ماكرون يشعل الجدل بمبادرة «الخدمة العسكرية».. إلزامية أم تطوعية؟

عاد الجدل حول الخدمة العسكرية في فرنسا، في ظل تحديات جيوسياسية جمة، بعد نحو 30 عاماً على تعليق الخدمة الإلزامية في البلاد.
ويتقاطع الجدل مع اقتراب إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن إطلاق خدمة وطنية عسكرية جديدة، وصفها بأنها “تطوعية”.
وحرص الرئيس الفرنسي على طمأنة الرأي العام بالتأكيد أن هذا المشروع لا يعني “إرسال شباب فرنسا إلى جبهة القتال في أوكرانيا”، بل يهدف إلى تعزيز العلاقة بين الجيش والأمة وترسيخ ثقافة الدفاع والجاهزية الوطنية.
صيغة لم تحسم بعد
ومن المرتقب أن يعلن ماكرون عن تفاصيل هذا المشروع خلال خطاب رسمي في موقع عسكري، غير أن طبيعة القرار لا تزال غير محسومة بشكل نهائي.
إذ ما زالت مشاورات قصر الإليزيه جارية حول شكل هذا الخدمة الوطنية الطوعية، وما إذا كانت تحتاج إلى إطار قانوني خاص، إضافة إلى عدد الشباب المعنيين بها وشروط الالتحاق، بحسب صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية.
لكن تزامن هذا التوجه مع تصريحات مثيرة للقلق أطلقها رئيس أركان الجيش الجنرال فابيان مندون، دعا فيها البلاد إلى الاستعداد “لتقديم التضحيات”، فتح الباب أمام تساؤلات عن مدى ارتباط المشروع بالسياق الجيوسياسي المتوتر والحرب في أوكرانيا.
وكان الرئيس ماكرون قد طرح فكرة إرساء خدمة عسكرية تطوعية لأول مرة في 13 يوليو/تموز الماضي، أمام جمع من كبار القادة العسكريين.
والثلاثاء، أكد الرئيس الفرنسي، في مقابلة مع إذاعة “إر.تي.إف” الفرنسية، “تحويل الخدمة الوطنية الشاملة إلى صيغة جديدة”.
وتابع: “من الواضح جداً أننا بحاجة إلى تعزيز الميثاق بين الجيش والأمة”، مضيفاً: “في وقت تتخذ فيه الحروب طابعاً هجيناً، يصبح من الضروري أن يفهم أكبر عدد ممكن من مواطنينا طبيعة جيوشنا وكيف تعمل، وأن يشاركوا في قوة الاحتياط التي أنشأناها، والتي تعد مهمة جداً لأنها تزوّد جيوشنا بكفاءات نوعية”.
قبل أن يتحدث عن ضرورة “إزالة أي التباس يوحي بإمكانية إرسال شبابنا إلى أوكرانيا”، مؤكداً: “هذا ليس على الإطلاق الهدف من هذه المبادرة”.
تعليق وتجارب دول مجاورة
وفي حين حافظت دول اسكندنافية ودول البلطيق القريبة من روسيا، على الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعادت العمل بها في السنوات الأخيرة، علّقت فرنسا نظام التجنيد الإجباري منذ عام 1997.
الأكثر من ذلك، لفت رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فابيان مندون، لتغير مواقف دول أوروبية من التجنيد في الفترة الأخيرة، وقال إن “العديد من الدول الأوروبية المجاورة تعيد حالياً إدخال خدمة وطنية”، معتبراً أن هذا التوجه يشكل “عنصراً يستحق التأمل بالنسبة لفرنسا”.
فيما يرى أوليفييه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن العودة إلى الخدمة العسكرية قد تشكل “عنصراً من عناصر الردع”، لكنه يشكك في فاعلية الصيغة التطوعية، معتبراً أنها لن تحقق نفس مستوى الانصهار الاجتماعي الذي كانت الخدمة الإلزامية تنتجه سابقاً.
مشروع الخدمة الوطنية العسكرية الذي يستعد ماكرون لإعلانه يعكس تحولاً في العقيدة الأمنية الفرنسية، لكنه يثير جدلا بين الحاجة إلى رفع مستوى الجاهزية وتعزيز الوعي الدفاعي لدى الشباب، وبين القلق الشعبي من الانجرار إلى صراعات خارجية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




