اسعار واسواق

حكومة «لوكورنو الثانية» بفرنسا.. سيناريوهات النجاة والسقوط


كل السيناريوهات واردة فيما يتعلق بحكومة سيباستيان لوكورنو الثانية بفرنسا، فقد تنجو بـ«مناورة سياسية» وقد تسقط بـ«ضربة برلمانية».

سيناريوهات تفرض نفسها في ظل مخاوف من أن تستخدم كتل برلمانية التصويت على الموازنة ذريعة للتصويت على إقالة الحكومة، ما قد يغرق فرنسا أكثر في مستنقع سياسي.

وبعد إعلان تشكيلته الحكومية مساء الأحد، طرح لوكورنو الثلاثاء سياسته العامة أمام النواب في ما شكل اختبارا حاسما له وللرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي خطابه، طلب لوكورنو من البرلمان عدم استخدام التصويت على الموازنة ذريعة للتصويت على إقالة حكومته.

وقال “لم تعد هناك أي ذريعة لحجب الثقة عن الحكومة”.

وكان لوكورنو يخاطب المشرعين لتوضيح أولوياته المتعلقة بالموازنة على أمل تفادي خسارة التصويت بحجب الثقة، معلنا عدم استخدام نصوص دستورية تسمح بتمرير القوانين دون تصويت، وهو مطلب رئيسي لكتل بعينها في البرلمان.

الأكثر من ذلك، أعلن لوكورنو تعليق إصلاح نظام التقاعد الصادر عام 2023 والذي يثير سخط فئات واسعة في البلاد، وهو شرط أساسي يطالب به الاشتراكيون لتجنب إسقاط الحكومة.

في خطابه حول السياسة العامة، أعلن لوكورنو أنه سيقترح على البرلمان تعليق إصلاح نظام التقاعد “حتى الانتخابات الرئاسية” المقبلة المقررة في العام 2027.

ويأتي ذلك وسط تساؤلات عن قدرته على تجنب حجب الثقة الذي وعدت به المعارضة، باستثناء الحزب الاشتراكي.

«لا للمقامرة»

وطرح خبراء سياسيون ودستوريون فرنسيون سيناريوهات محتملة للحكومة الفرنسية في ظل الأجواء السياسية المشتعلة، بعضها ضعيف، وبعضها مطروح بدرجة مقبولة، لكن خطاب لوكورنو غير كثيرا من الأمور. 

وسبق أن أعلن حزبا “التجمع الوطني” (أقصى اليمين) و”فرنسا المتمردة” (لافرانس أنسوميز/ يسار راديكالي) نيتهما رسمياً لحجب الثقة عن حكومة لوكورنو الثانية.

وفي الواقع، عقد أول مجلس الوزراء في تمام الساعة 10 صباحاً من يوم أمس، اجتماعا في الإليزيه، حيث عرضت الحكومة مشروعي الميزانية للدولة وللضمان الاجتماعي، ليرسلا في الوقت المناسب إلى البرلمان، بحسب الإذاعة الفرنسية.

وفي مواجهة خطر سقوط الحكومة التنفيذية، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون، يوم الإثنين، القوى السياسية إلى “العمل من أجل الاستقرار” وليس “المقامرة بعدم الاستقرار”.

وقال ماكرون إن “القوى السياسية التي لعبت على زعزعة استقرار لوكورنو هي الوحيدة المسؤولة عن هذا الفوضى”.

النجاة بـ«مناورة دستورية»

في هذا السياق، ترى الخبيرة الدستورية الفرنسية آن شارلينا بينزينا أن حجب الثقة في النظام الفرنسي ليس بالأمر الهيّن، مشيرة إلى أن دستور عام 1958 صُمم خصيصاً لمنع إسقاط الحكومات بسهولة.

وتقول بينزينا، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إنه “في ظل الجمهورية الخامسة، ليس كل حجب ثقة ناجح بالضرورة، بل الأمر محكوم برهانات سياسية دقيقة. نجاح المعارضة يتطلب أغلبية مطلقة لجميع النواب وليس فقط من الحاضرين”.

ووفق الخبيرة، فإن “التهديد بالسقوط بحد ذاته قد يُستخدم ورقة ضغط تفاوضية، فالحكومة قد تستميل بعض النواب المترددين لتجنب الفراغ السياسي أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة”.

وهذا السيناريو وهو النجاة التكتيكية، وفق الخبيرة.، يبدو الأقرب في حال استطاعت الحكومة كسب دعم جزئي من الكتل الوسطية أو المستقلة.

“السقوط الموجّه”

أما أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون البرلمانية برونو كورتييه، فيعتقد أن المعركة لا تقتصر على قاعة البرلمان فقط، بل تمتد إلى ساحة الرأي العام والإعلام، حيث يسعى كل طرف لترسيخ صورته كمدافع عن الاستقرار أو كصوت للمحاسبة.

ويقول كورتييه لـ”العين الإخبارية”، إن “الهوية السياسية والتحالفات الحقيقية هي التي تحدد مصير الحكومة، والمعركة الحقيقية تكمن في القدرة على حشد أصوات غير ثابتة، أي النواب الذين قد يتأرجحون بين تأييد الحكومة أو المعارضة”.

وبالنسبة له، فإن المعارضة تواجه صعوبات مزدوجة، أولها أن بعض الكتل لا ترغب بإدخال البلاد في فراغ سياسي، وثانيها أن إسقاط الحكومة لا يضمن قيام أغلبية بديلة قادرة على الحكم.

ويشير إلى أنه “حتى إن نجحت المعارضة في التصويت على حجب الثقة، فإن الحكومة قد تستمر بصيغة جديدة — عبر استقالة جزئية أو تعديل وزاري، أو قد يختار الرئيس حل الجمعية الوطنية بدلاً من تعيين حكومة بديلة”.

ويصف كورتييه هذا السيناريو بـ”السقوط الموجه”، أي أن الحكومة قد تتغيّر شكلياً دون تغيير حقيقي في السلطة التنفيذية.

فراغ أم بقاء؟

وفي حال فشل البرلمان في التوصل إلى توافق بعد حجب الثقة، يبرز سيناريو ثالث يعتبره الخبراء الأكثر خطورة على الاستقرار السياسي الفرنسي: أن يلجأ الرئيس ماكرون إلى حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.

ويحذر المراقبون من أن هذا الخيار قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستقطاب السياسي، وربما يعيد رسم الخريطة الحزبية الفرنسية بالكامل.

ومن بين هذه السيناريوهات المتعددة، يبدو سيناريو “النجاة التكتيكية” الأقرب للحدوث، إذ يمكن أن تنجو الحكومة، بعد خطاب لوكورنو أمام البرلمان، والذي شمل عدة إجراءات منها التراجع عن نظام التقاعد وفرض ضرائب على الأغنياء والشركات التي تحقق أرباحا كبيرة على حساب العاملين، وخفض عجز الموازنة إلى 4,7%” من الناتج المحلي الإجمالي، واللجوء إلى المناقشات البرلمانية في الملفات المهمة. 

إذ أعلن الحزب الاشتراكي بعد الخطاب، قبوله “المناقشة البرلمانية” بدلا من حجب الثقة عن حكومة لوكورنو، وتُعدّ أصواته حاسمة لتجنب إسقاطها، ما يرجح، وفق فرانس 24، نجاة الحكومة الجديدة من تصويت الثقة. 

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى