اسعار واسواق

شراء الذهب.. إقبال تاريخي من البنوك المركزية


في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية، تشهد البنوك المركزية موجة غير مسبوقة من شراء الذهب.

وذلك في تحول استراتيجي يعكس رغبة متزايدة في حماية الاحتياطيات النقدية من تقلبات الأسواق العالمية.

ووفقا لتقرير نشره موقع “ديسكفري ألرت”، فإن البيانات الاقتصادية، خصوصًا من الولايات المتحدة، تشير إلى تراجع ملحوظ في سوق العمل. فقد أظهرت بيانات يوليو/تموز إضافة 73 ألف وظيفة فقط، بينما تم تعديل بيانات مايو/أيار ويونيو/حزيران لتُظهر حذفًا لما يقارب 250 ألف وظيفة. هذا التباطؤ رفع متوسط نمو التوظيف إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كوفيد-19، ما يعكس هشاشة اقتصادية قد تدفع البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة.

ملاذ آمن

وفي هذا السياق، تبرز أهمية الذهب كملاذ آمن، إذ يحافظ على قيمته في أوقات التذبذب المالي. ويقول جوزيف كافاتوني من مجلس الذهب العالمي: “الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى ما تزال داعمة لأسعار الذهب”.

ويشكل الابتعاد عن الأصول المقومة بالدولار الأمريكي عاملًا رئيسيًا في هذا التوجه. فالعديد من الدول، خصوصًا تلك التي تواجه توترات مع واشنطن أو تسعى لسيادة مالية أكبر، تسعى لتنويع احتياطاتها. ويوفر الذهب خيارًا محايدًا سياسيًا ونقديًا، لا يخضع لعقوبات أو تجميد مثل العملات الأجنبية.

ويمنح هذا الذهب ميزة استراتيجية، حيث يبقى تحت سيطرة الدولة المالكة مهما كانت الظروف الجيوسياسية، ما يجعله أداة فعالة لتحقيق الاستقلال المالي.

ومن بين 166 طنًا من الذهب اشترتها البنوك المركزية في الربع الثاني من 2023، جاء نحو 90 طنًا من مصادر لم يتم الإعلان عنها. هذه النسبة المرتفعة (أكثر من 50%) تشير إلى أن العديد من الدول تقوم بتكديس الذهب سرًا لتجنب رفع الأسعار، أو لأسباب جيوسياسية واستراتيجية.

هذا النوع من الشراء يعقّد مهمة المحللين في تقييم حجم الطلب الفعلي، ويعكس مستوى عاليًا من الحذر والتخطيط في إدارة الاحتياطيات.

الصين

وتتقدم الصين قائمة المشترين، إذ تعمل على تقليص اعتمادها على الدولار في ظل توترات متزايدة مع الولايات المتحدة. وتضيف الصين الذهب إلى احتياطياتها بشكل منتظم، عبر البنك المركزي وأذرع أخرى، في محاولة لتعزيز الاستقلال المالي وتعزيز مكانة اليوان.

وإلى جانب الصين، تشارك العديد من الأسواق الناشئة في هذا التوجه، مثل تركيا وكازاخستان والهند، مدفوعة بمخاوف من العقوبات أو التغيرات في أسعار السلع الأساسية التي تعتمد عليها اقتصاداتها.

وشهدت صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب تدفقات قوية بلغت 170 طنًا في الربع الثاني من العام، ما يعكس قناعة مؤسساتية بفعالية الذهب كأداة للتحوط من تقلبات السياسات النقدية. 

وتراجع الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة على الذهب بنسبة 53%، في حين قفز الطلب الصيني بنسبة 44%. ويُعزى هذا التباين إلى عوامل ثقافية واقتصادية، إذ يرى الصينيون الذهب وسيلة تقليدية لحفظ الثروة، في وقت تسود فيه المخاوف حول القطاع العقاري والاقتصاد المحلي.

وأسهمت الأسعار المرتفعة للذهب في تراجع الطلب على المجوهرات، خاصة في الهند والصين. وردًا على ذلك، يعمل صناع المجوهرات على ابتكار تصاميم أخف وأقل تكلفة. في المقابل، لم يواكب نشاط إعادة تدوير الذهب هذه الأسعار المرتفعة، ما يشير إلى توقعات باستمرار صعودها.

وفي ظل التوقعات بتخفيض الفائدة الأمريكية، ووسط ضعف الدولار، يتوقع أن يظل الذهب مدعومًا بقوة. ومع استمرار البنوك المركزية في الشراء، ومحدودية نمو المعروض من المناجم، يبدو أن السوق مقبلة على مرحلة جديدة من الاستقرار السعري المرتفع، مدفوعًا بطلب فعلي وليس مضاربات قصيرة الأجل.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى