«تغلغل الإخوان».. فرنسا تدفع ثمن «التساهل»

سنوات من التساهل الحكومي فتحت الباب لتغلغل الإخوان بعمق داخل المجتمع الفرنسي ومؤسساته.
حقيقة لخصها النائب عن دائرة “جارد” من حزب “التجمع الوطني” في فرنسا يوان جيليه، حين أطل عبر برنامج “La Matinale” على شبكة “سي نقوز” الفرنسية.
جيليه قال إن: “الحكومات المتعاقبة في فرنسا تغضّ الطرف عن وضع تغلغل الاخوان في فرنسا وتترك للإسلام السياسي الانتشار”.
وأضاف أن تقرير الاستخبارات الفرنسية بشأن الاخوان الذي صدر في مايو/أيار الماضي جاء بعد زمن من الجدل حول التعامل مع ظواهر التطرف الديني، وبدا بمثابة نداء للاستيقاظ تجاه مخاوف متجددة حيال “استفحال أيديولوجيات غير متكاملة في المجتمع الفرنسي”.
أزمة الهجرة
واعتبر جيليه أن أزمة الهجرة الراهنة تُعدّ “انغماساً غير مسبوقاً”، مشيراً إلى أن طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم يبقون في فرنسا دون إعادة، وأن عدد التأشيرات الممنوحة مرتفع بشكل يعكس “سياسة هجرة غير مقيدة”.
وأضاف أن بعض الوافدين إلى البلاد بشكل قانوني قد يشكلون “خطراً على الدولة”، في حين تكثِر حالات الدخول غير النظامي، مما يزيد الضغط على الأمن والمجتمع.
وشدد جيليه على أن السياسات الحكومية الحالية تسمح بحدوث تساهل في قبول الوافدين من مناطق متأزمة وأن النظام التعليمي في “البلدان التي ينحدر منها بعض اللاجئين يغمر الأجيال الصاعدة بأفكار عدائية ضد الغرب”.
وتابع قائلا إن “الجهود لم تُعالج دروس الهجمات الماضية، مما يجعل الوضع خطراً حقيقيًا على الفرنسيين”.
احتواء صعب
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي الفرنسي المتخصص في التنظيمات المتطرفة والإسلام السياسي في فرنسا، ألكسندر دلفال لـ”العين الاخبارية” إن تساهل الحكومات الفرنسية المتعاقبة تجاه جماعة الإخوان في فرنسا يعود إلى مزيج من الاعتبارات السياسية والقصور المؤسسي في فهم طبيعة الحركة.
وأوضح أن السلطات، في كثير من الأحيان، تعاملت مع الإخوان بوصفهم مجرد فاعل ديني أو جمعية خيرية، متجاهلةً البعد السياسي والأيديولوجي العابر للحدود الذي يميز هذه الجماعة.
وأضاف أن بعض الحكومات رأت في الإخوان شركاء محتملين في إدارة شؤون الجاليات المسلمة، خاصة في مجالات مثل التعليم الديني والحوار المجتمعي، الأمر الذي أتاح لهم التغلغل في مؤسسات محلية وجمعيات مدنية.
وأكد أن “هذه المقاربة، وإن بدت براغماتية في ظاهرها، فقد فتحت المجال أمام بناء شبكات نفوذ يصعب احتواؤها لاحقًا”.
وأوضح أن جزءًا من هذا التساهل ينبع أيضًا من الحرج السياسي في التعامل مع تنظيمات تحمل خطابًا علنيًا معتدلًا، رغم أن مخرجاته العملية قد تفرز توجهات متشددة على المدى البعيد.
وأضاف أن ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية والثقافية والتعليمية في فرنسا جعل المواجهة الفكرية مع الإخوان أقل فعالية، مما سمح للجماعة بتعزيز حضورها داخل فضاءات المجتمع المدني.
وأكد أن تصحيح المسار يتطلب الاعتراف بأن الإخوان ليسوا مجرد مكوّن ديني تقليدي، بل حركة سياسية ذات مشروع مجتمعي شامل، وأن التعامل معهم يجب أن يجمع بين الحزم القانوني والفهم العميق لأدواتهم الخطابية والتنظيمية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز