اسعار واسواق

وفد «الإيكواس» إلى غينيا بيساو.. 3 سيناريوهات في «اختبار الشرعية»


زيارة وفد منظمة “الإيكواس” إلى غينيا بيساو، رآها خبراء بمثابة لحظة مفصلية للنظام السياسي في غرب القارة السمراء بأسره.

خبراء متخصصون في الساحل الأفريقي اعتبروا في أحاديث مع “العين الإخبارية” أن زيارة الوفد رفيع المستوى من “الإيكواس” (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) إلى غينيا بيساو، التي شهدت انقلابا على النظام الدستوري الأسبوع الماضي، تعد اختباراً حقيقياً لقدرة الكتلة الإقليمية على فرض قواعد الدستور والانتخابات في مواجهة الانقلابات المتكرّرة، ولإعادة الثقة بأن الانتقال الديمقراطي لا يزال خياراً قائمًا، رغم ما شهدته المنطقة من تجارب سابقة فاشلة.

وقال الدكتور ساديكو كويسي الباحث في شؤون الحكم والديمقراطية ومنسق مشروع “استقرار غرب أفريقيا” لـ”العين الإخبارية” إن فرصة “الإيكواس” الأخيرة أمام غينيا بيساو ليست مجرد مبادرة إنقاذ، بل “اختبار شرعية”، موضحا أنه إذا نجحت في فرض عودة المدنية عبر انتخاب شفاف ونزيه، ستكون رسالة قوية إلى كل من يفكر في الانقلاب مستقبلاً”.

وأضاف أن خيار العقوبات قد يكون أكثر فعالية من الحوار مع العسكريين، لأن «الحوار مع من يرفضون الانتخابات لا يؤدي إلا لتأخير الاستحقاقات، ومنح الانقلابيين شرعية غير مكتوبة”.

أسباب الزيارة

وقبل أيام قليلة أطيح بالحكومة المدنية في غينيا بيساو بعد انتخابات شهدت جدلاً واسعاً، وقد أعلن الجيش تعليق نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة انتقالية.

رد “الإيكواس” كان سريعاً وذلك بتعليق عضوية غينيا بيساو في هيئات القرار بالمنظمة، والتعبئة لبعثة وساطة عاجلة لطلب عودة النظام الدستوري فوراً.

وتخشى المنظمة أن يؤدي الصمت أو التراجع إلى تعزيز “عادة الانقلابات” في دول أخرى، لتفقد بذلك قدرتها على ضبط المسار الديمقراطي في غرب أفريقيا.

أجندة وفد “الإيكواس”

من المقرر أن يلتقي الوفد، الذي يضم رؤساء دول وممثلين من عدة دول غربية أفريقية، مع القيادة العسكرية التي استولت على السلطة، ومسؤولين من المعارضة، بمن فيهم مرشح الرئاسة الذي يرفض الانقلاب ويطالب بإعلان نتائج الانتخابات الحقيقية، وممثلي المجتمع المدني والمفكرين والفاعلين السياسيين في غينيا بيساو، للاستماع إلى مطالبهم ومخاوفهم.

وكذلك من المقرر أن يبحث الوفد سبل ضمان عودة حرية التعبير، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وجدول زمني للانتقال إلى حكم مدني.

الخيارات المطروحة

ورأى ساديكو كويسي أن الوفد أمام عدة بدائل واضحة، من بينها إعادة الانتقال إلى الشرعية الانتخابية، بإعلان نتائج الانتخابات الرسمية وإعادة الاعتراف بها، ومن ثم تنظيم جولة تكميلية أو انتخابات جديدة.

وأوضح أن الخيار الثاني فرض عقوبات دولية وإقليمية على الانقلابيين في حال رفضوا التراجع: تشمل تجميد الأصول، حظر سفر، وعزل دبلوماسي.

وأشار إلى أنه من بين الخيارات المطروحة التفاوض على حكومة انتقالية تضم مدنيين ومعارضة مع ضمانات أمنية وسياسية، كحل وسط لتفادي فراغ مؤسساتي.

ورأى أن الخيار الأخير هو التخلي المؤقت عن غينيا بيساو، إذا رفض العسكريون التعاون، ما يعني انسحاب “الإيكواس”.

حساسية دور “الإيكواس”

واعتبر الباحث السياسي أن دور “الإيكواس” الآن في غينيا بيساو حساس للغاية، لأسباب عدة وهي أن المنظمة تواجه اختباراً لقدرتها على فرض قواعد ديمقراطية في وجه الانقلابات، خصوصاً بعد خروج دول مثل النيجر ومالي وبوركينافاسو من نطاق التأثير.

ورأى أن أي فشل في غينيا بيساو يعني انتكاسة كبيرة لسمعتها كضامن للاستقرار في غرب أفريقيا.

ولفت إلى أنه يمكن أن يرى البعض تدخل الإيكواس كمعيار لتصرفات الانقلابات المقبلة، فإذا نجحت، يقل احتمال انقلابات؛ وإذا فشلت، قد ترتفع وتتكاثر.

مخاوف الإيكواس

وحذرت الكتلة الإقليمية من أن السماح بانقلاب جديد دون عقاب يعادل شرعنة الانقلابات.

وتصر الإيكواس على استعادة الدستور، حيث إن كل يوم يمرّ دون حل يعمق الشكوك حول جدّيتها ويشجع أطرافاً أخرى على المحاولة.

بدورها، قالت مارياما بانجورا الباحثة في العلاقات الدولية والأمن الأفريقي بمركز “ستيب أبيدجان” لـ”العين الإخبارية” إن الرهان ليس فقط على الإيكواس، بل على إرادة الشعب في غينيا بيساو.

وأوضحت أن إطلاق العنان للاحتجاج السلمي، وضغط المجتمع المدني، ومتابعة الشفافية الدولية كلها مفاتيح لحماية أي اتفاق، فبدون مشاركة المواطنين، أي توافق “يبقى هشا”.

وحذرت من أن خروج منظمة الإيكواس ضعيفة سيكرّس شعوراً باليأس السياسي ويفتح الباب أمام تحولات غير مسبوقة، تشمل تحالفات مع قوى خارج غرب أفريقيا، وربما تحول غينيا بيساو إلى أحد مراكز النفوذ الموازية.

كما رأت أن زيارة وفد الإيكواس إلى بيساو تمثل اليوم فرصة حاسمة، فإما أن تُصان الديمقراطية في بلدٍ آخر من غرب أفريقيا، أو أن تُصاغ مرحلة جديدة من العنف السياسي، تضع المنظمة الإقليمية أمام مسار حسم، بين أن تبقى مرجعاً للشرعية، أو تُصبح جزءاً من تاريخٍ ماضٍ من التنازلات.

سيناريوهات ما بعد الزيارة

ورسمت الباحثة ٣ سيناريوهات محتملة لنتائج الزيارة المحتملة، وهي الاستجابة المحدودة من العسكريين عبر قبول نشر النتائج وبدء حوار مشروط، وهو السيناريو الأكثر واقعية، أما السيناريو الثاني فهو مواجهة سياسية قد تتطور إلى عقوبات وعزلة، وربما طرد بيساو من هياكل المنظمة كما حصل مع النيجر.

والسيناريو الثالث، وفقا للباحثة هو انفراج جزئي يقبل خلاله الإنقلابيون بتقصير الفترة الانتقالية، مع احتفاظهم بقدر من النفوذ داخل الحكومة.

هل تنجح الإيكواس؟

ورأت أن قدرة الإيكواس على النجاح تعتمد على مدى استعداد العسكريين للتراجع، وعلى موازين القوى الداخلية بين الفاعلين السياسيين، وعلى وحدة موقف دول المنظمة نفسها.

لكن المؤشرات الحالية تُظهر أن بيساو قد تسلك أحد طريقين إما العودة التدريجية للمسار الدستوري تحت ضغط إقليمي ودولي، أو تكرار سيناريو مالي وبوركينا والنيجر عبر الدخول في مواجهة مفتوحة مع المنظمة ورفض شروطها، وفقا لبانجورا.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى