اسعار واسواق

الرقائق الذكية.. كيف شقّ الشقيقان «تشين» طريقهما إلى قمة الصناعة؟


قبل عقد من الزمن، لم يكن الشقيقان تشين يونجي وتشين تيانشي سوى باحثين شابين في أحد أكثر البرامج العلمية نخبوية في الصين.

وهذا البرنامج يعرف بـ “فصل العباقرة الشباب”. واليوم، أصبحا في صدارة المشهد التكنولوجي بصفتهما مؤسسي شركة «كامبريكون»، التي توصف بأنها المرشح الأوفر حظًا لتكون «إنفيديا الصين» وسط سباق عالمي محموم لتطوير معالجات الذكاء الاصطناعي.

ووفقا لتقرير نشره موقع “في ان اكسبريس”، فقد شهدت أسهم الشركة ارتفاعًا هائلًا في السنوات الأخيرة، ما دفع بثروة تيانشي، الذي يمتلك نحو 29% من أسهمها، إلى 24.1 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق تقديرات مجلة “فورتشن”. وهذا الازدهار يعكس قناعةً متزايدة بأن «كامبريكون» باتت منافسًا جديًا لشركة إنفيديا الأمريكية داخل السوق الصينية، رغم أن عمر الشركة لا يتجاوز تسع سنوات.

بدايات من المختبرات 

ونشأ الأخوان في نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي، لأسرة تجمع بين الهندسة والتعليم. وبعد انضمامهما إلى الأكاديمية الصينية للعلوم، عملا في معهد تكنولوجيا الحوسبة، حيث ركّز يونجي على أشباه الموصلات فيما تخصص تيانشي في الذكاء الاصطناعي. وفي عام 2010 تقريبًا، شرعا في دراسة فكرة دمج المعالجات مع خوارزميات التعلم العميق وهي رؤية سبقت موجة الذكاء الاصطناعي الحالية.

وفي عام 2014، حصد بحثٌ مشترك بينهما جائزة مرموقة في مؤتمر ASPLOS، مما فتح الطريق لتأسيس فريق بحثي صغير قاده الشقيقان داخل مختبر ضيق لا تتجاوز مساحته 30 مترًا مربعًا. وهناك، طورا أول نموذج أولي لمعالج مخصص للتعلم العميق، وأطلقا عليه اسم «كامبريكون» استلهامًا من العصر الكمبري، الذي شهد طفرة تطورية كبرى.

وفي عام 2016، تحوّل المشروع البحثي إلى شركة ناشئة بدعم من الأكاديمية، فتولى تيانشي منصب الرئيس التنفيذي، بينما صار يونجي كبير العلماء. وكانت «هواوي» أول عملاء الشركة، ما منحها دفعة ضرورية نحو السوق.

صعود سريع… ونتائج مالية لافتة

ودخلت الشركة البورصة عام 2020 عبر سوق «ستار» في شنغهاي، وقفزت أسهمها يوم الإدراج بنسبة 230%. وبعد سنوات من الإنفاق المكثف على البحث والتطوير، سجلت أول أرباح فصلية في الربع الأخير من 2024 بقيمة 272 مليون يوان. أما في 2025، فقفزت إيراداتها في الربع الثالث إلى 1.73 مليار يوان، مع أرباح بلغت 567 مليون يوان، مقارنة بخسائر كبيرة في العام السابق.

وتتوقع الشركة أن تصل إيراداتها السنوية إلى ما بين 5 و7 مليارات يوان، في حين ترجّح توقعات «غولدمان ساكس» أن تتجاوز 13.8 مليار يوان العام المقبل، وأن ترتفع حصتها من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين من 3% حاليًا إلى 11% بحلول 2028.

ورغم النجاحات، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد أشار يونجي إلى خلافات شديدة بين الشقيقين وصلت ذات مرة إلى شجار جسدي. كما واجها في البداية تشكيكًا واسعًا من الصناعة، بل عجزا عن الحصول على منحة بحثية بقيمة 200 ألف يوان لمواصلة عملهما.

وجاءت الضربة الأقسى عام 2019، حين توقفت «هواوي» عن استخدام رقائق «كامبريكون» في هواتفها، مما سحب نحو 98% من إيرادات الشركة. لكن الشقيقين حوّلا الأزمة إلى فرصة، فانتقلا إلى تصميم معالجات مخصصة للحوسبة السحابية -وهو السوق نفسه الذي تتنافس فيه هواوي نفسها.

وبحلول نهاية 2024، نجحت الشركة في تحسين توافق رقائقها مع البرمجيات المبنية على منظومة إنفيديا، بالتعاون مع «بايت دانس»، ما عزز الطلب عليها. وتشير مصادر داخلية إلى أن الشركة تكافح اليوم لتلبية الطلب، فيما يعمل شريك التصنيع «SMIC» على توسيع الإنتاج.

نحو مستقبل أكثر طموحًا

ورغم انضمام «كامبريكون» إلى القائمة السوداء الأمريكية عام 2022 -ما يحدّ من حصولها على التقنيات المتقدمة- يرى كثير من المستثمرين أنها قد تكون الورقة الرابحة في استراتيجية بكين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وكما يقول تيانشي، فإن الشركة «تحمل مهمة عصرها» وتسعى إلى أن تكون حجر الأساس في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصينية -وربما منافسها الأكبر للعمالقة العالميين.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى