الوظائف الحكومية في الصين.. تدفق قياسي للشباب

يتجه عدد قياسي من الشباب الصيني المتعلم إلى الوظائف الحكومية بحثاً عن الأمان الوظيفي، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتي أدت إلى تراجع فرص العمل في القطاع الخاص.
وتقدم نحو 3.7 مليون شخص على مستوى البلاد، بمن فيهم خريجو أفضل الجامعات، لامتحان الخدمة المدنية السنوي الشهر الماضي.
لكن من المتوقع أن يحصل واحد فقط من كل 100 متقدم على فرصة من بين 38100 وظيفة حكومية للمبتدئين، والتي ستبدأ العام المقبل.
وقد قبل الكثيرون بهذه المخاطرة، في ظل تضاؤل فرص العمل في القطاع الخاص وسط ركود اقتصادي وتدهور في مناخ الأعمال.
وقد تجاوزت نسبة البطالة بين سكان المدن الصينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا 17% منذ يوليو/تموز، مقارنة بنحو 10% في الولايات المتحدة.
وكانت الوظائف الحكومية تُعتبر في السابق ضمانًا للمستقبل نظرًا لاستقرارها وساعات عملها الثابتة.
ومع انفتاح الاقتصاد الصيني، سعى الشباب المتعلم في البلاد إلى الحصول على رواتب أعلى وفرص عمل أكثر في القطاع الخاص، متنافسين للانضمام إلى عمالقة التكنولوجيا المحليين مثل علي بابا وتينسنت وهواوي.
والآن، تعود هذه الشركات، التي تُعرف بـ”الوظائف المرموقة”، إلى الظهور مجدداً، حيث أدى الركود الاقتصادي المطول وتشديد بكين للوائح التنظيمية على قطاعات معينة من الاقتصاد، كالعقارات والتكنولوجيا وشركات التدريس، إلى تسريح جماعي للعمال في القطاع الخاص.
فقد خفضت أكبر 500 شركة خاصة في الصين عدد موظفيها بمقدار 314600 موظف العام الماضي، وفقاً لإحدى هيئات الصناعة والتجارة.
وفي ظل التباين بين الوظائف المتاحة والتوقعات، يخفض الباحثون عن عمل طموحاتهم، ويتجهون إلى البحث عن وظائف حكومية.
وبحسب شبكة “سي إن بي سي”، من الأمثلة على ذلك كورال يانغ، البالغة من العمر 22 عاماً، فقد أمضت أربعة أشهر في البحث عن عمل قبل أن تحصل على وظيفة في وكالة تسويق محلية، ليتم سحب العرض منها بعد أسابيع قليلة عندما ألغت الشركة الوظيفة ضمن إجراءات خفض التكاليف.
وقالت لـ”سي إن بي سي”، “لا توجد فرص عمل كثيرة متاحة، من المحبط للغاية خسارة عرض عمل بعد شهور من البحث، لكن هذا يُظهر مدى عدم استقرار القطاع الخاص”.
ويانغ، هي خريجة إحدى أفضل جامعات شنغهاي بتخصص تحليل البيانات، تستعد الآن لخوض امتحان الخدمة المدنية العام المقبل.
وهي ليست الوحيدة، فقد أظهرت دراسة استقصائية أجرتها منصة التوظيف “زيليان تشاوبين” أن نسبة متزايدة من الطلاب اختاروا وظائف القطاع العام، بما في ذلك الوكالات الحكومية والشركات المدعومة من الدولة، كخيارهم المهني الأول العام الماضي، حيث ارتفعت النسبة إلى حوالي 63% في عام 2024 من 42% في عام 2020.
وفيما يتعلق بوظائف القطاع العام، يتمتع الطلاب بفرص توظيف أفضل في الشركات المملوكة للدولة ذات العدد الأكبر من الموظفين -مقارنةً بالوكالات الحكومية- مما يجعلها خيارًا أكثر أمانًا نظرًا لانخفاض معدلات النجاح في الامتحانات الحكومية، كما أوضح وي شان، الباحث الرئيسي في معهد شرق آسيا التابع لجامعة سنغافورة الوطنية.
وأظهر استطلاع رأي انخفاضًا في نسبة الخريجين الباحثين عن وظائف في القطاع الخاص، حيث تراجعت إلى 12.5% العام الماضي مقارنةً بـ 25.1% في عام 2020.
وأوضح مينغجيانغ لي، الأستاذ المشارك في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، أن تزايد حالة عدم اليقين في سوق العمل، وتسريح العمال، وتباطؤ نمو الأجور في القطاع الخاص، دفع العديد من الشباب إلى البحث عن “الأمان الوظيفي، والمزايا المتوقعة، والمكانة الاجتماعية المرموقة التي يوفرها القطاع العام”.
وسعت وزارة التعليم الصينية إلى تعزيز فرص العمل في الشركات الخاصة، من خلال تقديم إعفاءات ضريبية، وتخفيف أعباء التأمين الاجتماعي، ودعم مالي لتشجيع توظيف الخريجين الشباب.
إلا أن هذه الحوافز كانت محدودة، فعلى سبيل المثال، لا تقدم حكومة بلدية شنغهاي سوى 1500 يوان كدعم مالي لمرة واحدة لكل موظف جديد.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




