باحث جامعة جنيف يكشف لـ«العين الإخبارية» ما أصبح ممكنا.. عكس الشيخوخة

لم تعد الشيخوخة قدر بيولوجي لا فكاك منه، بل تحولت لمجال بحثي يمكن من خلاله فهم آليات التقدم في العمر، والتدخل فيها بطرق آمنة وذكية.
وفي هذا الحوار، نلتقي الدكتور هيثم شعبان، مدير الأبحاث وقائد مجموعة بحثية بكلية الطب في جامعة جنيف بسويسرا، وأحد أبرز الباحثين في مجال أبحاث الشيخوخة، للحديث عن أحدث الاكتشافات التي تعيد رسم خريطة فهمنا للشيخوخة على المستوى الخلوي والكيميائي، ودور الذكاء الاصطناعي، وإمكانية إبطاء الشيخوخة لدى البشر، وما الذي قد يعنيه ذلك لحياتنا في المستقبل القريب.
ما أحدث اكتشاف علمي يغيّر فهمنا للشيخوخة على المستوى الكيميائي؟
أحد أهم الاكتشافات الحديثة هو أن بعض الخلايا المسنّة يمكن إعادة شبابها مرة أخرى. فقد أظهرت دراسة صادرة عن جامعة ماونت سيناي في الولايات المتحدة أن شيخوخة خلايا الدم الجذعية لا تحدث بالضرورة بسبب تلف جيني، كما كان يُعتقد سابقًا، بل نتيجة خلل في جزء من الخلية يُعرف باسم الليزوزوم، وهو المسؤول عن تنظيف الخلية من المخلفات.
وعندما نجح الباحثون في إصلاح الليزوزوم، استعادت الخلايا خصائصها الشابة، ما يشير إلى أن الشيخوخة الخلوية قد تكون قابلة للعكس.
هل هناك دليل علمي على إمكانية إبطاء الشيخوخة لدى البشر، وليس فقط في الحيوانات؟
نعم، وهناك دليل واضح على ذلك. فقد أُجريت تجربة سريرية في سويسرا استمرت ثلاث سنوات، وأظهرت أن تناول جرعة يومية من أحماض أوميغا-3 أدى إلى إبطاء الشيخوخة البيولوجية بطريقة قابلة للقياس.
كما تبيّن أن التأثير كان أقوى عند الجمع بين أوميغا-3 وفيتامين د مع النشاط البدني المنتظم. وتُعد هذه أول مرة نرى فيها تدخّلًا آمنًا ومثبتًا علميًا يساهم في تأخير الشيخوخة لدى البشر.
هل تشيخ جميع أعضاء الجسم بالطريقة نفسها وبالسرعة ذاتها؟
لا، فالشيخوخة تختلف من عضو إلى آخر. على سبيل المثال، الأوعية الدموية تشيخ مبكرًا، وهو ما يفسّر شيوع أمراض القلب والأوعية الدموية.
في المقابل، يحتفظ الكبد بدرجة كبيرة من الشباب بفضل قدرته العالية على التجدد، بينما تبدأ العضلات في التدهور بشكل أوضح بعد سن السبعين.
هذا يعني أن الإنسان لا يملك عمرًا بيولوجيًا واحدًا، بل عدة أعمار مختلفة بحسب عمر كل عضو، وهو ما يفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجية موجهة لكل عضو على حدة.
كيف يساهم الذكاء الاصطناعي وما يُعرف بالساعات البيولوجية في فهم الشيخوخة اليوم؟
يعتمد العلماء حاليًا على ما يُسمّى «الساعات البيولوجية متعددة الطبقات»، وهي أدوات تجمع بيانات من مستويات مختلفة، مثل الجينات، والبروتينات، والتمثيل الغذائي، إلى جانب نمط الحياة.
هذه الساعات لا تخبرنا فقط عن عمرنا البيولوجي، بل عن كيفية تقدمنا في العمر. وبفضل الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان الانتقال من طب عام إلى طب شخصي للشيخوخة، حيث يمكن تصميم تدخلات علاجية مخصصة لكل فرد وفق نمط شيخوخته الخاص.

ماذا تعني هذه الاكتشافات لحياتنا في السنوات القادمة؟
تعني هذه الاكتشافات أن الهدف لم يعد مجرد إطالة العمر، بل إطالته مع الحفاظ على صحة جيدة ونوعية حياة أفضل. نحن نقترب من عصر يمكن فيه إبطاء الشيخوخة، واستهداف أعضاء محددة، وحتى إعادة تنشيط خلايا بعينها.
قد لا نملك اليوم «أداة سحرية» توقف الشيخوخة تمامًا، لكننا نمتلك الآن أدوات علمية قوية لفهمها والتدخل فيها بشكل ذكي ومدروس.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




