«فيليغران».. شركة فرنسية تشعل ثورة الأمن السيبراني بـ100 مليون يورو

في إنجاز غير مسبوق في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني بفرنسا، تمكنت شركة Filigran الناشئة من تحقيق أكبر جولة تمويل في تاريخ الشركات الفرنسية العاملة في هذا القطاع، بعد أن جمعت ما يزيد على 100 مليون يورو خلال ثلاث سنوات فقط من تأسيسها.
وقالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن هذا الحدث يعكس المكانة التي باتت تحتلها الشركة على الصعيدين الفرنسي والدولي، خصوصاً بعد دخولها في شراكات مع مؤسسات عالمية كبرى مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وقيادة الأمن السيبراني لولاية نيويورك، والمفوضية الأوروبية، إلى جانب شركات عملاقة مثل إيرباص، وهيرميس، وفنادق ماريوت.
تأسست فيليغران قبل ثلاث سنوات فقط على يد المهندس الفرنسي صموئيل هاسين، لكنها استطاعت في فترة وجيزة أن تفرض نفسها كأحد أبرز اللاعبين في مجال الأمن السيبراني على مستوى العالم.
ففي أقل من 36 شهراً، نفذت الشركة ثلاث جولات تمويل رئيسية، كان آخرها جولة بقيمة 58 مليون دولار (نحو 50 مليون يورو) أعلنت عنها يوم الإثنين، بمشاركة صناديق استثمارية عالمية.
وشملت الجولة الأخيرة مشاركة عدد من أبرز صناديق الاستثمار الدولية، من بينها يورازيو للنمو، وأكسل للشراكات الاستثمارية، وإنسايت للاستثمار، ودويتشه تيليكوم للاستثمارات الرأسمالية، وهي جهات معروفة بدعمها للشركات التقنية الواعدة حول العالم.
وجاءت هذه الجولة الأخيرة بشكل أسرع من المتوقع، ما يعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها الشركة لدى المستثمرين، رغم التراجع الذي يشهده سوق الشركات الناشئة في العالم.
يكمن سر نجاح فيليغران في منهجها المبتكر للتعامل مع المخاطر السيبرانية. فقد طورت الشركة منصة OpenCTI (Open Cyber Threat Intelligence)، وهي نظام مفتوح المصدر يمنح فرق الأمن في المؤسسات رؤية شاملة وديناميكية لبيئة التهديدات المحيطة بها.
ولا تقتصر المنصة على جمع البيانات وتحليلها، بل تربطها بمصادر مختلفة لتشكيل صورة متكاملة تساعد في التنبؤ بالهجمات السيبرانية قبل وقوعها.
وقال مؤسس الشركة صموئيل هاسين إن الفكرة انطلقت من الحاجة إلى أداة تتيح “فهم مشهد التهديدات بصورة ديناميكية وتعاونية بين الحكومات والشركات الكبرى”.
ما يميز فيليغران هو قدرتها على دمج الابتكار الفرنسي بالمعايير الدولية. فقد نجحت في إقناع مؤسسات أميركية كبرى، مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، باعتماد تقنياتها، وهو ما يعد إنجازاً نادراً لشركة أوروبية في هذا المجال الحساس.
وتُستخدم حلول الشركة اليوم من قبل الوكالات الحكومية، والمؤسسات المالية، وشركات الطيران، ومؤسسات الطاقة والتكنولوجيا في أوروبا والولايات المتحدة، مما جعلها أحد اللاعبين الاستراتيجيين في الأمن السيبراني العالمي.
بعد حصولها على التمويل الضخم، تخطط فيليغران لتوسيع عملياتها في أمريكا الشمالية وآسيا، إلى جانب تعزيز فرق البحث والتطوير في فرنسا.
كما تعتزم تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في منصتها OpenCTI، لتمكينها من التنبؤ بالهجمات السيبرانية بشكل أدق وأسرع.
وفي تصريحات له عقب إعلان التمويل، قال هاسين: “هدفنا أن نصبح معياراً عالمياً في إدارة المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديدات. فالأمن السيبراني لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة وجودية في العصر الرقمي.”
يرى المراقبون أن نجاح فيليغران يعكس عودة فرنسا إلى واجهة المشهد التكنولوجي العالمي بقوة، بعد سنوات من هيمنة الشركات الأمريكية على صناعة الأمن السيبراني.
كما يؤكد هذا التمويل التاريخي أن أوروبا قادرة على إنتاج شركات منافسة عالمياً في أكثر المجالات حساسية وأهمية.
لا تعد فيليغران مجرد شركة ناشئة ناجحة، بل نموذجاً جديداً للابتكار الفرنسي في مواجهة التحديات الرقمية العالمية – شركة استطاعت في فترة وجيزة أن تكسب ثقة كبرى المؤسسات الدولية، وتضع بصمتها على خريطة الأمن السيبراني العالمي.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز