دعم دولي وتساؤلات.. الهيشري أول ليبي أمام الجنائية الدولية بجرائم حرب

بين دعم دولي واسع للمحاكمة، واعتراضات محلية تشكّك في دوافعها وتتهم حكومة الوحدة بالتفريط في السيادة الوطنية. مثل المتهم الليبي خالد محمد علي الهيشري اليوم أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
جلسة المثول الأولى
وعقدت المحكمة الجنائية الدولية، جلسة المثول الأولى للهيشري، المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت داخل سجن معيتيقة بالعاصمة طرابلس.
وأكدت القاضية الرئيسة يوليا أنطوانيلا موتوك أن الهيشري تسلّم نسخة عربية من مذكرة اعتقاله، وأنه جرى إبلاغه بكل حقوقه القانونية وفق نظام روما الأساسي.
ويأتي مثول الهيشري بعد أن تسلّمته المحكمة رسميًا من السلطات الألمانية قبل أيام، ليصبح أول متهم ليبي في عهدتها منذ فتح ملف ليبيا عام 2011، حيث تتهمه بارتكاب انتهاكات خلال الفترة من 2015 حتى 2020 باعتباره مسؤولًا كبيرًا في مليشيات الردع.
من هو الهيشري؟
خالد محمد علي الهيشري، المعروف أيضًا بـ«البوتي»، هو قيادي مليشياوي بارز والمسؤول عن سجن معيتيقة الذي كانت تسيطر عليه مليشيا الردع في قاعدة معيتيقة.

ويوجه له الادعاء اتهامات بارتكاب جرائم وانتهاكات خطيرة، يصنّف بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل الإشراف أو الأمر أو المشاركة في عمليات قتل وتعذيب واغتصاب داخل السجن، استنادًا إلى شهادات ضحايا وتسريبات.
دعم دولي للمحكمة
جاءت محاكمة اليوم بعد بيان دولي أصدرته فرنسا وبريطانيا والدنمارك وكوريا وسلوفينيا وسيراليون ودول أخرى رحبت فيه بتسلّم المحكمة للهيشري، معتبرة الخطوة محطة مهمة في أول محاكمة تخص ليبيا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

رفض محلي
وفي الداخل الليبي، أثار الخبر موجة غضب عبّرت عنها عدة كيانات، أبرزها المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة الذي قاد في وقت سابق هذا العام مظاهرات طالبت بتغيير الحكومة.
ووجّه المجلس انتقادات حادة لحكومة الوحدة الوطنية، متهمًا إياها بـ«الخيانة الوطنية» بعد قبولها في مايو/أيار الماضي تفويض المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في قضايا تتعلق بجرائم حرب.
وأكد المجلس أن القضاء الليبي قادر على محاكمة المتهمين داخل البلاد، محذرًا من ردود فعل شعبية تجاه ما اعتبره «المسار الخائن»، محملًا رئيس الحكومة المسؤولية التاريخية عن تداعيات القرار.
ما قانونية الإجراء؟
وأثارت الخطوة تساؤلات حول قانونية تسليم الهيشري للمحكمة الجنائية الدولية، وأولوية القضاء الليبي في محاكمته.
وفي حديث خاص لـ«العين الإخبارية»، قدّم المحامي والخبير الحقوقي الليبي فرج العجيلي قراءة قانونية للخطوة، مؤكدًا أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالملف الليبي قائم وصحيح رغم عدم توقيع ليبيا على نظام روما الأساسي.
وقال العجيلي إن الاعتقاد بأن المحكمة غير مختصة بليبيا كونها غير موقعة على نظام روما «اعتقاد خاطئ»، موضحًا أن المادة 13 واضحة: اختصاص المحكمة ينعقد إذا أحال مجلس الأمن الملف إليها، وذلك بموجب القرار 1970 لعام 2011، ما يجعل المحكمة مختصة بالنظر في جميع القضايا المتعلقة بليبيا.
وأضاف أن الهيشري ليس في مرحلة المحاكمة بعد، وأن ما يجري الآن هو «مثول أولي» أمام الدائرة التمهيدية، وهي بمثابة قاضي تحقيق تشرف على عمل مكتب المدعي العام ولها صلاحيات واسعة تشمل الإفراج وإصدار أوامر القبض وإضافة أو إسقاط التهم.
كما أوضح أن الأدلة التي تستند إليها المحكمة لم تُكشف بعد، وأن طبيعتها — سواء تقارير حقوقية أو شهادات ضحايا أو غيرها — ستتضح بعد اطلاع فريق الدفاع على الملف.
وكشف العجيلي أن الهيشري ليس المتهم الوحيد في الملف الليبي، وأن هناك 6 أسماء أخرى مطلوبة، مشيرًا إلى أن القبض عليه قد يفتح الباب أمام سلسلة تحقيقات جديدة وظهور متورطين آخرين، مما يضع ليبيا أمام «مسار طويل».
وأشار الحقوقي الليبي إلى أهمية المسار القضائي في إنصاف الضحايا، قائلًا: «نحن حريصون على عدم الإفلات من العقاب، وعلى إنصاف كل من تعرّض لانتهاكات.. والمحكمة وُجدت لضمان هذه الحقوق، خاصة وأن كثيرًا من المتهمين أصحاب نفوذ أو يتمتعون بحماية سياسية».
واستشهد بحادثة سابقة قال إنها كشفت عن تدخلات سياسية عطّلت العدالة الدولية، مذكرًا بحالة متهم ألقي القبض عليه في إيطاليا ثم أُفرج عنه وسُلّم بطائرة خاصة إلى ليبيا رغم كونه مطلوبًا للمحكمة، واصفًا الأمر بأنه «وصمة عار في جبين دولة من دول السبع الكبار».
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




