رئيس وزراء فرنسا على حبل التوازنات البرلمانية.. لا مجال للخطأ

يعتقد باحثون سياسيون فرنسيون أن نجاة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو، من تصويت حجب الثقة لم يكن انتصارا مريحا بل بداية مرحلة شاقة من المساومات.
ويواجه لوكورنو الآن برلمانًا منقسمًا واستحقاقات اقتصادية كبرى في ظل نقاش حاد حول مشروع الموازنة لعام 2026.
مهلة محفوفة بالتحديات
كما اعتبر الخبراء أن ما حدث في الجمعية الوطنية لا يمنح الحكومة شرعية جديدة بقدر ما يمنحها مهلة قصيرة محفوفة بالتحديات.
ونجت حكومة لوكورنو من السقوط بفارق 18 صوتًا فقط، بعد أن امتنع معظم النواب الاشتراكيين عن التصويت، ما أنقذ الحكومة من حجب الثقة.
وبينما تنفس لوكورنو الصعداء مغادرًا الجمعية الوطنية باتجاه رئاسة الوزراء بدا واضحًا أن التهديد لم يختفِ، بل تأجل فقط إلى معركة جديدة ستدور داخل أروقة البرلمان حول قانون المالية الذي سيحدد توجهات السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.
ورغم أن هذا التصويت أتاح للحكومة الحفاظ على قدر من الاستقرار المؤسساتي، إلا أن لوكورنو يدرك أن الأغلبية البرلمانية ليست في جيبه، وأن أي تصعيد من المعارضة، أقصي اليسار الراديكالي أو أقصي اليمين قد يعيد الأزمة إلى المربع الأول في أي لحظة.
هدنة سياسية هشة
بدوره، قال أوليفييه روا أستاذ العلوم السياسية في معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا لـ”العين الإخبارية” إن ما حدث ليس نصرًا بقدر ما هو هدنة سياسية هشة: “ما نراه اليوم هو نظام سياسي يعيش على حافة التوازن. لوكورنو لم ينتصر، بل تفادى الانفجار. نجاته بفارق 18 صوتًا تكشف أن الائتلاف الحاكم يفتقر إلى قاعدة متماسكة، وأن أي مفاوضات مالية مقبلة ستتحول إلى معركة مفتوحة بين الحكومة والبرلمان”.
وأضاف: “إن التحدي الحقيقي لا يكمن في تمرير الموازنة فحسب، بل في استعادة الثقة بين السلطة التنفيذية والنواب. ففرنسا تمر بمرحلة إنهاك سياسي بعد أعوام من الإصلاحات المثيرة للجدل، وأي خطأ في إدارة هذا الملف قد يؤدي إلى شلل حكومي جديد أو إلى تصاعد الدعوات لحلّ البرلمان”.
واعتبر روا أن لوكورنو “يعتمد الآن على الوقت أكثر من الدعم”، وأن “الهدوء النسبي الذي يعيشه قصر ماتينيون هو سكون ما قبل عاصفة سياسية قادمة”.
من جانبه، قال دومينيك مويسي الباحث الفرنسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية لـ”العين الإخبارية أن الموقف الحالي بأنه “نجاة في الشكل وهشاشة في الجوهر”.
وأضاف أن “لوكورنو يمثل جيلًا من رؤساء الوزراء الذين يحاولون إدارة الحكم من دون أغلبية حقيقية، في ظل تعددية سياسية غير مسبوقة. هذه النتيجة تمنحه وقتًا قصيرًا للتحرك، لكنها لا توفر له الحماية من الانقسامات العميقة داخل الساحة السياسية الفرنسية”.
وأوضح مويسي أن رئيس الوزراء “سيواجه في الأيام المقبلة معارضة أكثر صلابة خلال مناقشات الموازنة، خصوصًا أن الأحزاب اليسارية تعتبر أنها فوّتت فرصة إسقاط الحكومة، ولن تكرّر ترددها”.
وتابع: “في حال فشل لوكورنو في تمرير الموازنة دون استخدام المادة 49.3 من الدستور، فإنه سيقضي على ما تبقى من الثقة بين الحكومة والبرلمان، وسيتحول النقاش المالي إلى معركة شرعية سياسية. ومع ذلك، ما زال أمامه فرصة لإثبات أنه قادر على إعادة التوازن بين ضبط العجز المالي والاستجابة للمطالب الاجتماعية، شريطة أن يختار الحوار بدل المواجهة”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز