اسعار واسواق

لماذا لم تخرج خريطة طريق لإزالة الغابات في بيليم؟


كان من المنتظر أن تخرج خريطة طريق لمكافحة إزالة الغابات في بيليم، لكن ذلك لم يحدث؛ فلماذا؟

اختُتمت مفاوضات مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30) في يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بدون الوصول إلى خريطة طريق لإزالة الغابات واضحة، على الرغم من تأييد أغلب الأطراف لإطلاق خريطة طريق إلزامية لإزالة الغابات في بيليم، إلا أنّ نص “الموتيراو” (Mutirão) لم يتضمن أي إشارة إلى خريطة طريق إلزامية تتجنب إزالة الغابات وحمايتها، بل بعض الدعوات والتشديدات على أهمية حماية الغابات والتنوع البيولوجي فيها.

محاولات سابقة

أثار COP26 في غلاسكو بالمملكة المتحدة عام 2021 إشكالية إزالة الغابات بوضوح، وخرج “إعلان قادة غلاسكو بشأن الغابات واستخدام الأراضي”، والذي وقع عليه ما يزيد عن 130 دولة، تضم 85% من غابات العالم، ويهدف الإعلان إلى دعم عملية وقف إزالة الغابات وعكس مسارها بحلول العام 2030، وكذلك تعزيز حماية التنوع البيولوجي وحقوق السكان الأصليين؛ علمًا بأنّ هذا الإعلان كان طوعيًا وليس إلزاميًا.

وفي مدينة شرم الشيخ الساحلية في مصر خلال COP27 في العام 2022، أطلقت المملكة المتحدة “شراكة قادة الغابات والمناخ” (Forest and Climate Leaders’ Partnership – FCLP)، بهدف تسريع العمل على التعهدات التي خرجت في COP26؛ لوقف فقدان الغابات وعكس مسارها، وهي شراكة تجمع قادة من 36 دولة والاتحاد الأوروبي، يضمون 35% من غابات العالم.

وفي إكسبو دبي بدولة خلال COP28 عام 2023، خرجت عدة تعهدات تدعم الغابات، وأُشير في النص النهائي للمؤتمر إلى ضرورة الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية بما فيها الغابات، وشدد على أهمية إدماجه في السياسات المناخية. وقد أطلقت رئاسة المؤتمر وشركاؤها تمويلاً قدره 1.7 مليار دولار؛ لتعزيز أهداف العمل المناخي والتنوع البيولوجي وحماية الطبيعية بما فيها الغابات.

وظهر في COP29 بمدينة باكو عاصمة أذربيجان عام 2024، اهتمامًا واضحًا بالغابات، وأُثيرت نقاشات حول تمويل الغابات، كما ظهر الـ Forest Pavilion، ليكون منصة للنقاشات حول الغابات في أثناء فعاليات مؤتمرات الأطراف المعنية بتغير المناخ، وخرج بيان بعنوان: “من باكو إلى بيليم: الغابات للمناخ، الإنسان والكوكب”، بهدف التركيز على حماية الغابات. إضافة إلى ذلك، ظهر الحديث حول “خريطة بيليم”.

غياب خريطة طريق في COP30

وفي بيليم بالبرازيل نهاية عام 2025، كان من المنتظر أن تخرج خريطة طريق حاسمة خلال COP30؛ باعتباره “مؤتمر الأطراف في الأمازون”؛ فانطلاق المؤتمر في الأمازون يتضمن رسالة رمزية بأنّ الغابات يجب أن تكون في أولويات مخرجات المؤتمر. بالفعل، عملت رئاسة المؤتمر على تعزيز “صندوق الغابات الإستوائية إلى الأبد” (TFFF).

وخلال المحادثات التي انعقدت في بيليم، توجهت زمام المفاوضات نحو الاتفاق على خريطة طريق لإنهاء إزالة الغابات، على الرغم من أنّه في افتتاح قمة القادة قبل انطلاق COP30، أشار رئيس البرازيل “لولا دا سيلفا” إلى وضع خرائط طريق “لعكس مسار إزالة الغابات، والتغلب على الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعبئة الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف بطريقة عادلة ومخططة”.

بحلول الأسبوع الثاني من مفاوضات COP30، كانت هناك نحو 45 دولة تؤيد إطلاق خريطة طريق لمكافحة إزالة الغابات، من بينهم: البرازيل والمكسيك وكولومبيا والاتحاد الأوروبي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وبحلول يوم الجمعة الموافق 21 نوفمبر/تشرين الثاني، ارتفع هذا العدد إلى نحو 92 دولة. مع ذلك، لم يتضمن النص النهائي أي إشارة إلى خريطة الطريق لمكافحة إزالة الغابات أو لوقف الوقود الأحفوري. لكن، في الجلسة العامة الختامية، قال “أندريه كوريا دو لاغو”، رئيس COP30 أنّ الرئاسة البرازيلية ستعمل على وضع خريطتي طريق لوقف إزالة الغابات والوقود الأحفوري، لعرضهما في COP31 في تركيا.

لماذا؟

هناك العديد من الأسباب في الكواليس التي عرقلت اعتماد خريطة طريق لمكافحة إزالة الغابات خلال محادثات بيليم، منها:

1- تضارب مصالح

على الرغم من تأييد أكثر من 90 دولة لإطلاق خريطة طريق لمكافحة إزالة الغابات، إلا أنّ هناك بعض الدول التي أبدت تحفظها، بسبب تضارب المصالح؛ خاصة مع اقتران خريطة طريق الوقود الأحفوري مع خريطة طريق إزالة الغابات. ومن المحتمل أيضًا أن يحدث تضارب داخل نفس الدولة التي توقع على خريطة طريق لمكافحة إزالة الغابات؛ فعلى سبيل المثال، لدينا دولة تضم مساحة شاسعة من الغابات المطيرة، وداخل الدولة، هناك وزارة البيئة التي تطالب بالحفاظ على الغابات ومكافحة إزالتها، في حين وزارة الزراعة داخل نفس الدولة، ترى أنّ الالتزام بقرار كهذا قد يؤثر على قطاع الزراعة، ومن هنا ينشأ التضارب.

2- ملف معقد

من الإيجابي مكافحة إزالة الغابات، لكن بالنظر إلى بعض التفاصيل، نجد أنّ ملف الغابات تحديدًا معقد؛ إذ أنّ إزالة الغابات مرتبطة بعوامل عديدة ومتداخلة؛ فمن ضمن أسباب إزالتها اعتماد بعض الدول على أخشاب أشجار الغابات كمورد اقتصادي، وكذلك على بعض النباتات في صناعة الأدوية والمواد الغذائية، إضافة إلى التوسع الزراعي وعمليات التعدين، وغيرهم من الأسباب الأخرى. بل إنّ هناك بعض الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الموارد الحرجية.

3- غياب التمويل

رأت بعض الدول أنّ الالتزام بخريطة طريق كهذه قد تصبح إلزامية، ما يُعرض بعض الجهات للدعاوي القانونية مستقبلًا، إضافة إلى غياب التمويل المستدام اللازم لحماية الغابات وتوفير البدائل الاقتصادية للسكان المحليين الذين يعتمدون عليها.

يعلق “هشام عيسى”، المنسق المصري السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، قائلاً لـ”العين الإخبارية” إنّ مخرجات المؤتمر فيما يتعلق بمكافحة إزالة الغابات “مجرد مبادرات طوعية، غير إلزامية، ولا توفر التمويل اللازم”، ويتابع في شرح معضلة التمويل موضحاً أنه “على الرغم من إطلاق صندوق الغابات الاستوائية إلى الأبد، إلا أنّه قد أُطلق بالفعل من قبل صندوق المناخ الأخضر وصندوق الخسائر والأضرار، لكن التمويل القادم من تلك الصناديق ما زال لا يرقى للطموحات المرجوة”. ويتابع: “يمكن اعتبار الأمر مجرد حبر على ورق طالما لم تتوفر آلية تمويلية طويلة الأجل”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى