هل تتجاهل واشنطن «سيناريوهات 2019» الكارثية وتُقدم على تحرك في فنزويلا؟

ترفض المعارضة الفنزويلية الادعاءات بأن سقوط الرئيس نيكولاس مادورو سيدفع بلادهم إلى دوامة من إراقة الدماء والانتقام.
لكن قبل 6 سنوات طرحت واشنطن “مناورات حرب” تهدف إلى التنبؤ بشكل فنزويلا ما بعد مادورو، وتوصلت لـ3 سيناريوهات للإطاحة به عبر انتفاضة شعبية أو ثورة داخلية أو هجوم أجنبي، إلا أن أيا منها لم ينتهِ نهاية سعيدة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وتضمن السيناريو الأول إجبار مادورو على التنحي، إثر ثورة شعبية عارمة، لكن الجيش الفنزويلي خرج إلى الشوارع، موجهاً أسلحته نحو المدنيين الذين أطاحوا به، أما السيناريو الثاني فتمحور حول انقلاب قصري أدى إلى نفي الزعيم الفنزويلي مما أشعل صراعاً دموياً على السلطة بين أعضاء نظامه المفكك.
وأشار السيناريو الثالث إلى اغتيال مادورو أو أحد حلفائه الرئيسيين في غارة أمريكية، لكن مع سيطرة القوات الأجنبية على كاراكاس والمطارات والموانئ الرئيسية، يحكم المتمردون اليساريون قبضتهم على المناطق الداخلية الغنية بالمعادن، ويشن الموالون للنظام هجمات حرب عصابات على مصافي النفط وخطوط الأنابيب.
وفي السيناريوهات الثلاثة، أدت الاضطرابات إلى موجة نزوح جديدة للاجئين عبر حدود فنزويلا مع كولومبيا والبرازيل، حيث فر المواطنون من المناوشات بين جماعات المتمردين المتنافسة أو المحتلين الأجانب والقوات الموالية.
وقال دوغلاس فرح، خبير شؤون أمريكا اللاتينية الذي شاركت شركته الاستشارية للأمن القومي في جهود وضع الاستراتيجيات عام 2019 “سيحدث فوضى عارمة… دون مخرج واضح”.
وأضاف أن “كل من يصارع هذه القضية يأمل، بطريقة أو بأخرى، أن يكون بالإمكان تشكيل حكومة جديدة في فنزويلا بلمسة سحرية” وأعرب عن اعتقاده بأن السبب وراء عدم حدوث ذلك هو أن الناس فكروا مليًا وتساءلوا “لحظة، ما الذي نُقحم أنفسنا فيه؟”
لكن السياسيين الفنزويليين الذين يناضلون لإنهاء حكم مادورو المستمرر منذ 12 عامًا، يرفضون هذه السيناريوهات.
ووصفت ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل والتي يُعتقد على نطاق واسع أنها فازت في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، الادعاءات بأن رحيل مادورو قد يُغرق فنزويلا في العنف بأنها “لا أساس لها من الصحة على الإطلاق”.
وقالت لـ”الغارديان” يوم الجمعة، بعد وصولها أوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام “فنزويلا بلد ذو ثقافة ديمقراطية عريقة، ومجتمع عازم على استعادة تلك الديمقراطية”.
من جانبه، رفض ميغيل بيزارو وهو زعيم معارض آخر، الادعاء بأن فنزويلا ستتحول إلى نسخة من العراق أو ليبيا أو هايتي في أمريكا الجنوبية إذا تم الإطاحة بمادورو.
وقال “الحقيقة هي أن الفنزويليين اتخذوا قرارهم في انتخابات العام الماضي.. لقد كان ذلك أكبر توافق اجتماعي شهدته فنزويلا على الإطلاق”.
وقلل حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مخاطر التدخل الأمريكي المحتمل لكن العديد من الخبراء والدبلوماسيين من أمريكا الجنوبية يشككون في أن الأمور ستسير بسلاسة، بغض النظر عن كيفية الإطاحة بمادورو.
وحذر فرح من أنه “إذا اندلعت انتفاضة شعبية، فمن المرجح أن يكون رد فعل الجيش دفاعيًا وعنيفًا للغاية تجاه الاحتجاجات في الشوارع” وقال “سيكون هناك الكثير من القتلى”.
ورأى أنه في هذا السيناريو، من الممكن أن تدخل فصائل مسلحة كولومبية، بما في ذلك جيش التحرير الوطني وأعضاء منشقون عن القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) إلى جانب النظام الفنزويلي.
ومن الممكن أن يؤدي الانقلاب إلى “فراغ هائل في السلطة” مع صراع بين جهات مسلحة متنافسة لشغل منصب مادورو وقال فرح “قد تجد 4 أشخاص مختلفين يقولون: حسنًا، أنا المسؤول الآن”.
وأوضح فرح أنه إذا تم نشر قوات أجنبية، فمن المرجح أن تتمكن من السيطرة على المدن الكبرى والبنية التحتية كالموانئ والمطارات لكنها ستواجه احتمال هجمات غير متكافئة من الموالين للحكومة أو المتمردين الكولومبيين، ومعركة طويلة لاستعادة السيطرة على مناطق تعدين الذهب الخاضعة بالفعل لنفوذ جيش التحرير الوطني.
وأضاف “هزيمتهم مهمة طويلة الأمد تتطلب أموالًا طائلة، وقوات كثيرة، وربما بعض الخسائر”.
ويخشى فرح أن تعاني فنزويلا ما بعد مادورو من “فوضى عارمة ستستمر طويلًا” وقال “لن يتم حل أي من هذا في ثلاثة أسابيع.. نحن نتحدث عن سنوات”.
والأسبوع الماضي، حذر كبير مستشاري السياسة الخارجية للرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، من أن الاضطرابات في فنزويلا قد تُحوّل المنطقة إلى “منطقة حرب” على غرار حرب فيتنام.
وأعرب خوان غونزاليس، كبير مسؤولي البيت الأبيض لشؤون أمريكا اللاتينية في عهد الرئيس السابق جو بايدن، عن قلقه من احتمال وقوع أعمال انتقامية عنيفة وأعرب عن أمله في التوصل إلى حل تفاوضي.
ويرى فرح أن اتفاقا مؤقتا لتقاسم السلطة قد يكون أحد السبل لتجنب “الانقسام الهائل” في فنزويلا بين الفصائل المتنافسة لكن ذلك يتطلب خيارات صعبة، ربما تشمل إطلاق سراح “منتهكي حقوق الإنسان الجسيمين” ومنح مادورو ممرًا آمنًا للخروج من البلاد وشكلًا من أشكال الحصانة.
وظهرت مؤشرات على احتمال قبول المعارضة لبعض هذه التسويات الأسبوع الماضي عندما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن المعارضة تعتقد أن “تطهيراً محدوداً” لكبار مسؤولي مادورو سيكون كافياً بعد رحيله.
لكن إذا خرج الوضع الأمني عن السيطرة بعد رحيل مادورو، يخشى فرح أن تميل واشنطن إلى الاستعانة بجماعات مرتزقة وشركات عسكرية خاصة، بدلاً من إرسال قوات أمريكية برية محذرا من ن هذا السيناريو “يشبه ما حدث في العراق”.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




