«تطور مفصلي» بحرب السودان.. «الدعم السريع» على مرمى حجر من كادوقلي

باتت قوات “الدعم السريع” السودانية على مرمى حجر من مدينة كادوقلي الاستراتيجية، ما يُنذر بتطور مفصلي في مسار الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023.
ووفقا لوسائل إعلام سودانية، أحكمت قوات “الدعم السريع” حصارها على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، في جنوب جمهورية السودان.
الوضع الميداني
ونقلت صحيفة “الراكوبة نيوز” السودانية عن مصدر ميداني قوله إن “إقليم كردفان يشهد تحولاً كبيراً في خريطة السيطرة العسكرية، مع توسع انتشار قوات الدعم السريع في معظم مناطقه وتشديد الطوق حول مدن ذات أهمية استراتيجية، في مؤشر إلى مرحلة متقدمة من إعادة ترتيب الميدان”.
وتوقع المصدر انسحاب قوات الجيش من مناطق عدة في الأيام المقبلة، بعدما سيطر “الدعم السريع” على معظم الإقليم.
وأضاف “بعد إحكام الدعم السريع السيطرة على بابنوسة وهجليج، انتشرت قواته في مناطق واسعة حتى باتت كادقلي والدلنج في حصار كامل”.
وتضم كادقلي الفرقة الرابعة عشرة التابعة للجيش، وهي محاصرة داخلها، وباتت قوات الدعم السريع على مرمى حجر من الوصول إليها بعدما سيطرت على بلدة “برنو” التابعة للمدينة الاستراتيجية، ومدينة أم عروق على مشارفها.
القاعدة الأممية
وتضم مدينة كادقلي قاعدة عسكرية تابعة لبعثة الأمم المتحدة المؤقتة في “أبيي” (يونيسيفا)، التي بدأت الإخلاء في أعقاب هجوم استهدف قواتها، قبل أيام، وأسقط قتلى وجرحى.
وأعلنت “يونيسفا” الجمعة أنها أبلغت “السلطات المختصة بقرار الإخلاء بعد تقييم شامل للوضع الأمني السائد في كادوقلي”.
وأوضحت أنها “ستعيد النظر في استئناف أنشطتها في كادوقلي حالما يسمح الوضع بذلك”.
وتأسست يونيسفا عام 2011 في أبيي، المنطقة المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان. وتشمل ولايتها مراقبة عملية إعادة انتشار القوات من المنطقة والتحقق منها، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين.
أهمية استراتيجية
وتكتسب كادوقلي أهمية سياسية واستراتيجية في الحرب السودانية، كونها تقع على سفح أعلى جبل في المنطقة، وترتفع عن سطح البحر بنحو 500 متر مربع، ما يمنح ميزة عسكرية لمن يسيطر عليها.
وتوقع الخبير في الشأن السوداني عثمان ميرغني أن “تسقط مدينة كادوقلي في يد الدعم السريع في الأيام المقبلة”. قال في حوار مع “العين الإخبارية” إن “الدعم السريع تلجأ في كادوقلي إلى نفس سيناريو بابنوسة والفاشر، بحيث تفرض حصارا شاملا على المدينة وتمنع أي إمدادات عن فرقة الجيش المركزية في المدينة، إلا عبر الجو”.
وأضاف “إن وجهت الضربة الأخيرة إلى فرقة الجيش في المدينة سيعني ذلك سيطرة الدعم السريع عليها، بعدما باتت على بعد مسافة قريبة جدا من قلب المدينة”.
وأوضح أن “كادوقلي الآن معزولة وحتى الإسقاط الجوي الذي يعتمد عليه الجيش لتأمين إمداداته أصبح محدودا في ظل استخدام الدعم السريع دفاعات جوية حديثة مثل ما حدث في بابنوسة (في جنوب كردفان) والفاشر (شمال دارفور)”.
وأكد ميرغني أن “كادوقلي مدينة استراتيجية ليس في ولاية جنوب كردفان فحسب بل في كردفان الكبرى كلها وحتى في المنطقتين (كردفان والنيل الأزرق). هي تمثل تاريخيا واحدة من الأماكن المهمة في الدولة السودانية ولها رمزية خاصة على المستوى السياسي كونها تمثل إقليما مهما جدا”.
مرحلة جديدة
وأشار إلى أن “كادوقلي هي مفتاح كردفان التي تتماس في حدود مع دولة جنوب السودان، ولها وضع خاص في اتفاق السلام الموقع بين البلدين في العام 2005، ومن ثم فإن دخولها في بؤرة الصراع يعد تطورا مفصليا”.
ولمزيد من الإيضاح أشار ميرغني إلى أن “الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، المتحالفة مع قوات “الدعم السريع”، تتواجد بالفعل بمناطق عدة في كردفان، ومعقلها مدينة “كاودا”، ولو حدث أن سقطت كادوقلي فإن الأوراق في منطقة بالغة الحساسة والخصوصية ستتداخل بحيث إنه حتى لو انتهت الحرب بين طرفيها ستبقى كردفان مشكلة مستقلة بذاتها”.
وأضاف “استمرار القتال في تلك المنقطة ذات الثقل المهم في الدولة السودانية يخلق أزمة منفصلة عن كارثة الحرب، ويدخلها في مرحلة جديدة”.
ودعا ميرغني الجيش السوداني إلى الاستجابة إلى نداءات وقف إطلاق النار، والموافقة على الهدنة المقترحة من اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر)، تمهيدا لإيقاف الحرب وتجنيب البلاد سلسلة من الأزمات التي لا يُحمد عقباها.
وانتقد موقف قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الرافض للتسوية السياسية، مشددا على أنه لا سبيل لتجنيب السودان الدمار إلا طاولة المفاوضات. وعزا إصرار البرهان على الاستمرار في الحرب إلى تأثره بمواقف تنظيم الإخوان، الطامح في العودة إلى الحكم.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




