ترامب يحول البيت الأبيض لـ«تحفة فرنسية».. هكذا بدا «بيت الشعب» الأمريكي

على سطح البيت الأبيض، حيث لا يقف الرؤساء عادةً، ظهر دونالد ترامب كأنه يستعرض فصلاً جديدًا من رواية المبنى التاريخي.
ففيما كان الرئيس الأمريكي يتحرك فوق المبنى التاريخي بخفة غريبة، يرسم بيديه كرة هواء غير مرئية ويعد بـ«شيء جميل» قادم، كان الصحفيون يرفعون رؤوسهم مذهولين.
لكن تلك اللحظة لم تكن سوى المدخل لعملية إعادة تشكيل جذرية لأكثر المباني رمزًا في الولايات المتحدة، فمنذ أن عاد ترامب إلى المكتب البيضاوي، لم يتردد في هز الجدران، في محاولة لترك بصمة لا تُمحى.
فكيف بدا البيت الأبيض في عهد ترامب؟
بحسب شبكة «إيه بي سي» نيوز الأمريكية، فإن الرئيس دونالد ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، أضاف زخارف، ورمّم، ورصف، وهدم أجزاء مختلفة من هذا المبنى التاريخي الذي قاتل من أجل الفوز به.
في المكتب البيضاوي، باتت الزخارف الذهبية اللامعة تزيّن الجدران المنحنية — ولم يَسلم حتى تاج السقف من التغيير.
ونفى الرئيس الشائعة التي تقول إن هذه الزخارف «جاهزة ومطلية»، قائلاً لفوكس نيوز: «هذا ليس هوم ديبو».

وبحلول منتصف العام، أوفى ترامب بوعده ورصف الحديقة الوردية، التي لطالما استخدمت للمؤتمرات الصحفية وتقديم الجوائز وأحياناً حفلات الزفاف.
وقال ترامب خلال جولة له في المكان: «كل فعالية تُقام هناك تكون الأرض مبللة، والنساء بالكعب العالي يعانين كثيراً».
وأكد أنّ الورود ستبقى. أما العشب؟ فاختفى. واستُبدل بـ«حجر رائع».
لكن التغييرات الأكثر درامية كانت في الطريق، فلطالما تحدّث ترامب عن بناء قاعة احتفالات ضخمة تُحسّن «بيت الشعب».

الموقع المختار كان الجناح الشرقي، الذي بُني عام 1902 ثم خضع لتوسعة كبيرة بعد 40 عاماً.
لكن الجناح كان يعاني في استضافة الحشود الكبيرة، ما اضطر البيت الأبيض لإقامة حفلات العشاء الرسمية غالباً تحت خيام على العشب الجنوبي. ولذا.. هُدم الجناح.
هدم الجناح الشرقي للبيت الأبيض.
قال ترامب سابقاً: «لن يتداخل هذا مع المبنى الحالي. سيكون قريباً منه، لكن من دون أن يلمسه. وسيراعي تماماً المبنى القائم، فأنا أكبر معجبيه. إنه المفضل لدي».
قاعة الاحتفالات العملاقة ستكون بمساحة 8,300 متر مربع — أي ضعف مساحة البيت الأبيض تقريباً — ومن المتوقع أن تستوعب حتى 999 شخصاً.

في البداية، اختير المهندس جيمس ماككري وشركته الصغيرة للإشراف على المشروع — وقد شوهد حتى على السطح مع ترامب، بحسب شبكة «إيه بي سي» نيوز الأمريكية.
لكن هذا الأسبوع أعلن البيت الأبيض العمل مع شركة «شالوم بارانِس أسوسيييتس» وسط تقارير عن توتر بسبب تضخم حجم المشروع وتوسّعه. ومشروع ضخم يعني فاتورة ضخمة.
يقول ترامب إن القاعة ستكلّف 300 مليون دولار، «يدفعها هو وبعض أصدقائه».
ويظهر تصميم القاعة أسقفاً عالية، ونوافذ مقوّسة، وكثيراً من الذهب — في مشهد يشبه إلى حد كبير «قاعة المرايا» في فرساي.
لكن قاعة ترامب ستكون أكبر عشر مرات، وفق المؤرخ الفني روبرت ويلينغتون من الجامعة الوطنية الأسترالية.
يقول: «ترامب معروف بربط الضخامة بالفخامة والنجاح». وأضاف أن الرئيس يقتبس رموز الفخامة لبناء صورته — تجارياً وسياسياً.
فما الذي يدفع ترامب لهذه التغييرات في البيت الأبيض؟
يقول بروس وولب، الباحث في مركز الدراسات الأمريكية: «الإرث.. يريد إرثاً يخلده لأجيال… شيئاً يعرفه الناس ويتذكرونه به”.
بناء جمالي على طريقة ترامب
أسلوب ترامب المميز واضح في كل ممتلكاته العقارية.
عندما افتُتح «برج ترامب» عام 1983، قالت نيويورك تايمز إنه كان «مفاجأة لطيفة: رخام وذهب، دافئ وفخم ومبهج — رغم توقعات بأنه سيكون سخيفاً ومبتذلاً».
وفي «ذا أبرينتس»، كان ترامب يدخل المتسابقين شقته ويقول لهم: «إن كنتم ناجحين، يمكنكم العيش هكذا».
لكن ماري ترامب انتقدت ذوق عمّها في كتابها «كثير جداً وغير كافٍ أبداً»، ووصفت شقته بأنها «باردة وغير منزلية» رغم زخارفها الذهبية.

وفي 1995، حوّل ترامپ منتجع مارالاغو إلى نادٍ حصري للأعضاء، ثم استخدمه لاحقاً كـ«بيت أبيض شتوي».
تقول ماري ترامب إن هناك «خطاً متصلاً» من أول منازل ترامب إلى برجه إلى البيت الأبيض: بيئات مُتحكّم فيها بالكامل، وامتيازات بلا عمل حقيقي.

ويقول وولب إن خلفية ترامب في التطوير العقاري جعلته يرى البيت الأبيض كجزء من شخصيته، وليس مؤسسة عامة.
موعد نهائي يصنع إرثاً
الرؤساء الأمريكيون مقيدون بولايتين فقط، مهما قال ترامب. ويرى وولب أن هذا الموعد النهائي يدفع ترامب لتغيير البيت الأبيض بسرعة. ويضيف: «الوقت يداهمه.. هو يريد أن يترك بصمة كبرى — ليس فقط في السلام أو الاقتصاد، بل في شكل الرئاسة نفسها».

وفي الأشهر الأخيرة، كشف ترامب عن خطط لبناء قوس ضخم على طريقة باريس قرب نصب لنكولن.
يشبه التصميم قوس النصر الفرنسي، لكن بلا تكاليف معلنة أو جدول زمني.
ويرى ويلينغتون أن ترامب لا يستلهم فقط من فرنسا، بل من تقليد طويل يمتد من فنون القرن 17 إلى القرن 19 الأمريكي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




