بعد توقيف 3 من الإخوان في تركيا.. خبراء يفسرون قرار أنقرة

بإجراءات حازمة وحاسمة، تواجه تركيا محاولات تنظيم الإخوان الإساءة لمصر، في إطار سياستها الهادفة إلى “تقويض نشاط التنظيم على أراضيها”.
وأوقفت السلطات التركية، 3 أشخاص ينتمون إلى الإخوان، بعد الاشتباه بتورطهم في أنشطة وتحركات هدفت إلى اقتحام قنصلية مصر بإسطنبول، بذريعة ‘نصرة غزة’ والاحتجاج على موقف القاهرة من الحرب الإسرائيلية في القطاع.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن الموقوفين شاركوا في تنظيم دعوات وتحريض مباشر على اقتحام مقار دبلوماسية مصرية في الخارج، في إطار حملة ضغط سياسية وإعلامية استندت إلى اتهامات لمصر بالمشاركة في “حصار غزة”، وهي اتهامات نفتها القاهرة بشكل قاطع، معتبرة أنها تُستغل لتأجيج الشارع وخدمة أجندات سياسية معادية.
وأُلقي القبض على المتهمين الثلاثة، السبت، وصُنّفوا ضمن ما يُعرف أمنيًا بـ”كود إرهاب”، في إشارة إلى خطورة الأنشطة المنسوبة إليهم.
وإثر ذلك، أطلق عناصر وشباب من جماعة الإخوان المقيمين في إسطنبول حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للضغط على قيادات التنظيم والسلطات التركية بهدف الإفراج عن الموقوفين ومنع ترحيلهم إلى مصر.
“أمر خطير”
وفي تعقيبه، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن ما جرى تداوله من التخطيط لاقتحام السفارة المصرية، “أمر خطير جدا”، مشددا على أن التحرك ضد الإخوان، “يعكس بوضوح أن أنقرة لن تسمح بأي أنشطة أو تحركات لأي جماعة قد تضر بعلاقاتها بالقاهرة، أو بغيرها من العواصم العربية”.
وبالتوازي مع توقيف السلطات التركية لعناصر من الإخوان، يشير المحلل السياسي، وفقا لما توافر لديه من معلومات، إلى أنه جرى إبلاغ الجميع بأن “تركيا لن تقبل بأي أنشطة تضر بمصر أو أي دولة عربية”.
ويلفت يلماز إلى أن الحكومة التركية منعت الإخوان من القيام بأي أنشطة سياسية تضر بالدولة المصرية، لكنها سمحت لهم بالتواجد على أراضيها لاعتبارات وقضايا إنسانية فقط.
وبدوره، يؤكد الدكتور محمود علوش، المحلل السياسي التركي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن تحرك سلطات بلاده يأتي “في إطار التزام أنقرة بمكافحة أي نشاط يهدد أمن واستقرار دول أخرى انطلاقًا من أراضيها”.
علوش ينوه في هذا الصدد، إلى أن العلاقات بين تركيا والعالم العربي، لا سيما مع دولة الإمارات، ومصر والسعودية، شهدت في السنوات الأخيرة تحولا كبيرا في الرؤية التركية، وطبيعة تعاملها مع جماعة الإخوان على وجه الخصوص.
في هذا السياق، يشدد علوش الباحث في مركز “تحليل السياسات”، الذي يتخذ من إسطنبول مقرًا له، على أن تركيا لن تسمح بإستخدام أراضيها كمنصة لممارسة أي نشاط سياسي معاد ضد مصر أو أي دولة من دول المنطقة العربية، الأمر الذي يجعل الخطوة الأخيرة جزءا من السياسة التركية الهادفة إلى تقويض نشاط جماعة الإخوان على أراضيها، بما يتوافق مع المتغيرات الجديدة في علاقاتها مع العالم العربي.
زخم
وتأتي التحركات التركية، في وقت تشهد فيه العلاقات مع مصر زخما غير مسبوق، مع تعزيز التعاون المشترك بين البلدين.
وكشف سفير تركيا لدى مصر، صالح موطلو شن، في حديث سابق لـ”العين الإخبارية”، أنه “من المتوقع أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بزيارة إلى مصر في الربع الأول من 2026”.
وفي أقل من عامين، زار الرئيس رجب طيب أردوغان مصر ثلاث مرات في مناسبات مختلفة، وهو معدل غير مسبوق من حيث وتيرة الزيارات، بحسب السفير التركي.
كما قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بزيارة تركيا في سبتمبر/أيلول 2024.
وخلال زيارة السيسي، عُقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.
ومن جانبه، قدر المحلل السياسي المتخصص في الجماعات الإسلامية، الباحث طارق أبوزينب، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن الخطوة التركية، تأتي في توقيت حساس، وتؤكد أنّ الدول لم تعد تقبل بأن تتحول الجماعة إلى منصة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي، أو أداة لإضعاف العلاقات بين الدول العربية.
ويرى أن توقيف السلطات التركية لثلاثة من عناصر الإخوان ليس حادثًا عابرًا، بل يعكس الوجه الحقيقي للجماعة، المصنفة بالإرهاب في عدد من الدول العربية والغربية.
الإجراءات التركية، والحديث للمحلل السياسي، تتماشى أيضا مع تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصنيف الجماعة وفروعها في مصر ولبنان والأردن كتنظيم إرهابي.
ويشير هنا إلى أنّ شعارات الجماعة السياسية والدعوية لم تعد سوى غطاء لنهجها الدموي والانتقامي.
“توظيف سياسي”
فيما يقول الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية بالقاهرة، ونائب رئيس حزب المؤتمر، إن إلقاء السلطات التركية القبض على 3 من الإخوان المقيمين على أراضيها، يؤكد مجددا أن ما تقوم به الجماعة من تحركات ليس له أي علاقة بالقضية الفلسطينية، وإنما يندرج في إطار توظيف سياسي ممنهج للأزمات بهدف استهداف الدولة المصرية ومؤسساتها السيادية.
ويوضح فرحات، في بيان حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، أن تصنيف العناصر المقبوض عليها ضمن “كود إرهاب” يعكس إدراكا أمنيا وقانونيا متزايدا بخطورة أنشطة الإخوان، التي اعتادت استخدام الشعارات الإنسانية كغطاء لأعمال تحريضية و عدائية تمس الأمن القومي للدول وتستهدف البعثات الدبلوماسية، في انتهاك صريح للأعراف والمواثيق الدولية التي تجرم التعرض للسفارات والقنصليات.
وقبل التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بغزة في أكتوبر الماضي، شهدت عدد من القنصليات والمقار الدبلوماسية المصرية، وقفات ودعوات اقتحام بزعم مشاركة القاهرة في حصار القطاع وإغلاق معبر رفح، كجزء من حملات واسعة قادتها جماعة الإخوان لتشوية صورة مصر.
ووصف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في تصريحات سابقة، تلك التحركات بأنها «تكشف عن دوافع سياسية مشبوهة ومريبة»، مؤكدًا أنها تصب في مصلحة إسرائيل وتعمل على تضليل الرأي العام العربي والدولي بشأن حقيقة ما يجري في غزة.
وشدد عبد العاطي على أن استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية لا يمكن اعتباره شكلًا من أشكال الاحتجاج المشروع، بل يمثل اعتداءً مباشرًا على السيادة الوطنية، وضربًا لمفهوم الدولة، وتشجيعًا على الفوضى والانقسام الداخلي، فضلًا عن كونه انحرافًا عن المسار الحقيقي لدعم القضية الفلسطينية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




