العريان يحذّر المستثمرين من «فقاعة» الذكاء الاصطناعي.. حوادث ائتمانية

أطلق الخبير الاقتصادي البارز محمد العريان تحذيرا جديدا يعكس تعقيدات المشهد الاقتصادي العالمي.
وقال العريان إن النظام المالي العالمي ما يزال متماسكًا، إلا أن المستثمرين ينبغي أن يستعدوا لوقوع خسائر فردية كبيرة داخل قطاع الذكاء الاصطناعي، إلى جانب ما وصفه بـ«حوادث ائتمانية» مرشّحة للزيادة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح العريان، وهو يتولى حاليا منصب رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج والمستشار الاقتصادي لمجموعة أليانز، أن ما يواجهه الاقتصاد العالمي حاليًا يشبه انتشار «الصراصير» وليس «النمل الأبيض». فالصراصير – وفق تعبيره – تمثل حوادث متكررة وغير مريحة لكنها لا تهدد بنية النظام، على عكس النمل الأبيض الذي يقوّض الأسس ويهدد السلامة الكلية. ومن هنا، يرى العريان أن احتمالات حدوث صدمة نظامية كبيرة ضعيفة، لكن حوادث الائتمان العشوائية ستتزايد.
وخلال مشاركته في مؤتمر Yahoo! Finance Invest، أشار العريان إلى أن شهية المستثمرين للمخاطرة اتسعت بشكل مبالغ فيه خلال السنوات الماضية، مدفوعة بظروف مالية سهلة واقتصاد قوي، مما جعل البعض يتجاوز قدرته على التقييم والقيام بالتحقق اللازم قبل ضخ الأموال. وأضاف أن هذا السلوك يُعد بيئة مثالية لظهور خسائر فردية مؤلمة.
“فقاعة عقلانية”
وفي تحليله للطفرة الهائلة في الذكاء الاصطناعي، كشف العريان أنه عمل مع الحائز على نوبل مايكل سبنس على تقييم هذا التحول. وخلص الاثنان إلى أن ما يشهده العالم هو «فقاعة عقلانية»؛ إذ إن القيمة الإجمالية التي يخلقها القطاع كبيرة بما يكفي لتبرير «الاستثمار المفرط» بطريقة تشبه منهج رأس المال المغامر. لكن هذا لا يلغي الجانب المظلم: فهناك من سيبكي، وهناك شركات لن تنجو.
ورأى العريان أن بعض جوانب هذه الفقاعة تشبه فترة «دوت كوم» مطلع الألفية، عندما كانت الشركات تضيف مسمى «إنترنت» لجذب التمويل، وهو ما يتكرر اليوم مع شعار «الذكاء الاصطناعي». وأشار إلى أن شركات النماذج الأساسية تجتذب تمويلات ضخمة، لكن ليس جميعها قادرًا على تحقيق النجاح.
واعتبر العريان أن نقطة الضعف الرئيسة في المشهد الأمريكي هي غياب سياسة واضحة لتسريع «انتشار» الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل، وهو ما يميز دولًا مثل الصين والإمارات. وقال إن النجاح في نشر التكنولوجيا داخل المؤسسات بشكل منظم هو المفتاح لتحقيق المكاسب الاقتصادية المتوقعة، وإلا فإن الوعود الكبيرة قد لا تتحقق.
كما انتقد النظرة السائدة لدى كثير من الشركات الأمريكية تجاه الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة لخفض التكاليف فقط. وأكد أن القيمة الحقيقية تكمن في تعزيز قدرات العمالة وتحقيق طفرة إنتاجية، الأمر الذي قد يسمح بسياسات نقدية أكثر مرونة في المستقبل إذا تم تنفيذه بالشكل الصحيح.
تحديان
إلى جانب ذلك، سلّط العريان الضوء على تحديين قد يشكلان ضغطًا كبيرًا: أولًا، الحاجة إلى إعادة تمويل كمّ هائل من الديون بأسعار فائدة مرتفعة، وثانيًا، الضغوط المتصاعدة على الشرائح الأقل دخلاً، حيث يعاني المستهلكون من ضعف القدرة على تحمل تكاليف المعيشة، وارتفاع مستويات الدين، بما في ذلك البطاقات الائتمانية المثقلة.
وأضاف أن حالة عدم اليقين بشأن الدخول المستقبلية – وسط تسارع عمليات التسريح وفق تقارير «تشالنجر، غراي آند كريسماس» وتغيرات سوق العمل المدفوعة بالذكاء الاصطناعي – تزيد من القلق لدى هذه الفئات. وحذّر من أن توقف هذه الشريحة عن الإنفاق، سواء اضطرارًا أو بسبب استنزاف قدرتها، سيؤثر على قطاعات أوسع من الاقتصاد، بما في ذلك الشرائح الأعلى دخلاً.
واختتم العريان بدعوة صريحة لصنّاع السياسات: المستقبل سيُحسم عند أطراف التوزيع لا في وسطه. ففي عالم يتغير بنيويًا ويتسم بالتشظي، لم يعد ممكناً الاعتماد على الافتراضات التقليدية أو القراءة القائمة على التوزيع الطبيعي. وعلى القادة أن يدركوا أنهم يتحركون في عالم متعدد الأوضاع والمسارات، وأن تجاهل هذا الواقع سيجعلهم عرضة للمفاجآت غير السارة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




