طاقة خضراء لمستقبل الاتحاد.. الإمارات تقود ثورة الاستدامة

عاماً تلو الآخر، والإمارات تواصل ترسيخ مكانتها لاعباً رئيسياً في منظومة الطاقة العالمية، فهي شريك موثوق نحو مستقبل مستدام.
ومن خلال نهج متوازن يجمع بين تعزيز أمن الطاقة وتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة، في إطار التزامها بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، أصبحت دولة الإمارات في عيد الاتحاد الـ54 مصدراً وجسراً لإمدادات خضراء ومتجددة حول العالم.
قيادة مستقبل الطاقة النظيفة
الاستثمار في الطاقة النظيفة في الإمارات لم يعد خياراً تنموياً فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية تضمن استدامة النمو الاقتصادي، وتجعل من الدولة شريكا أساسياً في صياغة مستقبل الطاقة المستدامة للعالم.
مبكراً، ومنذ سنوات طويلة، كانت الإمارات في طليعة دول العالم التي استكشفت التحديات والفرص التي يفرضها الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة، بما في ذلك الحاجة إلى الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، والتغييرات اللازمة لتحفيز استخدام الطاقة المستدامة، وتحويلها إلى منبع للفرص الاقتصادية.
وفي عام 2006، قامت حكومة الإمارات بتأسيس شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” بهدف البناء على خبرة الدولة والمساهمة في تعزيز ريادتها في قطاع الطاقة العالمي، إلى جانب دعم تنويع الاقتصاد ومصادر الطاقة من أجل بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وتحت قيادة الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي ورئيس مجلس إدارة مصدر، أسهمت “مصدر” على مدار السنوات الماضية بدور مهم في دعم تطوير قطاع الطاقة المتجددة، وتعزيز العمل المناخي، وترسيخ الاستدامة، على المستويين المحلي والعالمي.
وتمضي “مصدر” حاليا بخطوات واثقة نحو تحقيق أهدافها وتعزيز محفظة مشاريعها المنتشرة حول العالم، حيث نجحت الشركة في تحقيق زيادة ملحوظة في إجمالي القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها خلال العامين الماضيين لتفوق 51 غيغاوط.
وقد أشاد خبراء دوليون في قطاع الطاقة برؤية الإمارات الطموحة وخُطواتها الملموسة على أرض الواقع من خلال تنفيذ مشاريع رائدة أرست معايير عالمية في مجال البنية التحتية للطاقة المتجددة والتحول الرقمي لأنظمة الطاقة.
ما يميّز نهج الإمارات هو رؤيتها بعيدة المدى، فمن خلال دمج التقنيات الذكية وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات، تبني الدولة مستقبلا تكون فيه الطاقة أكثر كفاءة وسهولة في الوصول وأكثر شمولية، فالطاقة النظيفة ليست مجرد تحول تقني، بل محفّز لإعادة تصوّر كيف تنمو المدن، وكيف تعمل الصناعات، وكيف تزدهر المجتمعات.
الأكثر جاذبية للاستثمارات الخضراء في المنطقة
في سبتمبر/أيلول 2025، كشفت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات “ضمان”، عن تصدر دولة الإمارات لدول المنطقة كأهم دولة مستثمرة في قطاع الطاقة المتجددة خلال الفترة من يناير/كانون الأول 2003 وحتى ديسمبر/كانون الثاني 2024، وفق عدد المشاريع والتكلفة الاستثمارية وعدد الوظائف بعدد 57 مشروعاً مثلت 16% من الإجمالي (360 مشروعاً أجنبياً)، وبقيمة تجاوزت 88.5 مليار دولار بحصة 25% من الإجمالي (351 مليار دولار)، ووفرت تلك المشاريع أكثر من 16 ألف وظيفة.
استراتيجية وطنية متكاملة لعصر متجدد وذكي
الإمارات تمتلك العناصر الأساسية التي تؤهلها لقيادة عصر جديد يجمع بين الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، فلديها محفظة متنوعة تصنع المستقبل المستدام، من مشاريع رائدة مثل محطات براكة للطاقة النووية، ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية المزود بقدرات تخزين، إضافة إلى شركات مثل G42، والعديد من الشركات العالمية الرائدة والكبرى في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتستند هذه الريادة إلى إطار استراتيجي وطني متكامل، حيث تضمنت رحلة العمل المناخي في قطاع الطاقة الإماراتي للوصول إلى هدف الحياد المناخي في 2050 الكثير من المحطات، ومنها إطلاق استراتيجية الإمارات للطاقة وتحديثاتها وتشغيل محطات براكة للطاقة النووية، وخريطة طريق الريادة للهيدروجين، والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050 وغير ذلك الكثير من الخطوات والسياسات.
وتهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة 3 أضعاف بحلول 2030، وضخ استثمارات وطنية بين 150 إلى 200 مليار درهم خلال نفس الفترة لضمان تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في الدولة بسبب النمو الاقتصادي المتسارع. بالإضافة إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 42%-45% مقارنة بعام 2019، وزيادة القدرة المركبة للطاقة النظيفة إلى 19.8 غيغاواط بحلول 2030، ومضاعفة مساهمة توليد الطاقة النظيفة إلى 32%.
وتتجسد هذه الرؤية الطموحة في محفظة من المشاريع العملاقة، أبرزها “محطة نور أبوظبي”، التي تُعد أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، و”مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية”، الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، كما تم تصميم “مدينة مصدر” لتكون واحدة من أكثر المدن استدامة في العالم، كنموذج للمدن المستقبلية التي تعتمد على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.
ولم تقتصر استثمارات دولة الإمارات على قطاع توليد الطاقة، بل امتدت لتشمل تطوير قطاع تنقل مستدام، حيث تدعم حلول النقل الجماعي النظيفة وتشجع انتشار السيارات الكهربائية؛ ويُعد مترو دبي مثالا بارزا كأحد أكبر مشاريع النقل العام في المنطقة، الذي يساهم بفاعلية في تقليل الازدحام المروري وخفض الانبعاثات الكربونية.
إمدادات خضراء على مدار الساعة
في أكتوبر/تشرين الأول 2025، وضعت دولة الإمارات حجر الأساس لتطوير أول وأكبر مشروع طاقة متجددة من نوعه على مستوى العالم، يجمع بين الطاقة الشمسية ونظام بطاريات التخزين ، ليوفِّر واحد غيغاواط من طاقة الحمل الأساسي النظيفة على مدار الساعة بتعرفة منافسة عالمياً.
ويُشرف على تطوير وتنفيذ المشروع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، بالتعاون مع شركة مياه وكهرباء الإمارات، ويضمُّ المشروع محطة طاقة شمسية كهروضوئية بقدرة 5.2 غيغاواط مزوَّدة بنظام بطاريات لتخزين الطاقة بسعة 19 غيغاواط/ساعة، وهو الأكبر والأكثر تقدُّماً من الناحية التقنية على مستوى العالم.
سيسهم المشروع في تحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة المتجددة، من خلال إيجاد حل لعدم استقرار إمداداتها، وبمجرد دخوله حيز التشغيل، سينتج المشروع، وللمرة الأولى، طاقة حمل أساسي نظيفة وبتعرفة منافسة عالمياً، ما يؤسِّس لمعيار عالمي جديد، ويرسخ مكانة دولة الإمارات الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة. وصُمِّمَ المشروع ليكون نموذجاً قابلاً للتطبيق في أسواق رئيسية أخرى حول العالم لتلبية الطلب المتزايد على مصادر الطاقة النظيفة والموثوقة والمتوفرة على مدار الساعة.
وتصل قيمة الاستثمار في المشروع، الذي يدخل حيّز التشغيل في عام 2027، أكثر من 22 مليار درهم، حيث سيسهم في توفير أكثر من 10000 فرصة عمل، وإقامة منشآت تصنيع جديدة، إضافةً إلى تفادي إطلاق نحو 5.7 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
ويوظِّف المشروع مجموعة من التقنيات المتقدمة التي تشمل تقنيات نموذج محطة الطاقة الافتراضية، وتقنية تشكيل الشبكة وقدرات إعادة التشغيل الذاتي، وتقنيات التنبُّؤ المعزّزة بالذكاء الاصطناعي، ونظاماً ذكياً لتوزيع الطاقة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




