اسعار واسواق

قبل انطلاق COP30.. تقرير «فجوة التكيف 2025» يفجر حقائق صادمة (حوار)


قبل انطلاق COP30، كشفت المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للمناخ والصحة (GCHA) في حوار لـ”العين الإخبارية” مفاجآت صادمة، عن مدى التزام دول العالم بوعودها لحماية الناس من تداعيات أزمة المناخ.

يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، صدر “تقرير فجوة التكيف للعام 2025: نفاد الموارد” عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، والذي أعطى بعض النتائج المقلقة حول اتساع فجوة تمويل التكيف، بمقدار يتراوح بين 284 و339 مليار دولار؛ إذ يُقدر التقرير حاجة الدول النامية لنحو 310 مليار دولار سنويًا بحلول العام 2035 من أجل دعم التكيف المناخي، لكن عند أخذ المساهمات المحددة وطنيًا وخطط التكيف الوطنية بعين الاعتبار؛ فذلك الرقم يرتفع إلى 365 مليار دولار سنويًا.

تقول الدكتورة “جيني ميللر” (Jeni Miller)، المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للمناخ والصحة (GCHA) في حوارها مع «العين الإخبارية»: “بعد عقد من اتفاق باريس، وفي العام الأكثر حسمًا لمفاوضات المناخ العالمية، يُمثل هذا التقرير جرس إنذار مُقلق للغاية. فهو يُظهر أن وعود العالم بحماية الناس من الآثار المُتفاقمة لأزمة المناخ لا تزال بعيدة المنال بشكل خطير”.

معضلة التكيف

يندرج “الهدف العالمي للتكيف” (GGA) في المادة رقم 7 من اتفاق باريس، والغرض منه تعزيز القدرة على التكيف وتحمل آثار التغيرات المناخية؛ لكن تحقيق تقدم في ملف التكيف المناخي -بصفة عامة- استغرق سنوات طويلة، يرجع هذا لعدة أسباب تتراوح بين الاختلاف بين المفاوضين وتغطية التمويل اللازم لدعم خطط التكيف، كما واجه الخبراء تحديات وصعوبات على مدار عامين لتضييق نطاق قائمة المؤشرات البالغ عددها ما يقرب من 10 آلاف مؤشر، تلك المؤشرات ضرورية لقياس مدى التقدم في تحقيق خطط التكيف وتتبع حالة وفعالية الإجراءات المتخذة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، وفي اجتماع بون للعام 2025، استطاع الخبراء تحديد 100 مؤشرًا، ومن المنتظر اعتمادها خلال فعاليات “مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية في دورته الثلاثين” (COP30)، والذي تستضيفه بيليم بالبرازيل في الفترة ما بين 10 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2025.

بالفعل، ظهر اهتمام رئاسة البرازيل في أثناء اجتماع بون 2025 بشأن التكيف المناخي، وفي سلسلة من الرسائل المفتوحة، قال “ندريه كوريا دو لاغو”، الرئيس المعين لـ”COP30” أنّ “التكيف لم يعد خيارًا”، وأشار إلى أنّ “هناك فرصة سانحة لتحديد إطار عمل متين لتتبع التقدم الجماعي في مجال التكيف”.

وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة “جيني ميللر” لـ”العين الإخبارية”: “إن فجوة تمويل التكيف الهائلة في البلدان النامية، الأقل مسؤوليةً والأكثر عُرضةً لصدمات المناخ، تُقوّض قدرتها على الاستعداد للكوارث والحد من شدة آثارها على مُجتمعاتها”.

تحدي التمويل

أشار تقرير فجوة التمويل للعام 2023 إلى وجود فجوة في تمويل التكيف تتراوح بين 194 إلى 366 مليار دولار، وقتها كانت الدول النامية تتلقى تمويلًا مقداره 26 مليار دولار، بينما بلغت تدفقات التمويل عام 2022 تمويلًا مقداره 28 مليار دولار. وهذا يعني انخفاض تدريجي في تدفقات تمويل التكيف، ما ترك الفجوة تتسع حتى تراوحت بين 284 و339 مليار دولار عام 2025. وهناك تحدٍ بصورة عامة في عملية التمويل نفسها؛ إذ خرج هدف جماعي كمي جديد (NCQG) من COP29 يُقدر بنحو 300 مليار دولار سنويًا بحلول العام 2035. علمًا بأنّ التمويل المناخي يشمل العديد من القطاعات منها تمويل التكيف؛ أي أنّ التمويل المناخي المُتفق عليه في باكو ليس كافيًا على الإطلاق.

وفي هذا الصدد، يقول “جيفري تشي” ( Jeffrey Qi)، مستشار السياسات في المعهد الدولي للتنمية المستدامة (IISD) لـ”العين الإخبارية”: “إن ضمان تخصيص الدول النامية للموارد المتاحة بكفاءة واستراتيجية، من أجل توفير المزيد من التمويل، سيكون أمرًا أساسيًا في معالجة فجوة تمويل التكيف الهائلة عمليًا. في نهاية المطاف، يتطلب سد فجوة التكيف أكثر من مجرد زيادة حجم التمويل. إنه يتطلب تخطيطًا أذكى، وتنسيقًا أفضل، وضمان استخدام التمويل لتحقيق نتائج فعالة وعادلة”.

تُعلق “كنزي عزمي”، مديرة الحملات في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على “تقرير فجوة التكيف للعام 2025: نفاد الموارد”، قائلة لـ”العين الإخبارية” أنّ التقرير “يُبرز فشلًا هيكليًا مُستمرًا في حوكمة المناخ العالمية؛ إذ لا يزال تمويل التكيف للدول النامية غير كافٍ بشكلٍ صارخ مقارنةً بالاحتياجات، حيث يتدفق 26 مليار دولار أمريكي سنويًا، في حين تُقدّر احتياجاته بأكثر من 310 مليارات دولار أمريكي، مما يجعل احتياجات تمويل التكيف في دول الجنوب العالمي أكبر بـ 12-14 مرة من تدفقات التمويل الحالية”.

وتُضيف عزمي: “تعكس هذه الفجوة الآخذة في الاتساع مخاطر التمويل والديون الحرجة، بما في ذلك الاعتماد المتزايد على القروض التي تُهدد القدرة على تحمل التكاليف والإنصاف على المدى الطويل. كما تُعيق فجوات السياسات والحوكمة – مثل خطط التكيف الوطنية القديمة وعدم اكتمال دمج التكيف في استراتيجيات التنمية الأوسع – العمل الفعّال”.

من جانبها، ترى ميللر أنّ المشكلة ليست نقصًا في الأموال “بل هي نقص في الإرادة السياسية وسوء ترتيب الأولويات”. وتوضح: “تُقدّم الحكومات سنويًا حوالي 1.3 تريليون دولار أمريكي كدعم مباشر لصناعة الوقود الأحفوري، وهي المحرك الرئيسي لهذه الأزمة. إن إعادة توجيه ولو جزء بسيط من هذه الأموال نحو الصحة والحماية الاجتماعية والبنية التحتية القادرة على الصمود من شأنه أن يُقوّي المجتمعات في مواجهة الآثار المتصاعدة لتغير المناخ ويحمي الأرواح”.

جهد منسق

وهناك حاجة لتقديم دعم مكثف من أجل سد فجوة التكيف؛ إذ تقول “كنزي عزمي” لـ”العين الإخبارية”: “يتطلب سدّ هذه الفجوة جهدًا عالميًا مُنسّقًا لتعزيز أطر الحوكمة، وضمان قيادة محلية للتكيف وتحقيق العدالة الاجتماعية. وبينما يُوصي التقرير أيضًا بزيادة التمويل المُيسّر، فإننا نُضيف إلى ذلك ضرورة أن يكون التمويل قائمًا على المنح فقط، لأن التمويل المُيسّر لا يُخفف أعباء الديون تمامًا، بل يُفاقمها. تتطلب المساءلة أيضًا محاسبة القطاع الخاص – يشير التقرير إلى أن الإمكانات التمويلية لمساهمة القطاع الخاص تبلغ حوالي 50 مليار دولار أمريكي سنويًا. نحن لا نطلب صدقة، بل نطالب بمحاسبة عادلة من الدول والشركات الملوثة تاريخيًا والتي تسببت في أزمة المناخ”.

من جانبه، يرى “جيفري تشي” أنه من الناحية العملية “علينا أيضًا أن ندرك أن التمويل الدولي العام وحده لن يكفي لسد فجوة تمويل التكيف. إن إشراك القطاع الخاص وتعبئة الموارد المحلية، أو استخدام الميزانيات المحلية الممولة من الضرائب والرسوم وغيرها من الإيرادات، ضروري لسد هذه الفجوة جزئيًا. ويمكن تحقيق ذلك من خلال دمج التكيف في الميزانيات الوطنية، وإعادة توجيه الدعم غير الفعال والضار بالبيئة، وتطبيق ممارسات التخطيط المالي القادر على التكيف مع تغير المناخ”. بحسب تصريحاته الخاصة للعين الإخبارية.

مأساة تواجهها الصحة

تتابع ميللر حديثها مع “العين الإخبارية”، موضحة ضرورة دعم تمويل التكيف؛ خاصة وأنّ قطاع الصحة في أشد الحاجة إليه؛ إذ تقول: “في قطاع الصحة، تُعاني نُظم الرعاية الصحية، التي تعاني من شُحّ الموارد في البلدان المُعرّضة للخطر، من الانهيار بالفعل في ظلّ الظواهر الجوية المُتطرفة. فعندما تضرب الفيضانات أو موجات الحر أو الأعاصير، تُدمّر العيادات، وتنهار سلاسل الإمداد، وتفقد المُجتمعات إمكانية الحصول على الرعاية الصحية تحديدًا عندما تكون في أمسّ الحاجة إليها”.

وتتابع: “يُعدّ تمويل التكيف ضروريًا لجعل أنظمة الرعاية الصحية نفسها أكثر مرونة، ولتعزيز العديد من الأنظمة الأخرى – المياه والصرف الصحي، والنقل، والطاقة، والغذاء – الضرورية لصحة الناس، ولأداء أنظمة الرعاية الصحية نفسها”. وتتابع: “يُترجم هذا النقص في التمويل مباشرةً إلى موارد أقل لبناء أنظمة صحية قادرة على التكيف مع تغير المناخ، مما يُترك الملايين بدون خدمات أساسية. وسيكون لهذا تأثيرٌ مُتتالي وسيُقوّض التقدم في التنمية البشرية”.

أولويات

أشار التقرير أيضًا إلى أنه على الرغم من عدم تحقيق تقدم كافٍ لسد فجوة التكيف، إلا أنّ هناك العديد من البلدان التي اتبعت سياسات واستراتيجيات وخطط وطنية دعمت قضية التكيف، وبالفعل، شهدت العديد من البلدان تحسنًا ملحوظًا في دمج التكيف في التخطيط الإنمائي الوطني الأوسع. ونُفذ ما يزيد عن 1600 إجراء تكيّف في مجالات الزراعة والمياه والبنية التحتية والتنوع البيولوجي. وفي عام 2024، ارتفع دعم مشاريع التكيف إلى ما يقرب من 920 مليون دولار.

ومن جانبه يقول “جيفري تشي” لـ”العين الإخبارية”: “إن تحديد أولويات تدابير التكيف يضمن تخصيص الموارد المالية والبشرية المحدودة للإجراءات الأكثر إلحاحًا وتأثيرًا لتعظيم فوائد جهود التكيف. تُعد عملية التخطيط الوطني للتكيف بالغة الأهمية، إذ يمكنها مساعدة الحكومات على تحديد ومعالجة الأولويات متوسطة وطويلة الأجل المتعلقة بالتكيف وبناء القدرة على الصمود. كما أنها تُعطي إشارة واضحة للمانحين والمساهمين والقطاع الخاص حول المجالات الأكثر حاجة للتمويل والأكثر تأثيرًا. كما أن تحديد تكاليف التكيف بدقة وشفافية أمر بالغ الأهمية لفهم الاحتياجات المالية لتنفيذ أولويات التكيف وتأمين الموارد اللازمة”.

ويختتم “تشي”، حديثه لـ”العين الإخبارية”: “ومع ذلك، مع تفاقم حدة آثار المناخ، ينبغي على الدول النامية وحلفائها، في المفاوضات الدولية، كما هو الحال في مؤتمر الأطراف الثلاثين في البرازيل، مواصلة الضغط لضمان الالتزام بتوفير وتعبئة تمويل مناخي سهل المنال وقابل للتنبؤ وعالي الجودة”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى