أوروبا على أعتاب ظهور أول عملاق تكنولوجي بقيمة تريليون دولار (حوار)
أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي أنطوان بيرجود، الباحث في الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، أن القارة العجوز تعيش اليوم “نقطة انعطاف حقيقية” بعد ثلاث سنوات من الركود التكنولوجي.
وشدد الخبير الفرنسي على أن عام 2025 يمثل بداية صحوة أوروبية حقيقية في قطاع التكنولوجيا، وليس مجرد تحسن عابر.
وبينما تعيش أوروبا صحوة تكنولوجية طال انتظارها، ومع اقتراب بروز أول شركة تكنولوجية أوروبية عملاقة قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار، يتساءل الخبراء: هل يستيقظ العملاق الأوروبي أخيرًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي؟
وقال بيرجود في حوار خاص مع “العين الإخبارية”: “الذكاء الاصطناعي أعاد للأوروبيين الإحساس بامتلاك فرصة تاريخية”، مضيفًا أن موجة إنشاء الشركات العملاقة الناشئة، أو ما يعرف بـ”اليونيكورن”، تعكس عودة قوية للثقة الاستثمارية عبر القارة.
وأشار إلى أن أوروبا “تسابق الزمن للحاق بالولايات المتحدة والصين” في معركة السيطرة على التقنيات الاستراتيجية، محذرًا من أن “التنظيم المفرط سيقتل الابتكار، وغياب القواعد سيقتل الثقة؛ النجاح يتطلب ذكاءً سياسيًا لا يقل عن الذكاء الاصطناعي”.
وكشف بيرجود أن الاتحاد الأوروبي بات “أقرب من أي وقت مضى” لرؤية أول شركة تكنولوجية أوروبية تتجاوز قيمتها تريليون دولار دولار خلال السنوات المقبلة، لكنه رهن ذلك بقدرة القارة على تجاوز مشاكلها المزمنة، مثل تشظي الأسواق، وضعف التمويل المتقدم، وهجرة الكفاءات.
بعد ثلاث سنوات وصفها كثيرون بالقاتمة، هل يمكن القول إن 2025 هي سنة انطلاقة التكنولوجيا الأوروبية؟
نعم، يمكننا الحديث عن نقطة انعطاف حقيقية. فعلى الرغم من أن حجم التمويل لم يقفز بشكل دراماتيكي، 44 مليار دولار هذا العام مقابل 43 مليار في 2023، إلا أن ما يحدث داخل النظام الأوروبي أعمق بكثير من مجرد الأرقام. ولدينا الآن 28 شركة جديدة انضمت إلى نادي “اليونيكورن” في عام 2025، وهو رقم كبير جدًا مقارنة بالعام السابق. إجمالًا، وصل العدد إلى 413 شركة، ما يعكس عودة الثقة لدى المستثمرين الأوروبيين.
لماذا تتحدثون كثيرًا عن “الصحوة الأوروبية المتأخرة”؟ هل نحن أمام بداية سباق أم محاولة للحاق بالركب؟
نحن أمام محاولة قوية للحاق بالركب، لكنها أكثر جدية من كل المحاولات السابقة. الولايات المتحدة تقود السباق، والصين حوّلت الذكاء الاصطناعي إلى مسألة سيادة وطنية، بينما أوروبا كانت حتى 2022–2023 تعيش في نقاشات تنظيمية أكثر منها صناعية. اليوم، هناك تغير نفسي وسياسي واقتصادي؛ الحكومات الأوروبية أدركت أن ترك المجال بالكامل للأمريكيين والصينيين سيحول القارة إلى مستعمرة رقمية، والشركات الأوروبية فهمت أن عليها أن تستثمر بجرأة وليس بحذر دائم.
هل ستتمكن أوروبا فعلاً من خلق شركة تكنولوجية عملاقة بقيمة تريليون دولار؟
نحن أقرب إلى ذلك من أي وقت مضى. قبل ثلاث سنوات، كان هذا مجرد حلم إعلامي. اليوم، لدينا 5 شركات مرشحة للوصول إلى هذا المستوى خلال 5 إلى 7 سنوات، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي الصناعي، والحوسبة الكمية، وتقنيات المناخ، والأدوية المبرمجة بالذكاء الاصطناعي. الشرط الأساسي هو أن يحافظ الاتحاد الأوروبي على توازن صعب بين التنظيم (لحماية الخصوصية) والتمكين الصناعي (للسماح بالنمو السريع).
كيف غير الذكاء الاصطناعي المزاج العام داخل الشركات والمستثمرين الأوروبيين؟
أعاد الذكاء الاصطناعي للأوروبيين الإحساس بوجود فرصة تاريخية. في 2022 و2023، كان المستثمرون خائفين من التضخم، والركود، والانهيارات، وفقاعات التكنولوجيا. لكن مع طفرة الذكاء الاصطناعي، عاد المستثمرون لتمويل المشاريع، وبدأت الجامعات الأوروبية تستعيد علماء هاجروا، وأصبحت الشركات التقليدية — الطاقة، السيارات، اللوجستيك — تعتبر الذكاء الاصطناعي ضرورة وجودية وليس رفاهًا.
ما أبرز العقبات التي تعرقل ولادة عمالقة تكنولوجيين أوروبيين؟
هناك ثلاث عقبات رئيسية: الانقسام الأوروبي، فلدينا 27 دولة، 27 سوقًا، و27 إطارًا تشريعيًا مختلفًا. ضعف التمويل الضخم للتوسع العالمي، وهجرة العقول، تجعل المنافسة صعبة مقارنة بسوق واحدة عملاقة مثل الولايات المتحدة.
إذا كنت مستشارًا للاتحاد الأوروبي، ما أول خطوة لتسريع الثورة التكنولوجية؟
إنشاء صندوق سيادي أوروبي بقيمة 300 مليار يورو لتمويل الذكاء الاصطناعي والصناعات المستقبلية، فالخطة الأمريكية CHIPS وخطة الصين الخماسية تُظهر أن أوروبا بحاجة إلى تحرك ملموس وليس نقاشات فقط.
هل أنتم متفائلون بمستقبل التكنولوجيا الأوروبية؟
نعم، لكن التفاؤل مشروط. لدينا العقول، والجامعات، والشركات القادرة. وما ينقصنا هو سياسة تكنولوجية أوروبية موحدة وواضحة، وإذا تحقق ذلك، سنشهد أول شركة أوروبية بقيمة تريليون دولار خلال عقد من الزمن، وستظل أوروبا سوقًا ضخمة للآخرين… وليس مجرد مستهلك للتكنولوجيا.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز
