رحلة تأسيس أكبر منصة للعمل الحر.. القصة الكاملة لصعود «مات باري»

من الشائع أن يشير كثيرون إلى مات باري بصفته الرئيس التنفيذي لموقع Freelancer.com، غير أن القليلين يعرفون أنه خسر في بداياته نحو ثلاثين مليون دولار قبل أن ينجح في الوصول إلى القمة.
وتمثل قصة صعوده إلى النجاح ليست سلسلة من الانتصارات السريعة أو ضربة حظ، بل رحلة رجل تعرّض للفشل مرارًا وتكرارًا، واكتسب مزيدًا من الخبرة مع كل خطوة، إلى أن أسّس أحد أكبر أسواق العمل الحر في العالم.
وعندما اشترى باري موقع GetAFreelancer عام 2009 مقابل نحو 2.5 مليون دولار، واجهته مشكلة كبيرة؛ إذ بدا الموقع في حالة سيئة للغاية، وكان يعمل ببطء، ولا يحقق أرباحًا رغم وجود مستخدمين نشطين. وكان من الطبيعي أن ينسحب معظم المستثمرين من مشروع كهذا، لكن باري لم يفعل.
وكانت خطوته الأولى هي إصلاح آلية الربح داخل الموقع. فقد كان لدى GetAFreelancer ميزة تُعرف بـ”العضوية الذهبية”، تتيح للمستخدمين تجاوز دفع العمولات. وكان البعض ينفّذ أعمالًا تُقدَّر بآلاف الدولارات من دون أن تحصل المنصة على أي مقابل.
لذا، ألغى باري هذه الميزة بسرعة، ووضع نظامًا أكثر عدالة يضمن أن تحصل المنصة على نسبة من كل مشروع. ورغم شكاوى المستخدمين، كان باري يدرك أن أي مشروع لا يحقق ربحًا لا يمكن اعتباره مشروعًا حقيقيًا.
وبعد ذلك، بدأ العمل على تجديد التصميم، إذ كان الموقع السابق أشبه بنسخة من بدايات الإنترنت في عام 1999. واستثمر باري أموالًا في تحديث المنصة وجعلها أكثر أناقة وسهولة في الاستخدام، كما انشغل بإصلاح المشكلات التي ظلت متراكمة لسنوات.
وتمكن من تحسين أداة البحث، وابتكار ميزات جديدة تساعد المستقلين على عرض أعمالهم، وتمكن أصحاب المشاريع من الوصول إلى الكفاءات المناسبة بسرعة. وكانت التغييرات تُنفّذ تدريجيًا وبشكل أسبوعي، الأمر الذي أدى إلى تحول جذري في المنصة مع مرور الوقت.
وفي عام 2009، فكّر باري في تغيير اسم GetAFreelancer إلى Freelancer.com، ولم يكن التغيير مجرد إعادة تسمية، بل خطوة استراتيجية لتأكيد مكانة المنصة كلاعب رئيسي في سوق العمل الحر. ودمج باري الموقع الجديد مع عدة منصات أصغر كان قد استحوذ عليها، ما أدى إلى تكوين شبكة أوسع تضم عددًا أكبر من المستخدمين.
وأدى هذا النمو المتسارع إلى زيادة عدد المشاريع، ما جذب المزيد من المستقلين ومن أصحاب العمل، فدخلت المنصة مرحلة من التوسع الذاتي المستمر. وبحلول عام 2013، أصبحت منصة Freelancer.com كبيرة بما يكفي للطرح العام الأولي، فأُدرجت الشركة في بورصة الأوراق المالية الأسترالية برمز ASX: FLN. وتمكن باري من استخدام الأموال التي جُمعت من الطرح العام — والتي بلغت نحو 15 مليون دولار — لتسريع توسع الشركة وتعزيز حضورها العالمي.
كما أسهم الإدراج في البورصة في ترسيخ موثوقية المنصة، لأنها أصبحت مدعومة من مستثمرين عموميين، الأمر الذي رفع من جاذبيتها لدى المستقلين وأصحاب المشاريع على حد سواء. وتشير الأرقام إلى أنه في عام 2015 تجاوز عدد المستخدمين المسجلين على Freelancer.com نحو 15 مليون مستخدم، بينما كان الموقع يحقق إيرادات بملايين الدولارات شهريًا.
واستمر باري في شراء المنافسين الأصغر وضمّهم إلى المنصة، فاستحوذ على موقع Warrior Forum، وهو مجتمع كبير للتسويق الإلكتروني. ومن بين أهم عمليات الاستحواذ كذلك شراء شركة Escrow.com، التي توفر خدمات الدفع الآمن للمعاملات الكبيرة، الأمر الذي عزز ثقة المستخدمين ومنح المنصة ميزة تنافسية قوية. ومع كل عملية استحواذ، كان Freelancer.com يزداد قوة ويصبح أكثر صعوبة على المنافسة.
وحاليًا، تعمل منصة Freelancer.com في أكثر من 247 دولة ومنطقة، وتضم أكثر من 60 مليون مستخدم مسجل. وعلى مدار تاريخها، نُشر أكثر من 23 مليون مشروع عبر المنصة، فيما تجاوزت القيمة الإجمالية للأعمال المنجزة 10 مليارات دولار أمريكي.
ويحقق الموقع أرباحه من خلال فرض عمولات على المشاريع تصل عادة إلى نحو 10% من المستقلين و3% من أصحاب العمل. وإلى جانب ذلك، تقدم الشركة عضويات مميزة تمنح المستخدمين مزايا إضافية، مثل القدرة على التقدم إلى عدد أكبر من المشاريع وتحسين ظهور ملفاتهم الشخصية في نتائج البحث. وتوفر هذه العضويات دخلًا ثابتًا إضافيًا إلى جانب العمولات.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




