اسعار واسواق

أوروبا تختتم عاماً قاسياً.. ضحية ترامب الأبرز «تجارياً»


اعتبر تحليل نشرته صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية إن عام 2025 كان عاماً قاسياً على أوروبا في علاقتها التجارية مع الولايات المتحدة.

فبعدما شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا متواصلًا على القارة العجوز، انتهى بفرض اتفاق تجاري غير متكافئ اضطر الاتحاد الأوروبي إلى القبول به. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، لم يتوقف ترامب عن توجيه الإهانات للاتحاد الأوروبي، واصفًا إياه بأنه «فِظاعة» على صعيد التجارة، ومتهمًا إياه بأنه أُنشئ من أجل «استغلال» الأمريكيين.

ومع فرضه أعلى رسوم جمركية تشهدها الولايات المتحدة منذ قرن، سخر ترامب من أوروبا ونعَتها بـ«المثيرة للشفقة»، قبل أن يختتم العام بوصفها بأنها «ضعيفة» و«متداعية». وفي خضم هذا المشهد، وجدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين نفسها مضطرة إلى التوجه إلى منتجع ترامب للغولف في اسكتلندا، حيث صافحته وابتسمت أمام الكاميرات عقب التوصل إلى اتفاق تجاري أحادي الجانب من شأنه أن يُلحق أضرارًا جسيمة بالمصدرين الأوروبيين.

وبينما ستتضح الآثار الاقتصادية الكاملة لهذا المسار خلال السنوات المقبلة، بدا الأثر الفوري واضحًا في دفع أوروبا إلى مواجهة اعتمادها المفرط على المظلة الأمنية الأمريكية، والبحث عن شركاء تجاريين جدد خارج المدار الأمريكي.

بداية متوترة

مع عودة ترامب إلى السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت بروكسل تدرس سيناريوهات التعامل مع تهديداته التجارية، وسط حديث عن استراتيجية «التصعيد من أجل التهدئة». غير أن الاتحاد الأوروبي لم يمتلك الجرأة على خوض مواجهة مباشرة، مكتفيًا بتسريع محادثات تجارية مع شركاء آخرين في أمريكا اللاتينية وآسيا.

وفي فبراير/شباط ومارس/أذار، أعاد ترامب فرض رسوم على الصلب والألمنيوم، ولوّح الاتحاد الأوروبي بردود «حازمة ومتناسبة»، لكنه اكتفى بالتهديد دون تنفيذ فعلي. ورغم إعداد قوائم طويلة للسلع الأمريكية المستهدفة بإجراءات انتقامية، ظل الانقسام بين الدول الأعضاء عائقًا أمام اتخاذ قرارات حاسمة.

«يوم التحرير»

وفي أبريل/نيسان، وجّه ترامب ضربة قوية بفرض رسوم «متبادلة» بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي، في خطوة اعتُبرت تصعيدًا غير مسبوق. وجاء رد بروكسل باهتًا، إذ اكتفت بالإعلان عن الاستعداد للرد دون التحرك فعليًا، في وقت كانت فيه الخلافات الداخلية تشلّ قدرة الاتحاد على استخدام أدواته الدفاعية.

ومع اقتراب الصيف، ومع تزايد الضغوط الأمريكية، بدا واضحًا أن أوروبا تتجه نحو قبول صفقة غير متوازنة. وفي يوليو/تموز، تم التوصل إلى اتفاق يفرض سقفًا جمركيًا يبلغ 15%، وهو مستوى أعلى بكثير مما كانت بروكسل تخشاه في بداية ولاية ترامب الثانية. وبررت القيادة الأوروبية الصفقة باعتبارها الخيار الأقل سوءًا، في ظل اعتماد القارة على الولايات المتحدة في ضمان أمنها.

تداعيات طويلة الأمد

وسرعان ما تصاعدت الانتقادات داخل أوروبا، معتبرة أن الاتحاد قدّم تنازلات كبيرة، ليس فقط تجاريًا، بل أيضًا على حساب التزامه بالتجارة القائمة على القواعد. ولم تمضِ أسابيع حتى عاد ترامب لمهاجمة الضرائب الرقمية والتنظيمات الأوروبية، في إشارة إلى أن الاتفاق لم ينهِ التوتر.

واختُتم العام كما بدأ، بهجوم جديد من ترامب على أوروبا وقادتها، معتبرًا أنهم «ضعفاء» ولا يعرفون كيف يتعاملون مع ملف التجارة. وبينما تستعد القارة لمواجهة تبعات هذا المسار، يظل عام 2025 علامة فارقة في تاريخ العلاقة التجارية عبر الأطلسي، بوصفه عامًا من الضغوط، والتنازلات، وإعادة الحسابات الأوروبية المؤلمة.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى