اسعار واسواق

إعادة هيكلة قاسية.. رئيس «رينو» يقضي على إرث سلفه ويقود تحولا استراتيجيا


تشهد مجموعة رينو تحولًا استراتيجيًا لافتًا منذ تولي فرنسوا بروفوست رئاسة المجموعة مطلع أغسطس/آب، حيث بدأ الرئيس التنفيذي الجديد تنفيذ عملية “فرز صارمة” داخل محفظة مشاريع التنقل التي أطلقها سلفه لوكا دي ميو.

ووضع بروفوست حدًا لعدد من مبادرات ميو التي لم تحقق النتائج المرجوة، وعلى رأسها مشروع المركبات الكهربائية الصغيرة دون رخصة قيادة.

نهاية سريعة لمشروع “موبيليز ديو”

في خطوة مفاجئة، أبلغت رينو فرقها، صباح الجمعة، قرارها إيقاف تسويق مركبة “موبيليز ديو”، وهي رباعية العجلات كهربائية بالكامل كانت تستهدف منافسة سيارة “آمي” التابعة لسيتروين في سوق المركبات دون رخصة قيادة، بحسب صحيفة “ليزيكو” الاقتصادية الفرنسية.

كما تقرر في الوقت ذاته إلغاء مشروع “بينتو”، النسخة المخصصة للمهنيين، رغم أنه لم يطرح بعد في الأسواق.

وجاء هذا القرار بعد فترة قصيرة جدًا من تقديم المركبة رسميًا خلال معرض باريس للسيارات 2024، ما يجعل تجربة “موبيليز ديو” واحدة من أقصر التجارب التجارية في تاريخ رينو الحديث.

رهان لم ينجح في كسب السوق

رغم الطموحات الكبيرة التي صاحبت إطلاق المشروع، خلصت الإدارة الجديدة إلى أن هذه الميكرو-مركبة، التي يبلغ طولها 2.43 متر فقط، لن تنجح في استقطاب قاعدة عملاء واسعة.

ولم تكشف الشركة عن أرقام المبيعات، إلا أن المؤشرات الداخلية كانت كافية لإقناع بروفوست بأن الاستمرار في المشروع لن يحقق عائدًا اقتصاديًا مجديًا.

وكانت رينو تعول على علامة “موبيليز”، التي أطلقت ضمن استراتيجية التحول نحو التنقل المستدام، لتكون ذراعًا جديدة خارج الإطار التقليدي لصناعة السيارات، تشمل حلول المشاركة بالسيارات، والتنقل الحضري، والخدمات الرقمية.

مراجعة شاملة لإرث لوكا دي ميو

قرار إيقاف “ديو” لا يعد حالة معزولة، بل يأتي في سياق مراجعة شاملة لمبادرات أطلقت خلال ولاية لوكا دي ميو، الذي ركز بقوة على الابتكار والتنويع في حلول التنقل.

غير أن الإدارة الجديدة تبدو أكثر براغماتية، مفضلة تركيز الموارد على الأنشطة الأكثر ربحية وقابلية للنمو.

ويعكس هذا التوجه رغبة بروفوست في تبسيط هيكل المجموعة وتقليص المشاريع التي تستهلك استثمارات كبيرة دون ضمانات سوقية واضحة، في ظل منافسة متزايدة وضغوط على هوامش الربح في قطاع السيارات الكهربائية.

إعادة ترتيب الأنشطة داخل “موبيليز”

في المقابل، لم تشمل عملية “التنقية” جميع أنشطة “موبيليز”، فعلى العكس، قررت رينو تعزيز أنشطة الشحن الكهربائي وربطها بشكل أوثق بالفرق التجارية للمجموعة.

ويهدف هذا التوجه إلى تحقيق تكامل أفضل بين بيع السيارات الكهربائية وخدمات البنية التحتية المصاحبة لها، بما يعزز تجربة العملاء ويرفع من القيمة المضافة لكل عملية بيع.

ويرى مراقبون أن هذا القرار يعكس إدراك الإدارة الجديدة لأهمية المنظومة المتكاملة في التحول الكهربائي، حيث لم تعد السيارة وحدها كافية، بل يجب توفير حلول شحن مرنة وفعالة لدعم انتشار المركبات الكهربائية.

فشل المنافسة أمام “آمي”

منذ إطلاق “سيتروين آمي” عام 2020، نجحت ستيلانتيس في ترسيخ حضورها في سوق السيارات دون رخصة قيادة، مستفيدة من بساطة التصميم والسعر المنخفض وانتشار قوي في المدن الأوروبية.

في المقابل، لم يتمكن “موبيليز ديو” من تقديم قيمة مضافة واضحة تقنع المستهلكين بالتحول إليه، رغم طابعه العصري واعتماده على الطاقة الكهربائية بالكامل.

ويظهر هذا الفشل صعوبة اقتحام أسواق ناشئة دون تميز واضح أو نموذج اقتصادي متين، خصوصًا في فئة تعتمد بشكل كبير على السعر وسهولة الاستخدام.

مرحلة جديدة لسياسة رينو

مع هذه القرارات، يوجه فرنسوا بروفوست رسالة واضحة مفادها أن المرحلة المقبلة في رينو ستكون عنوانها الانضباط الاستراتيجي والعودة إلى الأساسيات، مع التركيز على المشاريع القابلة للنمو والربحية المستدامة.

وبينما تطوي رينو صفحة بعض تجاربها في مجال التنقل الحضري، تفتح في الوقت ذاته فصلًا جديدًا يسعى إلى تحقيق توازن أدق بين الابتكار والجدوى الاقتصادية، في سوق يشهد تحولات متسارعة وضغوطًا متزايدة على كبرى الشركات العالمية.

موبيليز ديو

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى