تقاعد مقاتلات «يوروفايتر تايفون» المبكر يفتح باب الأسئلة الكبرى

في خطوة أثارت جدلا واسعا، قررت القوات البريطانية إحالة أقدم مقاتلاتها من طراز “يوروفايتر تايفون” إلى التقاعد هذا الصيف.
ووفقا لمجلة مليتري ووتش، يشمل القرار 30 طائرة يوروفايتر تايفون من فئة “ترانش 1″، دخلت الخدمة لأول مرة عام 2003، وجرى تفكيك 26 منها حتى أوائل يوليو/تموز الماضي.
المفاجأة لم تكن في إحالتها إلى التقاعد بقدر ما كانت في توقيت القرار، إذ استهلكت هذه المقاتلات نحو 40% من عمرها الافتراضي المحدد من الشركة المصنعة، ما يعني أنها كانت لا تزال قادرة على العمل لسنوات إضافية.
هذا الأمر فتح الباب أمام تساؤلات حول عدم منح هذه الطائرات لأوكرانيا، التي تبحث عن أي تعزيزات لسلاحها الجوي؟ ولماذا لم تُعرض للبيع لتركيا، التي تسعى منذ سنوات لتوسيع قدراتها الجوية؟
أوكرانيا وتركيا خارج الحسابات
كانت أنقرة قد تأمل في الاستفادة من هذه الطائرات المتقادمة لأغراض التدريب إلى حين وصول طرازات أحدث، فيما رأت كييف في الطائرات فرصة لتعزيز دفاعاتها الجوية في مواجهة الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية.
غير أن وزارة الدفاع البريطانية استبعدت هذه السيناريوهات تماما، مبررة القرار بـ”الوضع الفني المتدهور” لمقاتلات “ترانش 1″، إضافة إلى القيود التقنية الكبيرة التي تحد من قدراتها القتالية مقارنة بالإصدارات الأحدث.
عبء لا مكسب لأوكرانيا
التحدي الأكبر أمام تسليم هذه الطائرات لكييف يكمن في التكلفة. فصيانة المقاتلات القديمة لعمليات قتالية تتطلب ميزانيات ضخمة وإمدادا ثابتا بقطع الغيار. وبما أن بريطانيا لا تزال تحتفظ بأحدث نسخ “تايفون”، فهي تفضّل تخصيص مخزونها من القطع لتلبية احتياجاتها، لا لتركيا أو لأوكرانيا.
إلى جانب ذلك، فإن بعض المكونات الخاصة بنسخة “ترانش 1” لم تعد تُصنع. وصحيح أن جيوش العالم اعتادت اللجوء إلى تفكيك طائرات قديمة للاستفادة من أجزائها – كما فعلت الولايات المتحدة مؤخرًا مع بعض مقاتلات إف-16 التي سلّمتها إلى أوكرانيا كمصدر لقطع الغيار.
لكن هذا الخيار لا يصلح في حالة “تايفون”. فكييف لا تشغّل في الأصل هذا الطراز، ما يجعل أي استثمار في تدريبه وصيانته عبئا إضافيا على جيش يتعامل بالفعل مع أسطول متنوع ومعقد من المقاتلات.
وبحسب موقع تكنولوجي دوت أورغ، فإن إدخال هذه الطائرات القديمة إلى الخدمة قد يضر أكثر مما ينفع، إذ إن “الأسلحة غير الفعّالة قد تتحول إلى عائق عوضا عن أن تكون دعما”.
مقاتلة في الخدمة لعقدين وما زالت مستمرة
رغم تفكيك طائرات “ترانش 1″، لا تزال مقاتلات “يوروفايتر تايفون” جزءا أساسيا من سلاح الجو الملكي البريطاني. فالنسخ الأحدث، “ترانش 2” و”ترانش 3″، ستواصل الخدمة حتى أربعينيات القرن الحالي، إلى جانب إدماج مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية إف-35 لايتنينغ 2 في الترسانة البريطانية.
وقد تبنّت لندن بالفعل طراز إف-35 بي المخصص للإقلاع القصير والهبوط العمودي لاستخدامه مع حاملات الطائرات من فئة “كوين إليزابيث”، مع خطط مستقبلية لاقتناء طراز إف-35 إيه، ليحل تدريجيًا محل “ترانش 1” ويعمل جنبا إلى جنب مع المقاتلات الأحدث.
تصميم متقدم رغم التقاعد
تُعد “يوروفايتر تايفون” واحدة من أبرز المقاتلات الأوروبية متعددة المهام. فهي مزودة بجناح دلتا مع دفّات أمامية (كانارد)، وصُمم هيكلها بنسبة 70 بالمائة من مواد مركّبة، ما يجعلها أخف بـ30 بالمائة من الطائرات المصنوعة بالمواد التقليدية، ويمنحها قدرة أفضل على المناورة وصعوبة نسبية في رصدها بالرادار.
تستطيع الطائرة التحليق بسرعة قصوى تقترب من ماخ 1.8. كما يمكن للمحركات العمل حتى 1,200 ساعة طيران قبل الحاجة إلى صيانة غير مجدولة، وهو رقم يعكس كفاءتها الهندسية.
وحتى أغسطس/ آب 2025، تم تسليم نحو 680 مقاتلة “يوروفايتر تايفون” حول العالم، ولا تزال في الخدمة لدى جيوش ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، والمملكة المتحدة، إلى جانب دول أخرى خارج الناتو.
كما تم تخصيص أربع من النماذج الأولية لعرضها في المتاحف بألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، تخليدًا لإرث هذه المقاتلة الأوروبية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز