اسعار واسواق

ولادة عذرية بلا رجال.. خبراء يتوقعون ثورة علمية مستوحاة من السحالي


ولادة بلا رجل تبدو للوهلة الأولى فكرة أسطورية، لكن العلم يكشف أن ما يُعرف بـ”الولادة العذرية” ظاهرة حقيقية موجودة في الطبيعة.

ففي حديقة حيوانات قرب برمنغهام بالمملكة المتحدة، وُلدت ثمانية صغار سحالي من أنثى لم يسبق لها أن التقت بذكر. هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ تم رصد الولادات العذرية سابقاً لدى أسماك القرش، الأفاعي، التماسيح، العقارب، وحتى بعض الحشرات مثل الدبابير.

ظاهرة تُقصي الذكور

في هذا النمط من التكاثر، لا تحتاج الأنثى إلى ذكر لتخصيب بويضتها، بل تنقسم الخلايا بشكل يسمح بنشوء جنين يحمل نسخاً متطابقة من جينات الأم. وبذلك، تغيب أي مساهمة وراثية من الذكور، ما يثير جدلاً علمياً حول جدوى دورهم في عملية التكاثر على المدى الطويل.

من الزواحف إلى الثدييات

حتى وقت قريب، كان يُعتقد أن التوالد العذري مستحيل في الثدييات، لكن في عام 2022 تمكن علماء في الصين من تحقيقه لدى الفئران باستخدام تقنية “كريسبر” للتعديل الجيني. فقد وُلدت فأرة عبر هذه الطريقة، وعاشت حتى مرحلة البلوغ وتمكنت من التكاثر، وهو ما اعتُبر حينها نقلة علمية جذرية.

هذا النجاح دفع علماء إلى التساؤل: هل يمكن أن يحدث الأمر ذاته عند البشر؟

ولادة ثمانية صغار سحالي من أنثى لم يسبق لها أن التقت بذكر.

الخبراء منقسمون

الدكتورة لويز جنتل، محاضرة في علم الحيوان بجامعة نوتنغهام ترنت، أكدت أن الولادة العذرية عند البشر “ممكنة من الناحية التقنية”، لكنها تحتاج إلى مجموعة معقدة ونادرة جداً من الطفرات الجينية المتطابقة بين أفراد.

أما البروفيسور تياغو كامبوس بيريرا من جامعة ساو باولو، فأوضح أن هناك “عوائق بيولوجية” في التركيب الجيني للبشر تمنع حدوثها طبيعياً، لكنها قد تُزال نظرياً عبر طفرات أو بتدخل جيني.

مع ذلك، يشير العلماء إلى أن الأمر محفوف بمخاطر جسيمة، إذ أن الأطفال الناتجين عن التوالد العذري يكونون نسخاً جينية متطابقة لأمهاتهم، ما يهدد التنوع الجيني، وبالتالي يزيد من خطر انقراض الأنواع في حال تعرضها للأمراض.

عوائق أخلاقية وعلمية

رغم إثبات نجاح هذه التقنية في الفئران، يشدد الباحثون على أن تطبيقها على البشر أمر غير قانوني وغير أخلاقي، إلى جانب ما قد يحمله من تبعات صحية خطيرة. إذ أن البويضات البشرية تحتاج عادةً إلى إشارات حيوية من الحيوان المنوي لبدء عملية النمو، وهي إشارات يصعب استبدالها أو محاكاتها دون تعديل جيني عميق.

ولادة ثمانية صغار سحالي من أنثى لم يسبق لها أن التقت بذكر.

المستقبل بين الخيال والعلم

وبينما يرى البعض أن التوالد العذري قد يفتح الباب أمام ثورة في الإنجاب البشري، يرى آخرون أنه طريق محفوف بالمخاطر الأخلاقية والبيولوجية، ويهدد مستقبل التنوع البشري ذاته.

وبين المعجزة العلمية والمخاوف الوجودية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل نشهد يوماً ما أول “ولادة عذرية” في تاريخ البشر، أم سيظل الأمر حكراً على عالم السحالي والأسماك؟

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى