اسعار واسواق

حكومة تونس تنفرد بقرار زيادة الأجور لأول مرة منذ السبعينات.. هل همشت «اتحاد الشغل»؟


تتجه السلطات التونسية إلى صرف زيادات في الأجور لموظفي القطاعين الحكومي والخاص دون إجراء مفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد).

وقد أدرجت الحكومة ضمن مشروع قانون المالية لعام 2026 الذي أُحيل إلى البرلمان بندًا يتعلق بالزيادات في الرواتب وجرايات المتقاعدين (المعاشات) لسنوات 2026 و2027 و2028، سيتم تحديد قيمتها بموجب أمر حكومي يصدر بعد المصادقة على قانون الموازنة ودخوله حيّز التنفيذ مطلع العام المقبل.

ويرى خبراء أنه لأول مرة منذ سبعينات القرن الماضي، سيتم الترفيع (زيادة) في الأجور دون إجراء مفاوضات مع النقابة العمالية، خلافًا لما جرت عليه العادة في جولات المفاوضات الاجتماعية السابقة.

ومنذ توقيع اتفاق الزيادة في أجور الموظفين في سبتمبر/أيلول 2022، أغلقت الحكومة باب المطالب أمام النقابات، كما علّقت تنفيذ اتفاقيات ذات مفعول مالي.

وكانت الحكومة التونسية قد توصلت حينها إلى اتفاق مع الاتحاد العام للشغل لزيادة أجور القطاع العام بنسبة 3.5%، يغطي سنوات 2023 و2024 و2025.

مشكلة قانونية

وقال سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل  لـ”العين الإخبارية” إن التنصيص صلب مشروع قانون المالية للسنة المقبلة على زيادة في الأجور على مدى 3 سنوات دون مفاوضات يمثل مشكلة قانونيًة، حيث تنص مجلة الشغل على أن الزيادة تتم بمفاوضات ثلاثية أو ثنائية.

وأفاد بأن تونس أمضت على اتفاقيات دولية تتعلق بالمفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي، لافتًا إلى أن الزيادة يجب أن تكون مجزية وخاضعة لمعطيات اقتصادية واضحة.

وأكد أن “أي زيادة في الأجور لا تتم بمفاوضات تصبح منّة ولا يحصل عليها أي إجماع مهما كانت قيمتها”.

واعتبر الطاهري أن تونس وقعت على اتفاقيات دولية تتعلق بالمفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي، لافتًا إلى أن الزيادة يجب أن تكون مجزية وخاضعة لمعطيات اقتصادية واضحة.

وانتقد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة قائلًا إنه لا يختلف عن سابقيه، ويتضمن الكثير من الأداءات، وفراغًا ماليًا يبلغ 11 مليار دينار (3.75 مليار دولار) سنبحث عن سده من خلال القروض.

موعد تطبيق قرار زيادة الأجور في تونس

من جهة أخرى، قال معز المانسي الخبير الاقتصادي لـ”العين الإخبارية” إن “إقرار زيادة في الأجور في القطاعين العام والخاص لا يعني أن الموظفين سيجدون الزيادة بداية من يناير/كانون الثاني 2026”.

وأفاد بأن “إقرار الزيادة في الأجور لا يجب أن يكون دون المفاوضات الاجتماعية”، موضحًا أن جولات المفاوضات الاجتماعية، التي تُعقد كل ثلاث سنوات، استمرت منذ عام 1972، تاريخ توقيع الاتحاد العام التونسي للشغل أول اتفاق إطاري مع الاتحاد العام للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل).

وأوضح أن إقرار زيادات في الرواتب من دون مفاوضات اجتماعية يُعد سابقة في تاريخ العمل النقابي في تونس.

تحجيم النقابات في تونس

من جانب آخر، قال علي القلعي الباحث في الشأن النقابي إن تاريخ تأسيس اتحاد الشغل يعود إلى أربعينيات القرن الماضي بقيادة المناضل فرحات حشاد، ومنذ نشأته لم يكن بعيدًا عن الشأن السياسي عبر دخوله في مختلف المحطات التي عاشتها تونس كفاعل اجتماعي أساسي.

وأكد لـ”العين الإخبارية” أن التوجه نحو إلغاء المفاوضات الاجتماعية وتفرّد السلطة بقرار زيادة الرواتب يعد فصلًا جديدًا من تحجيم الدور الاجتماعي للنقابات، وهو سابقة في تاريخ العمل النقابي.

ودعا إلى فتح قنوات الحوار مع الاتحاد، معتبرًا أن “كل المجتمعات لا تخلو من هياكل مهنية ونقابات ومنظمات في مختلف المجالات، خاصة وأن مبدأ التفاوض والدفاع عن حقوق العمال من مسؤولية النقابات وليس السلطة السياسية.”

وبلغت قيمة الموازنة المقترحة من الحكومة، التي بدأ البرلمان مناقشتها مؤخرًا، 63 مليار دينار (20.42 مليار دولار) بتراجع قدره 14 مليار دينار (4.54 مليار دولار) مقارنة بموازنة العام الحالي التي بلغت 77 مليار دينار (24.96 مليار دولار).

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى