اسعار واسواق

الإمارات قرأت خطر الإخوان مبكرا والغرب يلحق الركب الآن


تحولات متسارعة تشهدها الساحة الغربية تجاه تنظيم الإخوان الإرهابي مع تزايد قرارات الحظر والقيود والمراجعات الأمنية والسياسية التي تستهدف نفوذ الجماعة وشبكاتها.

وفي مقابلة لـ«العين الإخبارية» مع السفير البريطاني السابق في اليمن إدموند فيتون براون يؤكد أن هذه التحركات تعكس انقلابا في الغرب تجاه الإخوان وإدراكا متأخرا لطبيعة الخطر الذي حذرت منه دول عربية وعلى رأسها الإمارات منذ سنوات، لتثبت صحة الرؤية العربية التي رصدت مبكرًا أهداف الإخوان وأساليب تمددهم.

ويشير إلى أن الإمارات كانت من أوائل الدول التي أدركت خطورة جماعة الإخوان، معتبرًا أن أبوظبي قدّمت قراءة واقعية ومبكرة لطبيعة الجماعة وشبكاتها.

ويؤكد براون، الذي يعد أبرز الباحثين في قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف في شبه الجزيرة العربية بمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أن الدول العربية التي صنّفت الإخوان منظمة إرهابية مثل الإمارات، قدّمت نموذجًا يمكن للغرب أن يستفيد منه اليوم، قائلاً:”ما يجب أن نتعلمه من تجربتهم هو أن نستمع لما يعرفونه… لديهم خبرة مباشرة مع هذه الجماعة، ويجب أن نسألهم: أخبرونا من هم هؤلاء الأفراد الموجودون في لندن أو في الغرب، وماذا يفعلون”.

تاريخ من التراخي

وأوضح الدبلوماسي البريطاني السابق أنه في التسعينيات، كانت بريطانيا تتعامل مع الإسلامويين، بما فيهم الإخوان، بنوع من التراخي الشديد، فعندما كانت مصر والإمارات والسعودية تبلغ لندن بوجود شخصيات خطيرة تخطط أو تحرّض من داخل بريطانيا، كان الرد الرسمي غالبًا: هؤلاء مجرد معارضين فارين، ونحن نوفر لهم الحماية، وهذا لم يكن تفسيرًا مهنيًا أو موضوعيًا”.

وقال: “كانت هذه النظرة ساذجة ومضلّلة، لأنها تجاهلت طبيعة التنظيم نفسه وعمقه الأيديولوجي، واعتبرت كل نقد للإخوان مجرد “خصومة سياسية داخل الشرق الأوسط”.

وأضاف: “بدلًا من التحقيق في أنشطة هؤلاء الأشخاص، كانت لندن تتجاهل التحذيرات القادمة من الشرق الأوسط، وتتبنى موقفًا أخلاقيًا ساذجا يفترض أن كل من يهرب من دولة عربية هو تلقائيًا ضحية سياسية”، وفي تلك الفترة، كانت الأجهزة الأمنية مشغولة بملفات ضخمة مثل:

– صعود تنظيم القاعدة

– التحولات الأمنية في الشرق الأوسط

ووفق براون فإن كل ذلك «جعل ملف الإخوان يتيمًا لا يريد أحد أن يتولاه، لأنه يتطلب جهدًا طويل المدى وتحقيقًا حساسًا”.

وأضاف: “إذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن دولًا غربية استخدمت بالفعل جماعات إسلاموية لتحقيق توازن ضد خصوم آخرين، لكن بعد، هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وظهور تنظيم داعش الإرهابي، وتدفق مئات الشباب الغربي إلى التنظيم، أصبح واضحًا أن أي لعب بورقة الإسلام السياسي هو رهان كارثي على المدى الطويل، ولذا، مهما كانت السياسات التاريخية، فالدروس الآن واضحة للجميع:أي دعم تكتيكي لجماعة ذات مشروع أيديولوجي جذري سينقلب على داعميه يومًا ما”.

تحرك واشنطن

وحول تاثير قرار واشنطن بتصنيف بعض فروع الإخوان جماعة إرهابية، قال براون، إن الولايات المتحدة تتحرك في ثلاثة مسارات متوازية:

• مشروع قانون في الكونغرس لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية.

• تحرك على مستوى الولايات مثل تكساس وفلوريدا، بتصنيف الإخوان إرهابية رسميًا.

• أمر تنفيذي من البيت الأبيض يطلب من الخارجية والخزانة تقييم 3 فروع محددة في مصر والأردن ولبنان.

وبحسب براون فإن “هذه أول مرة تُجبَر فيها المؤسسات الأمريكية على معالجة الملف بعمق، وتحليل الشبكات، وتتبع التمويل، ودراسة العلاقة بين خطاب الإخوان ودعمهم — المباشر أو غير المباشر — لجماعات مثل حماس.

وتوقع الدبلوماسي البريطاني السابق أن الأدلة التي ستظهر ستدفع واشنطن إلى تصنيف الفروع الثلاثة بالفعل، ما سيخلق واقعًا جديدًا تمامًا في الغرب.

وإذا صنّفت واشنطن فروع الإخوان، فسيكون من الصعب على لندن أن تتجاهل الأدلة، خصوصًا بسبب التعاون الاستخباراتي العميق بين البلدين، وفق براون، مضيفا، على الرغم أن الوضع في بريطانيا أكثر تعقيدًا مما هو عليه في الولايات المتحدة، لكن الضغوط الأمريكية قد تدفع لندن إلى التحرك.

ويرجح أن تتجه بريطانيا خلال السنوات القادمة إلى تصنيف بعض فروع الإخوان، وتقييد واجهاتهم المجتمعية، وتشديد الرقابة على تمويلهم وتحركاتهم.

ويؤكد أن “البيئة السياسية أصبحت مختلفة تمامًا عما كانت عليه قبل 10 سنوات”

تحركات تحت الأرض

وحول إمكانية تأثير قرارات التصنيف الأخيرة على أنشطة “الإخوان” وعودتهم للعمل تحت الأرض، قال براون إن “هذا أحد أكثر الادعاءات تكرارًا… وهو ببساطة غير صحيح”

وتابع: “المشكلة لم تكن يومًا أن الإخوان يعملون في السر، بل إن أحدًا لم يكن ينظر في نشاطهم أصلًا، لم تكن هناك مهمة استخباراتية واضحة تُعنى بتحليل خطابهم وتمويلهم وعلاقاتهم الدولية”.

ومضى قائلا: “عندما تُحظر جماعة ما تُجبر الدولة على فتح تحقيقات حقيقية، وتنشط الأجهزة الأمنية في جمع المعلومات، وتُحدد بوضوح مصادر التمويل، ويصبح التحريض وخطاب الكراهية قابلًا للملاحقة القانونية مباشرة”.

وأشار إلى تجربة النمسا في هذا الشأن بحظر الإخوان، حيث أن قرار حظر الإخوان هناك لم يؤدِّ إلى انهيار العلاقات المجتمعية، أو صعوبة جمع المعلومات، أو اضطراب سياسي، بل أدى إلى تنظيم البيئة القانونية وخلق إطار واضح للتعامل مع التطرف السياسي.

تجربة الإمارات

وأشاد الدبلوماسي البريطاني السابق بتجربة دول الشرق الأوسط في مواجهة “الإخوان” لاسيما في الإمارات ومصر والسعودية، مؤكدا أنها تجربة قوية ويجب الاستماع إلى خبراتها المتراكمة في الغرب.

فالإمارات على سبيل المثال تعاملت مع الإخوان مباشرة ولمدة عقود، وفق براون، وبنت ذلك على

– عمليات العنف

– محاولات اختراق سياسي

– استغلال المساجد والجمعيات

– ارتباطات مع جهات خارجية

كما أنها تمتلك معلومات تفصيلية عن قيادات ومجموعات انتقلت لاحقًا إلى أوروبا.

وأشاد براون بالدور الإماراتي في اليمن، قائلاً إن “الإمارات لعبت دورًا مهمًا في مواجهة الحوثيين والقاعدة عندما ترددت دول غربية في اتخاذ موقف واضح”، مشددًا على أن التجربة الإماراتية “تعد نموذجًا يُمكن أن يُستفاد منه في لندن وواشنطن.

مستقبل التعامل مع الإخوان

وبشأن مستقبل التعامل مع الإخوان في الغرب، أوضح براون أن الأمر يتوقف على الجرأة السياسية ووضوح الرؤية لكن لابد من إدراك أن المشكلة ليست دينية بل أيديولوجية وتنظيمية، كما يجب الاستفادة من تجارب الدول التي سبقت الغرب في التعامل مع الجماعة.

وشدد على أن التحول الجاري اليوم في الولايات المتحدة وبريطانيا هو في جزء كبير منه اعتراف متأخر بصحة التحذيرات العربية التي طُرحت قبل عقد كامل.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى