اسعار واسواق

إعادة تسلح حزب الله.. تحديات تعيق بناء القدرات وتدفع لـ«تعاون نادر»


بين ضغطٍ دولي يتصاعد، وتهديدٍ إسرائيلي لا يخفت، يتمسك حزب الله بسلاحه بوصفه آخر أوراق الردع في معادلة لبنانية شديدة الهشاشة.

وبين حكومة تبحث عن مخرج اقتصادي ودولي، وخصم إقليمي يلوّح بخيار القوة، يقف لبنان أمام معادلة دقيقة، بينما يفتش حزب الله عن طرق، يرمم بها صفوفه، ويعيد تسليح نفسه بها، في مقاومة جهود نزع سلاحه.

فهل يستطيع؟

تقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن جهود حزب الله لإعادة التسلح تواجه تحديات، مشيرة إلى أنه مع انهيار التحالف الإقليمي الذي كان يدعمه خاصة إيران، الداعم الرئيسي للحزب والتي تلقت ضربات قوية من إسرائيل في يونيو/حزيران الماضي.

ليس هذا فحسب، بل إن الحزب خسر حليفه القوي الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد الإطاحة به العام الماضي مما أدى إلى قطع خط إمداد رئيسي كان الحزب يستخدمه لتهريب الأموال والأسلحة.

وفي خطاب تلفزيوني نهاية الأسبوع الماضي، اعتبر نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله أن نزع السلاح الكامل غير وارد في الوقت الراهن، قائلا: «هذا يعني تجريد المقاومة من قوتها.. وهذا مطلب أمريكي إسرائيلي».

من جانبه، قال طلال عطريسي، المحلل اللبناني المقرب من حزب الله، إن الحزب «يسعى إلى بناء قدراته» حتى مع استمرار إسرائيل في مهاجمة عناصره وأضاف: «نحن في سباق بين بناء القدرات والنظر في خيار الحرب من جهة، وبين منع الحرب وإيجاد حلول للبنان من جهة أخرى».

الأمر نفسه، أشار إليه عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ليندسي غراهام الذي خلال زيارته لإسرائيل الأحد، حركة حماس وحزب الله اللبناني بإعادة تسليح نفسيهما، قائلا إن «حزب الله يحاول صنع مزيد من الأسلحة … وهذا أمر غير مقبول».

وفي إسرائيل ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أنه يفضل أن ينزع لبنان سلاح حزب الله بدلاً من العودة إلى الحرب.

دروس 7 أكتوبر

وقال تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أصبح درس 7 أكتوبر/تشرين الأول بمثابة العقيدة الأمنية الجديدة لإسرائيل وهو عدم تجاهل التهديدات الناشئة” وأضاف “الفكرة هي أنه من الأفضل المخاطرة بالتصعيد بينما عدونا ضعيف بدلاً من الانتظار حتى يصبح أقوى”.

وزعم أن الحكومة اللبنانية لم تتحرك بالسرعة الكافية لاستغلال “فرصة سانحة” لنزع سلاح حزب الله، وادعى أن حملة عسكرية إسرائيلية جديدة قد تمنح بيروت مزيدًا من الوقت والزخم من خلال إضعاف الحزب أكثر.

وفي حين تؤكد الحكومة اللبنانية أنها تعمل على نزع سلاح حزب الله بأسرع ما يمكن، يرى المسؤولون والمحللون اللبنانيون أن مواصلة إسرائيل لقصف لبنان، تعزز رواية حزب الله وتمنحه مبررًا للتشبث بالسلاح.

وفي الوقت نفسه، تسعى الحكومة اللبنانية للحصول على مليارات الدولارات من المساعدات المالية التي عرضتها بعض الدول مقابل نجاحها في نزع سلاح حزب الله، الأمر الذي تقول إنه يحتاج إلى المزيد من الموارد والتمويل من المانحين الدوليين.

وأعلن الجيش الأمريكي أن الجنود اللبنانيين أزالوا ما يقرب من 10 آلاف صاروخ ونحو 400 قذيفة في إطار مبادرة الحكومة لنزع السلاح، والتي تشمل حزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى أصغر حجماً.

وتحرص الحكومة اللبنانية على إثبات فعالية جهودها في نزع سلاح حزب الله وخلال اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين الشهرالجاري، عرض ضباط لبنانيون مقاطع فيديو تظهر قواتهم وهي تداهم مواقع أسلحة بحسب مسؤول في الأمم المتحدة.

«تعاون نادر»

وقال المسؤول الأممي ومسؤول إسرائيلي، إن تل أبيب قدمت بعض المعلومات الاستخباراتية للجيش اللبناني للمساعدة في تحديد المباني التي يخزن فيها الحزب أسلحته ما يمثل «تعاونا نادرا».

وقالت لينا خطيب، الباحثة الزائرة في كلية هارفارد كينيدي، إنه رغم انعدام الثقة بين لبنان وإسرائيل فإن لديهما مصلحة مشتركة في «العمل على سحق حزب الله وهو ما يقلل من احتمالية شن إسرائيل هجومًا أوسع نطاقًا يُظهر الحكومة اللبنانية بمظهرٍ ضعيف».

فهل يستطيع لبنان نزع سلاح حزب الله؟

بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المسؤولين الأمريكيين يريدون أن تقوم الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام، لكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك ممكناً، وخاصة وأن الحزب يقاوم دعوات إلقاء السلاح رغم ما تحمله من مخاطر العودة إلى الحرب مع إسرائيل.

وقبل عام، تعهدت الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، بعد وقف إطلاق النار الذي أنهى نزاعًا استمر عامًا بين إسرائيل والحزب لكن بطء وتيرة نزع السلاح أثار استياء المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين.

وفي حين يؤكد حزب الله أنه سحب مقاتليه المسلحين من المنطقة القريبة من الحدود الإسرائيلية، كما خسر جزءًا كبيرًا من ترسانته خلال الحرب، يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن الجماعة تحاول إعادة بناء صفوفها وهو ما يرفع احتمالات شن إسرائيل هجومًا جديدًا.

وللمرة الثانية هذا الشهر، اجتمع مبعوثون من إسرائيل ولبنان الأسبوع الماضي لإجراء محادثات مباشرة في لقاء نادر عُقد تحت رعاية لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة والتي تشكلت بعد الحرب.

وأمس السبت، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إن الحكومة على بعد أيام من إتمام عملية نزع السلاح جنوب نهر الليطاني، الذي يعد منذ زمن طويل خطاً فاصلاً رئيسياً في لبنان، وبعدها ستوجه اهتمامها إلى بقية أنحاء البلاد.

وبدعم من إيران، ازداد حزب الله قوةً على مر السنين حتى تفوق على الجيش اللبناني، بفضل ترسانته المتطورة وآلاف المقاتلين مما ساهم في الدور الذي نصبه الحزب لنفسه كمدافع عن لبنان ضد إسرائيل، التي هاجمت البلاد مرات عديدة على مدى الخمسين عاماً الماضية، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ضربات «قوية»

لكن حزب الله تلقى ضربة قوية في الحرب الأخيرة بعدما فقد آلاف المقاتلين وزعيمه حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل ومنذ ذلك الحين، لم يقم بإعادة بناء قواته بشكل كبير في جنوب لبنان، بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وفقًا لمسؤولين من إسرائيل ولبنان والأمم المتحدة.

وفي حين أعلن الحزب أنه لم يعد يحتفظ بـ«وجود مسلح» جنوب نهر الليطاني، يزعم مسؤولون إسرائيليون أن يقظة إسرائيل هي سبب خروجه من تلك المنطقة.

ومنذ وقف إطلاق النار، قصفت إسرائيل لبنان بشكل شبه يومي ولا تزال تحتل عدة مواقع داخل الأراضي اللبنانية، رغم موافقته المبدئية على الانسحاب.

أما شمال الليطاني، فلا تزال قوات حزب الله متمركزة، بحسب المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين وفي يونيو/حزيران، قصفت القوات الإسرائيلية ما وصفته بمصانع تحت الأرض قرب بيروت، حيث كان حزب الله يحاول تصنيع مسيرات.

والشهر الماضي، قصفت طائرات حربية إسرائيلية شقة قرب بيروت، مما أسفر عن اغتيال هيثم علي طباطبائي، القائد العسكري البارز لحزب الله.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى