهدف تخفيف العبء على الأطباء والممارسين الصحيين.
والآن، يشغل كيلي، البالغ من العمر 33 عامًا، منصب المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “هايدي”، وهي شركة متخصصة في تدوين التقارير الطبية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقد أعلنت الشركة في أكتوبر/تشرين الماضي عن جولة تمويل من الفئة “ب” بقيمة 65 مليون دولار، مما رفع قيمة الشركة إلى 465 مليون دولار.
بدايات الاستكشاف
ونشأ كيلي في ملبورن، أستراليا، وقد ألهمه طبيبه المعالج لدراسة الطب.
ويقول كيلي: “كنتُ معجبًا جدًا بطبيبي المعالج، لقد كان مثالًا يُحتذى به في تسخير الذكاء والمعرفة لخدمة الخير، كان دائمًا يمتلك خطة رائعة، كان ودودًا للغاية، ويتمتع بأسلوب تعامل ممتاز مع المرضى، فضلًا عن كونه ذكيًا وفطنًا بشكل لا يُصدق”.
ورسخت هذه التجربة في ذهنه، خلال دراسته الجامعية، استكشف اهتمامات أخرى مثل الرياضيات وعلوم الحاسوب قبل أن يقرر في النهاية دراسة الطب، وفي عام 2013، التحق بجامعة ملبورن حيث بدأ دراسة الطب.
وأثناء دراسته للطب، بدأ كيلي أيضًا مشروعًا جانبيًا حيث كان ينشر مقاطع فيديو تعليمية على يوتيوب ويُدرّس الطلاب المهتمين بدراسة الطب.
ولدهشته، بدأت مقاطع الفيديو تجذب العديد من الطلاب، أكثر مما كان يستطيع استيعابه في ذلك الوقت، وما بدأ كهواية نما تدريجيًا ليصبح مشروعًا تجاريًا صغيرًا.
ولتحسين إدارة وقته في مشروع التدريس، بدأ كيلي بتجربة تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي.
أول منتج
وقال كيلي، “كان أول منتج ذكاء اصطناعي حاولتُ تطويره عبارة عن مُدرّب للمقابلات، يُتيح للطلاب التدرب عليه”.
وأضاف أن هذه الأداة، التي تُدعى “أوسكار”، سمحت للطلاب بالتدرب على إجراء محادثات مع مُحاور طبي، وبحلول عام 2020، كان حوالي 20,000 طالب يستخدمونها.
وأضاف: “كانت تلك هي البذرة التي نمت لتُصبح شركة “هايدي”.
ومع تحسّن أداة “أوسكار”، بدأ كيلي يُلاحظ إمكانياتها الأوسع، وقال كيلي: “لم تكن هناك لحظة إلهام مُفاجئة”، لكنه أدرك أنه إذا استطاعت أداة ذكاء اصطناعي فهم محادثة بين طالب وطبيب، فبإمكانها فعل الشيء نفسه مع مريض وطبيب.
وأوضح: “يمكنك حينها إنشاء ملاحظات سريرية، يمكنك إجراء التشخيص التفريقي، وربما إنجاز مهام مُحددة، هذا هو جوهر الطب، إنها محادثة مُتقدمة للغاية، وتقنية للغاية، وعميقة، ومعقدة، لكنها تبقى محادثة”.
اتخاذ القرار الجريء
وفي عام 2021، واجه كيلي قرارًا مصيريًا، إما التفرغ التام لمسيرته الطبية والبدء بالتدريب في جراحة الأوعية الدموية، أو أخذ استراحة من العمل ومحاولة تطوير أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة به لخدمة ليس فقط طلاب الطب، بل أيضًا الأطباء والممارسين السريريين.
وقال كيلي، “لقد اتخذت القرار الجريء. فكرت سأندم للأبد إن لم أغتنم هذه الفرصة، كم عدد المتدربين في الجراحة الذين يمتلكون مهارات رياضية جيدة وخبرة في مجال الأعمال تمكنهم من بناء هذا المنتج؟ أعتقد أنهم قليلون.”
وأضاف، “ربما كان ذلك غرورًا، لكنني فكرت أنه إذا كان هناك من يستطيع تأسيس هذه الشركة، فأنا هو، فلنجرب ونرى ما سيحدث.”
لذا، في عام 2021، ترك كيلي مسيرته الطبية رسميًا وتفرغ تمامًا لبناء “هايدي”.
واليوم، تساعد الأداة الأطباء في تخفيف بعض المهام الإدارية، مثل إنشاء الوثائق والملاحظات السريرية وغيرها.
وقد نمت “هايدي” لتصبح شركة ناجحة، وجذبت تمويلًا يقارب 100 مليون دولار.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




