اسعار واسواق

ثورة السيارات الكهربائية في الصين تقود تحولات عميقة عالمياً


وسط فعاليات معرض غوانغتشو الدولي للسيارات، تتجلى ملامح تحول استراتيجي حقيقي في صناعة السيارات العالمية.

ويقدّم المعرض في دورته الثالثة والعشرين، الممتد من 21 إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، مؤشرًا واضحًا على التحولات العميقة التي تشهدها صناعة السيارات العالمية في ظل ثورة السيارات الكهربائية في الصين.

ووفقًا لتقارير شبكة CCTV، دفع النمو القوي في الطلب المحلي الشركات العالمية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها، عبر تطوير طرازات خاصة بالسوق الصينية وتوسيع مسارات التعاون مع الشركات المحلية، في اعتراف مباشر بأهمية أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم.

وتشير وكالة أنباء “شينخوا” إلى مشاركة واسعة لعلامات دولية مرموقة مثل مرسيدس-بنز وبي إم دبليو وMINI، التي عرضت أحدث مجموعاتها الكهربائية، ما يعكس إدراكًا متزايدًا بأن السوق الصينية أصبحت جزءًا لا يمكن تجاهله من خطط النمو العالمي لأي شركة سيارات.

حضور دولي واسع

ولا يتوقف الحضور الدولي عند حدود منصات العرض؛ فالعديد من الشركات الأجنبية ضاعفت استثماراتها في الصين، ووسّعت مراكز البحث والتطوير، وعمّقت شراكاتها داخل سلسلة توريد المركبات الكهربائية. ورغم اختلاف استراتيجيات هذه الشركات، فإنها تتفق على حقيقة واحدة: البقاء قريبًا من الصين يعني البقاء قريبًا من مركز ثقل الابتكار في صناعة السيارات.

وتقف هذه الصورة الواقعية في مواجهة روايات متكررة في بعض وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن “طاقة فائضة” في قطاع السيارات الكهربائية الصيني، وتُصوّر الصادرات على أنها وسيلة للتخلّص من إنتاج زائد. غير أن هذه الطروحات تتجاهل الترابط العالمي في صناعة السيارات، وتغفل عن حقيقة أن الشركات الدولية نفسها تعتمد على السوق الصينية الواسعة ومنظومتها الصناعية المتقدمة.

فعلى سبيل المثال، سجلت مبيعات السيارات الجديدة في الصين عام 2024 نحو 12.866 مليون سيارة، وهو ما كرّس الدولة في صدارة السوق العالمية للعام العاشر على التوالي، وفقًا لشينخوا. هذا الطلب الهائل يجعل من الصين سوقًا لا منافس لها من حيث الحجم وإيقاع التغيير، وهو ما يفسر حرص الشركات العالمية على التواجد القوي في معرض غوانغتشو.

سلسلة توريد فائقة

وتتميّز الصين كذلك بسلسلة توريد فائقة التكامل تشمل البطاريات والمواد والمكونات، وهو ما يتيح انتقال التقنيات الجديدة من مرحلة التصميم إلى الإنتاج الكمي بسرعة استثنائية. وتستفيد الشركات الأجنبية من هذا النظام عبر تعزيز مرونتها وتنويع سلاسل الإمداد العالمية الخاصة بها.

كما أن إنشاء مراكز أبحاث في الصين أتاح لشركات مثل مرسيدس-بنز تعميق تطوير منتجاتها اعتمادًا على قدرات تكنولوجية محلية متقدمة، حيث توضح الشركة أن مراكزها في بكين وشنغهاي أصبحت جزءًا أساسيًا من جهودها العالمية للابتكار.

وعند النظر إلى الصورة الأكبر، يتضح أن صناعة السيارات في الصين، التي اتسمت تاريخيًا بالانفتاح على الشركات الأجنبية، تتجه اليوم نحو نموذج أكثر تكاملاً يدمج بين الابتكار المحلي والمشاركة الدولية.

وبذلك، لا تعكس قصة السيارات الكهربائية في الصين أزمة فائض إنتاج، بل تمثّل حالة توسّع ديناميكي وتعاون دولي متنامٍ وفرصًا مشتركة -وهي جميعها واضحة بجلاء في فعاليات معرض غوانغتشو الدولي للسيارات.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى