ممداني وترامب وجها لوجه.. من ينتصر في الجولة الأولى؟

تتجه الأنظار الجمعة إلى البيت الأبيض ترقبا للقاء المنتظر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني.
وسط التوتر السياسي غير المسبوق بينهما يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني اليوم في البيت الأبيض في اجتماع حاسم لمستقبل أكبر مدينة أمريكية لكنه يعكس اختلال القوى بين الرجلين.
كان فوز ممداني وهو سياسي تقدمي اشتراكي من أصول أوغندية بمنصب العمدة واحدة من أكبر المفاجآت السياسية لعام 2025 لكنه لا يمتلك إلا خبرة سياسية محدودة كما أنه لا يحظى بدعم سياسي كبير في المقابل يمتلك ترامب سلطة فيدرالية واسعة وذلك وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.
وقالت المجلة إن ترامب يدخل الاجتماع وهو في موقع قوة كامل فقد هدد بخفض المساعدات الفيدرالية لنيويورك، وألمح إلى إمكانية إرسال الحرس الوطني إلى المدينة ردا على انتخاب ممداني الذي يدعو لتقليص ميزانيات الشرطة.
كما يلوح المسؤولون الفيدراليون بقيادة ترامب بتكثيف عمليات الترحيل في المدينة، بينما طالب بعض الجمهوريين في الكونغرس بالتحقيق في جنسية ممداني ومحاولة نزعها وهي خطوة يعتبرها الديمقراطيون عدائية غير مسبوقة.
ويتبنى ترامب سياسات صدامية تجاه المدن الخاضعة لحكم ديمقراطي مثلما حدث مع قادة شيكاغو ولوس أنجلوس وواشنطن لكن نيويورك، مسقط رأس الرئيس تمثل حالة خاصة تجعله يتعامل معها بقدر كبير من الحساسية السياسية والرمزية ومؤخرا استغل هذه الديناميكية لفرض نفوذه على سياساتها.
وبالنسبة لممداني، فإن اللقاء يشكل “اختبارًا مبكرًا وحاسمًا” لقدرته على إدارة مدينة معقدة تضم نحو 300 ألف موظف حكومي وتعاني من أزمات معيشية متفاقمة خاصة وأن فاز بالمنصب مدفوعًا بدعم الشباب التقدميين والناخبين من الأقليات، خصوصًا الجالية الجنوب آسيوية.
لكن ممداني يواجه أيضًا شكوكًا من قطاع الأعمال ومن الديمقراطيين الوسطيين الذين يخشون من أن يؤدي صدامه مع ترامب إلى خسارة المدينة لمشاريع بنية تحتية ضخمة مثل نفق “غايتواي” وخط المترو الجديد في الجادة الثانية وتحديث محطة “بن ستايشن” كما يتخوف بعض المسؤولين في الولاية من أن يقوم ترامب بإرسال قوات فيدرالية للمدينة، كما فعل في مدن أخرى.
وكان ترامب قد بدأ باستفزاز ممداني عبر منشورات على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال”، حيث استخدم الاسم الأوسط لممداني بين علامات اقتباس، واصفًا إياه بأنه “الشيوعي”.
ويعتزم ترامب توسيع عمليات الترحيل في نيويورك عبر وكالة الهجرة، وهو ما قد يحرج الديمقراطيين ويضع ممداني في موقف صعب خاصة بعدما تعهد بحماية المهاجرين، لكنه لن يستطيع تحمل مواجهة مباشرة مع الحكومة الفيدرالية التي تملك سلطة التمويل والإنفاذ.
وفي سيناريو يتحدى ممداني، قال مقربون من الإدارة إن ترامب قد يدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نيويورك وذلك بعدما تعهد عمدة نيويورك المنتخب بإصدار مذكرة توقيف رمزية ضده وأيا كان قرار ممداني في هذه الحالة سواء تنفيذ التعهد أو التراجع عنه سيكلفه سياسيًا أمام قاعدة ناخبيه.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب “مستعد لسماع ما سيقوله ممداني”، لكنه لا يتوقع الاتفاق معه في أي شيء وأشار إلى أن ترامب يرى في هذا اللقاء فرصة لإظهار استعداده للعمل مع الجميع، لكنه يحتفظ بالحق في الضغط على نيويورك إذا رأى أن سياسة المدينة تتعارض مع مصالحه أو أجندته.
ينتمي الرجلان للمدينة نفسها لكن كلا منهما يحمل رؤى متناقضة فترامب رجل أعمال نشأ في بيئة المال والعقارات في الثمانينيات، عصر الثراء الفاحش والإنشاءات العملاقة، لكنه أيضًا عصر تفشي الفقر والجريمة.
أما ممداني فهو ابن عائلة مهاجرة ميسورة الحال، يمثل جيلًا شابًا معبأً بالغضب من غلاء المعيشة وغياب العدالة الاقتصادية.
ورغم اختلافهما الجذري، إلا أن كليهما بنى حملته على موضوع مشترك وهو تكلفة المعيشة فممداني ركز على جعل المدينة أكثر قدرة على الاستمرار سكانياً، بينما وظّف ترامب خطابًا اقتصاديًا شعبويًا لا يزال يجد صدى لدى قواعده.
وخلال الحملة الانتخابية، تدخل ترامب بشكل غير مسبوق محاولًا منع فوز ممداني فسعى لإفشال حملة المرشح الجمهوري كيرتس سليسوا وهاجمه علنًا ودعم المرشح المستقل أندرو كومو الذي خسر الانتخابات التمهيدية الديمقراطية لصالح ممداني.
وضغط على مكتب التحقيقات لوقف قضية فساد ضد العمدة السابق إريك آدمز وعرض عليه وظائف فيدرالية لدفعه لعدم الترشح مجددًا، لمنح الفرصة لكومو.
ويريد ممداني أن يركز الاجتماع على “جعل المدينة ميسورة التكلفة”، وهو محور حملته ويؤكد أنه سيعمل مع ترامب في أي قضية تخدم سكان نيويورك، لكنه سيعارضه إذا رأى أن سياساته تضرهم.
أما ترامب، فبحسب مصادر مقربة، يريد أن يُظهر أنه لا يزال صاحب اليد العليا في المدينة التي رفضته انتخابيًا ثلاث مرات، وأن بإمكانه تحديد حدود القوة لعمدتها المنتخب.
ووفقا لوكالة “رويترز” فإن ممداني هو من طلب اللقاء لمناقشة قضايا تكلفة المعيشة والسلامة العامة.
وسيؤدي ممداني اليمين عمدة لنيويورك في الأول من يناير/كانون الثاني ليكون الرجل المولود في أوغندا لأبوين من أصل هندي، أول مسلم وأول شخص من جنوب آسيا يتولى المنصب.
ورغم الانقسام الذي أثارته حملة ممداني التي اعتمدت على منصات التواصل الاجتماعي داخل الحزب الديمقراطي إلا أن الديمقراطيون يتحدون بشكل رئيسي في معارضتهم لترامب الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية جديدة في عام 2028.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




