اسعار واسواق

«تجارة الموت».. حرب غزة تعيد رسم خريطة تجارة السلاح العالمية


تُظهر البيانات الحديثة أن تصاعد النزاعات في الشرق الأوسط، وعلى رأسها حرب غزة، لا يقتصر أثره على الجوانب الإنسانية أو السياسية فحسب، بل يمتد عميقًا إلى ميادين الاقتصاد والدفاع.

ففي عالمٍ مضطرب، أصبحت تجارة السلاح مؤشرًا مباشرًا على موازين القوى العالمية، ومجالًا تنافسيًا يتفاعل بسرعة مع تحولات الصراع وتزايد التهديدات الأمنية.

ومع استمرار الحرب في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشهد تجارة السلاح العالمية تحولات جوهرية، أبرزها الارتفاع الكبير في صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى مستويات غير مسبوقة، مدفوعة بزيادة الطلب الخارجي، ولا سيما من الدول الأوروبية، في انعكاس واضح لتأثير الحرب على خريطة تجارة الأسلحة الدولية.

وبحسب بيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية، بلغت قيمة صادرات الصناعات الدفاعية لعام 2024 ما بين 14.8 و15 مليار دولار، وهو رقم قياسي جديد يعكس نموًا بنسبة 13% مقارنة بعام 2023. وتشمل الصادرات أنظمة الدفاع الجوي والرادارات والتقنيات السيبرانية، إلى جانب تكنولوجيا متقدمة أثبتت فعاليتها في ساحات القتال، وعلى رأسها منظومة “القبة الحديدية”.

وفي ظل تزايد القلق الأمني في أوروبا، ارتفعت حصة القارة العجوز من واردات الأسلحة الإسرائيلية لتصل إلى 54% من إجمالي صادرات إسرائيل الدفاعية في عام 2024، مقارنة بنحو 35% فقط في العام السابق.

ووقعت عدة دول أوروبية، من بينها ألمانيا ورومانيا، صفقات دفاعية ضخمة مع إسرائيل لتزويدها بأنظمة متطورة في مجالات الرصد والاعتراض الجوي.

ويرى مراقبون أن الاستخدام الفعلي والمكثف لهذه الأنظمة خلال حرب غزة، والمواجهة المستمرة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، شكّل عامل جذب رئيسيًا للمشترين الدوليين الذين يبحثون عن حلول دفاعية “مجربة ميدانيًا” أثبتت فاعليتها في بيئة قتال حقيقية.

وأشار تقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) إلى أن الشركات الدفاعية الكبرى، خصوصًا في الشرق الأوسط، سجلت نموًا ملحوظًا في الإيرادات خلال عام 2023، وهو اتجاه يُتوقع أن يستمر خلال 2024 نتيجة تصاعد النزاعات الإقليمية، وفي مقدمتها حرب غزة.

ولفت التقرير إلى أن إسرائيل تحتل المرتبة الثامنة عالميًا بين الدول المصدّرة للسلاح، بحصة تقارب 3.1% من السوق العالمية، فيما تستحوذ الهند وحدها على نحو ثلث الصادرات الدفاعية الإسرائيلية، تليها عدة دول أوروبية.

ورغم أن حرب غزة لعبت دورًا محوريًا في دفع صادرات السلاح الإسرائيلية إلى الصعود، إلا أن الخبراء يشيرون إلى عوامل إضافية أسهمت في هذا الاتجاه، من أبرزها تراجع صادرات روسيا بسبب الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية، إلى جانب زيادة الاستثمارات الدفاعية عالميًا لمواجهة التهديدات العابرة للحدود.

وفي السياق ذاته، تسعى الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، إلى توظيف صادراتها الدفاعية كأداة لتعزيز التحالفات السياسية والعسكرية، وهو النهج ذاته الذي تتبناه إسرائيل بشكل متزايد، من خلال توسيع شبكة شراكاتها الدفاعية في أوروبا وآسيا، بما يمنحها حضورًا أوسع في موازين القوى الإقليمية والدولية.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى