اسعار واسواق

عام على انتخابات الرئاسة.. هل أنهت تونس نفوذ الإخوان؟


عام مر على الانتخابات الرئاسية التي أسفرت فوز قيس سعيد بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تبدو تونس أمام مشهد سياسي تتراجع فيه جماعة الإخوان تدريجياً عن واجهة التأثير والقرار، بعد عقد كامل من الحضور المهيمن في مفاصل الدولة.

تلك الانتخابات لم تخلُ من تشويش إخواني؛ إذ سعت الجماعة إلى الطعن في المسار الانتخابي، عبر حملات تشويه ودعوات للمقاطعة، مدعيةً أنّ الانتخابات غير ديمقراطية وأنّ سعيد لن يُجريها في موعدها.

وبعد 6 سنوات على تولي الرئيس قيس سعيد الحكم عام 2019، تمكن من تخليص البلاد من الاضطرابات السياسية ومن هيمنة الإخوان على مؤسسات الدولة، وسط إجماع سياسي على أنّ البلاد نجحت في العبور إلى برّ الأمان.

ويرى مراقبون أن العام الأول من الولاية الثانية للرئيس قيس سعيد اتسم باليقظة الأمنية واستمرار مسار المحاسبة في القضايا التي تدين جماعة الإخوان وحلفاءها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل تغيّر النفوذ الإخواني بشكل جذري، أم أن بعض ملامحه لا تزال قائمة؟

يقظة أمنية ومحاسبة 

وفي هذا الإطار قال الناشط السياسي نبيل غواري، المساند لمسار 25 يوليو/تموز (تاريخ الإطاحة بحكم الإخوان في 25 يوليو/تموز 2021)، إنّ هذا العام تميز بتكثيف الجهود الأمنية لتضييق الخناق على التنظيم الذي يحاول باستمرار بث الفوضى في الداخل ونشر الفتنة.

وأضاف في حديث لـ«العين الإخبارية» أنّ «تونس واصلت تصديها لمحاولات إعادة إنتاج الإخوان وعملائهم»، مشيراً إلى أنّ «الرئيس قيس سعيد وجّه في أكثر من مناسبة اتهامات صريحة للجماعة بالوقوف وراء حملات مدفوعة تهدف إلى تأجيج الأوضاع في الداخل».

وأكد أنّ «البلاد نجحت في إفشال مخططات الإخوان التي اعتمدت على بث الشائعات وتوظيف صفحات إلكترونية للتشكيك في مؤسسات الدولة وافتعال الأزمات، خصوصاً بعد فشل الجماعة في تحقيق أي تعبئة شعبية في التحركات الاحتجاجية التي دعت إليها».

استقرار سياسي واقتصادي

من جانبه، قال الناشط السياسي عبد القادر الكريمي إنّ تونس تمكنت سياسياً واقتصادياً من تجاوز الأزمات التي كانت تمر بها، مؤكداً أنّ عام 2025 شكّل امتداداً لمسار المحاسبة القضائية ضد قيادات الإخوان وحلفائهم.

وأوضح لـ«العين الإخبارية» أنّ هذا العام شهد صدور أحكام نهائية في قضايا بارزة مثل «التسفير إلى بؤر التوتر» و«التخابر» و«التآمر على أمن الدولة»، مشيراً إلى أنّ هذه الأحكام مثّلت «النهاية الفعلية» لتنظيم الإخوان الذي أفسد الحياة السياسية بين عامي 2011 و2021.

وأضاف أنّ تونس نجحت أمنياً في القضاء على الإرهاب من خلال خطط استباقية جعلت عام 2025 خالياً من أي تهديدات، كما تمكنت من تحسين الوضع الاقتصادي وكبح التضخم ورفع نسب النمو.

ولفت إلى أنّ الحكومة أعلنت حزمة إجراءات اجتماعية مهمة، منها إنهاء نظام المناولة في القطاع العام، وإدماج الأساتذة النواب في الوظيفة العمومية، وزيادات في الحد الأدنى للأجور والمعاشات، فضلاً عن التفكير في إنشاء صندوق لتعويض العاطلين عن العمل.

مسار المحاسبة القضائية

في يوليو/تموز 2025، قضت محكمة تونسية بالسجن 14 عاماً على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في ما يعرف إعلامياً بقضية «التآمر على أمن الدولة 2»، والمتعلقة بمحاولة اغتيال الرئيس قيس سعيد، إلى جانب 20 متهماً آخرين بينهم شخصيات سياسية وأمنية بارزة صدرت بحقهم أحكام تراوحت بين 12 و35 عاماً.

ومن بين المتهمين القيادي في حركة النهضة حبيب اللوز، والمدير العام السابق للمخابرات محرز الزواري، ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، والمديرة السابقة للديوان الرئاسي نادية عكاشة، والقيادي الإخواني رفيق بوشلاكة، وآخرون.

وفي مايو/أيار 2025، أصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن تراوحت بين 18 و36 سنة بحق قيادات من حركة النهضة ومسؤولين سابقين بوزارة الداخلية في قضية «تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر».

وشملت الأحكام وزير الداخلية الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة علي العريض (34 سنة)، وعضو الحركة نور الدين قندوز (36 سنة)، وهشام السعدي (36 سنة)، ولطفي الهمامي (28 سنة)، والمشرف السري على جهاز الحركة عبد الكريم العبيدي (26 سنة)، وفتحي البلدي (26 سنة)، وسيف الدين الرايس (24 سنة)، وسامي الشعار (18 سنة).

وفي أبريل/نيسان 2025، قضت محكمة تونسية بالسجن النافذ ما بين 13 و66 عاماً على نحو 40 متهماً في القضية المعروفة إعلامياً بـ«التآمر على أمن الدولة 1»، بينهم قيادات بارزة من الإخوان مثل نور الدين البحيري (43 سنة)، وعبد الحميد الجلاصي (13 سنة)، وعصام الشابي وجوهر بن مبارك (18 سنة لكل منهما).

وفي فبراير/شباط 2025، أصدر القضاء التونسي أحكاماً جديدة بالسجن في قضية «أنستالينغو» المتعلقة بالتخابر لصالح حركة النهضة، شملت راشد الغنوشي (22 سنة)، وصهره رفيق عبد السلام (34 سنة)، وابنته سمية (25 سنة)، وابنه معاذ (35 سنة).

كما صدرت أحكام ضد قيادات أخرى من بينها السيد الفرجاني (13 سنة)، ورئيس المخابرات السابق لزهر لونقو (15 سنة)، والإعلامية شهرزاد عكاشة (27 سنة)، إضافة إلى مؤسسي شركة «أنستالينغو» وعدد من الإعلاميين والمدونين.

وشملت الأحكام أيضاً مصادرة أملاك المتهمين.

وتُتهم شركة «أنستالينغو» بالتورط في إنتاج محتوى رقمي هدفه التأثير في الرأي العام وزعزعة الأمن القومي لصالح حركة النهضة الإخوانية خلال سنوات حكمها.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى