اسعار واسواق

تفجيرا الهند وباكستان.. «تصعيد خفي» يعيد عقارب التوتر إلى الوراء


تفجيران متزامنان في قلب عاصمتي الهند وباكستان، رفعا منسوب القلق في جنوب آسيا الذي يعاني من هشاشة أمنية، وسط مخاوف من انهيار وقف إطلاق النار بين الجارتين النوويتين وانزلاقهما نحو مواجهة جديدة.

بدأت الأحداث بتفجير سيارة مفخخة في العاصمة الهندية نيو دلهي يوم الإثنين الماضي مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 أشخاص وإصابة نحو 20 آخرين، في حادث وصفته الحكومة بأنه “عمل إرهابي جبان” من قبل “قوى معادية للأمة”.

وأعلنت الحكومة فتح تحقيق موسع تحت قوانين مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن تحديد هوية المنفذين ومموليهم ستتم “بأقصى سرعة ومهنية”.

وفي ظل ضغط شعبي للرد بحزم، شدد بيان لمجلس الوزراء برئاسة ناريندرا مودي على أن الهدف هو ضمان تقديم الجناة للعدالة دون تأخير.

وبعد أقل من 24 ساعة، هز تفجير انتحاري أمام محكمة محلية العاصمة الباكستانية إسلام أباد وأدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة 27 آخرين.

الانفجار قالت عنه السلطات المحلية إنه استهدف رجال الأمن والمدنيين قرب مبنى المحكمة، واعتبرته من أكثر الهجمات دموية في العاصمة خلال السنوات الأخيرة.

صدمة مزدوجة

وشكل الهجومان صدمة مزدوجة، خاصة وأنه من النادر وقوع تفجيرات بهذا الحجم داخل العاصمتين في ظل تمتعهما بإجراءات أمنية مشددة ومراقبة دائمة.

ويرى محللون أن استهداف نيودلهي وإسلام أباد مباشرة يشير إلى تصعيد نوعي من الجماعات المسلحة، في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات على أكثر من جبهة سواء بين الهند وباكستان أو بين باكستان وأفغانستان.

ويؤكد الخبراء أن هذه التطورات تأتي في لحظة شديدة الحساسية بعد توصل الهند وباكستان في وقت سابق من العام إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد تصاعد العنف في إقليم كشمير إثر هجوم إرهابي أودى بحياة 26 شخصًا في أبريل/نيسان الماضي حيث اتهمت نيودلهي آنذاك إسلام أباد بدعم المسلحين، وهو ما نفته الأخيرة قبل أن تندلع مواجهات محدودة خلفت عشرات القتلى.

وعلى عكس مواقفها السابقة، لم توجه الهند هذه المرة اتهامًا مباشرًا إلى باكستان، في حين سارع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى اتهام “وكلاء إرهاب هنود” بالوقوف وراء تفجير إسلام أباد وهو ما اعتبرته نيودلهي “اتهامات باطلة تهدف إلى صرف أنظار الشعب الباكستاني عن الأزمة السياسية الداخلية والهيمنة العسكرية المتزايدة”.

وضع هش

ووصف تشيتيغ باجبي المحلل السياسي في مركز تشاتام هاوس الوضع بأنه “هش للغاية”، قائلا: “المنطقة تصعد تدريجيًا على سلم التصعيد، لكن امتلاك الطرفين للسلاح النووي يجعل كليهما أكثر حذرًا في تفادي الانزلاق إلى حرب شاملة”.

ويرى المراقبون أن نيودلهي تتعامل هذه المرة بحذر شديد، لتجنّب تكرار ردود الفعل السريعة التي أدت في الماضي إلى تصعيد خطير مع باكستان.

وقال الدبلوماسي الهندي السابق راجيف دوغرا، إن بلاده “تأمل أن تثبت باكستان ألا علاقة لها بالأمر، لأن أي دليل عكس ذلك سيعيد المنطقة إلى مربع المواجهة”.

من جانب آخر، اتهمت باكستان، أفغانستان بدعم التفجير في إسلام أباد. وقال وزير الداخلية محسن نقوي إن منفذي العملية “من أصول أفغانية ويتبعون عناصر مدعومة من الهند ومن وكلاء طالبان الأفغانية”، مشيرًا بشكل محدد إلى حركة “طالبان باكستان”.

لكن حركة طالبان الأفغانية نفت هذه الاتهامات، بينما أعلنت فصائل منشقة عن “طالبان باكستان” مسؤوليتها عن الهجوم قبل أن يتراجع أحد قادتها عن البيان، وهو ما زاد المشهد غموضًا.

المشكلة الكبرى

وأشار الباحث والتر لادويغ من جامعة كينغز كوليدج في لندن، إلى أن “المشكلة الكبرى هي غياب أي حوار أمني إقليمي حقيقي بين الهند وباكستان وأفغانستان”.

وأوضح أن انعدام التنسيق الاستخباراتي يؤدي إلى تفسير كل حادث على أنه مؤامرة دولة ضد أخرى، بدلا من النظر إليه كمشكلة تطرف عابر للحدود.

ومنذ عودة طالبان إلى حكم أفغانستان عام 2021، تصاعدت الهجمات على الحدود الغربية لباكستان، وتدهورت العلاقات بين البلدين بعد اشتباكات دامية الشهر الماضي أودت بحياة عشرات العسكريين والمدنيين ولم تحقق محاولات الوساطة في قطر وتركيا أي تقدم.

ويحذر الخبراء من أن استمرار دوامة العنف المتبادل دون تعاون استخباراتي بين الدول الثلاث سيؤدي إلى “انهيار شامل للأمن الإقليمي”، لكن “الإبقاء على قنوات الاتصال الاستخبارية السرية” قد يمنع انزلاق المنطقة إلى أزمة مفتوحة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى