على إيقاع «رقصة التانغو».. خطة ترامب تدفع أوكرانيا لحافة القرار

رغم إمهاله إياها أسبوعًا لقبول خطته، قال الرئيس دونالد ترامب الجمعة، إنه سيتعين على أوكرانيا قبول المقترح الأمريكي، مما يضع كييف أمام مفترق طرق.
ومتحدثا في المكتب البيضاوي بعد اجتماعه مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب زهران ممداني، قال ترامب، إنه كان يتوقع إنهاء الحرب في وقت أبكر بكثير، لكنه أضاف «يتطلب الأمر شخصين من أجل (ممارسة رقصة) التانغو».
فمع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع حصيلة القتلى والهجمات المتكررة على محطات الطاقة الأوكرانية تؤكد الحاجة الملحة لإنهاء الحرب، يقول ترامب، مضيفًا: «لدينا خطة. ما يحدث أمر مروع. لدينا سبيل للوصول إلى السلام، أو نعتقد أن لدينا سبيلا للوصول إلى السلام. سيتعين عليه الموافقة عليه»، في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأمهل ترامب كييف أسبوعا لقبول الخطة، وقال لإذاعة «فوكس نيوز»، إنه يعتقد أن الخميس هو الموعد النهائي المناسب لكييف لقبولها، في تأكيد لما أفاد به مصدران لرويترز.
وكشفت مسودة اطلعت عليها «رويترز» أن خطة واشنطن المؤلفة من 28 نقطة:
- تدعو أوكرانيا إلى التنازل عن أراض
- قبول فرض قيود على جيشها
- التخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي
- تضم بعض المقترحات التي قد تعترض عليها موسكو وتطالب قواتها بالانسحاب من بعض المناطق التي سيطرت عليها.
إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سبق أن رفض التزحزح عن مطالب روسيا الرئيسية المتعلقة بالأراضي والأمن، قال الجمعة إن الخطة الأمريكية قد تكون أساسا لحل نهائي للصراع المستمر منذ نحو أربع سنوات، مضيفا أن كييف تعارض الخطة لكنها لا هي ولا حلفاؤها الأوروبيون يفهمون حقيقة التقدم الروسي في أوكرانيا.
وحذر زيلينسكي الجمعة من أن أوكرانيا تخاطر بفقدان إما كرامتها وحريتها أو دعم واشنطن بسبب خطة السلام الأمريكية التي تؤيد مطالب روسيا الرئيسية.
لا أوراق تفاوض
وردا على سؤال حول تعليق زيلينسكي، قال ترامب إنه أخبر الرئيس الأوكراني في اجتماع في البيت الأبيض في فبراير/شباط أنه «لا يملك الأوراق» لإنهاء الصراع بشروطه فقط.
وأضاف: «في مرحلة ما، سيتعين عليه أن يقبل بشيء لم يقبله. أعتقد أن كان عليه أن يعقد صفقة قبل عام، قبل عامين».
قرارات مصيرية
ودعا زيلينسكي، الذي رفض سابقا شروط الخطة واعتبرها استسلاما، الشعب الأوكراني إلى الاتحاد، مشيرا إلى أنه لن يتخذ قرارات تضر بمصلحة كييف.
وقال في خطاب من أمام مكتبه، وهو مكان نادرا ما يستخدمه لإلقاء خطابات مهمة: «نمر الآن بواحدة من أصعب اللحظات على مدار تاريخنا».
وأضاف: «تواجه أوكرانيا الآن خيارا صعبا للغاية، إما فقدان الكرامة أو المخاطرة بفقدان شريك رئيسي. سأبذل قصارى جهدي على مدار الساعة لضمان عدم إغفال نقطتين على الأقل في الخطة، وهما كرامة الأوكرانيين وحريتهم”.
ضغوط أمريكية
وقال مصدران تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما إن واشنطن هددت بوقف تبادل معلومات المخابرات وإمدادات الأسلحة ما لم توافق أوكرانيا على الاتفاق.
إلا أن مسؤولا أمريكيا كبيرا قال في وقت لاحق إن القول إن الولايات المتحدة هددت بوقف تبادل معلومات المخابرات ليس دقيقا.
وأجرى زيلينسكي مكالمة هاتفية الجمعة، مع قيادات من حلفاء بلاده بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وكذلك مع نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في وقت لاحق، وقال إنه اتفق مع فانس على أن يعمل مستشارو البلدين «على التوصل إلى مسار عملي لعملية السلام».
وقال زيلينسكي: «نقدر جهود الولايات المتحدة والرئيس ترامب وفريقه الرامية إلى إنهاء هذه الحرب. نعمل على الوثيقة التي أعدها الجانب الأمريكي. يجب أن تكون هذه خطة تضمن سلاما حقيقيا وكريما».
الخطوات التالية
وقال تيم آش، من مركز أبحاث تشاتام هاوس البريطاني: «تحصل روسيا على كل ما تريده، أما أوكرانيا فلا تحصل على الكثير. إذا قبل زيلينسكي هذه الخطة، في رأيي، ستحدث حالة كبيرة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أوكرانيا».
وكتب المستشار الألماني فريدريش ميرتس في منشور على منصة «إكس» أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع ترامب بشأن خطة السلام مساء الجمعة. ووصف ميرتس الاتصال بأنه “بناء للغاية وسري”، وأنهما اتفقا خلاله على “الخطوات التالية على مستوى المستشارين”.
ومن المتوقع أن تكون الخطة الأمريكية محور المناقشات خلال قمة مجموعة العشرين المقامة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا بحضور قادة أوروبيين يومي السبت والأحد على الرغم من مقاطعة ترامب.
مقترح أوكراني مضاد
وذكرت ثلاثة مصادر لـ«رويترز»، أن أوكرانيا تعمل على اقتراح مضاد للخطة الأمريكية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ولم يشارك الأوروبيون في إبداء آرائهم بشأن الخطة الامريكية، وعبروا عن دعمهم القوي لكييف.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس: «جميعنا يرغب في أن تنتهي هذه الحرب، لكن كيف يحدث ذلك؟ لا تملك روسيا أي حق قانوني في الحصول على أي تنازلات من الدولة التي غزتها. إنها لحظة بالغة الخطورة على الجميع».
ودافع مسؤولون أمريكيون عن خطتهم، قائلين إنها وضعت بعد مشاورات مع أمين عام مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني رستم أوميروف، وهو حليف مقرب من زيلينسكي كان يشغل منصب وزير الدفاع حتى يوليو/تموز.
وقال مسؤول أمريكي كبير الخميس، إن أوميروف “أبدى موافقته على معظم بنود الخطة بعد إجراء تعديلات عدة عليها، وعرضها على الرئيس زيلينسكي”.
ونفى أوميروف موافقته على أي من بنود الخطة، وقال إنه لم يضطلع سوى بدور تقني في تنظيم المحادثات.
وضوح أم غموض؟
وستتطلب الخطة انسحاب أوكرانيا من أراض لا تزال تسيطر عليها في مناطق بالشرق تقول روسيا إنها ضمتها، بينما ستتخلى روسيا عن مساحات أصغر من أراض استولت عليها في مناطق أخرى.
وتنطوي كذلك على منع أوكرانيا على الدوام من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، مع فرض سقف على قوام قواتها المسلحة عند 600 ألف جندي، على أن يوافق الحلف على عدم نشر قوات هناك أبدا.
وتشير الخطة إلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا تدريجيا ودعوة موسكو للعودة إلى مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى وتجميع الأصول الروسية المجمدة في صندوق استثماري.
ومن مطالب أوكرانيا الرئيسية الحصول على ضمانات قابلة للتنفيذ تعادل بند الدفاع المشترك لحلف شمال الأطلسي لردع روسيا عن شن هجوم جديد، لكن الخطة لم تتناول هذا المطلب إلا في سطر واحد بالقول دون تفاصيل “ستحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية قوية”.
وعاد ترامب إلى البيت الأبيض هذا العام وفي جعبته تعهد بوضع نهاية سريعة للحرب. ورغم تقبله بعض مبررات روسيا لشن عمليتها العسكرية في جارتها في 2022، فقد بدأ صبره ينفد تجاه موسكو.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




