قرارات تكساس.. هل تعجل بـ«حظر كلي» للإخوان في أمريكا؟

تصنيف ولاية تكساس للإخوان كمنظمة إرهابية يعكس تصعيدا غير مسبوق في التعامل مع نشاط التنظيم داخل الولايات المتحدة، وسط تحركات متسارعة في الكونغرس لمعاقبة الجماعة وأذرعها.
ويأتي القرار بالتوازي مع تصريحات لمسؤولين كبار تشير إلى رغبة في فرض حظر أوسع وأشمل للإخوان على المستوى الفيدرالي، وهو ما اعتبره خبراء لـ«العين الإخبارية» يعكس إدراك السلطات لخطر التنظيم على الأمن الداخلي والسياسة الوطنية، ويضع الإخوان تحت ضغط غير مسبوق قد يعيد رسم نطاق حضورهم في البلاد.
وصنف حاكم ولاية تكساس الأمريكية الجمهوري غريغ أبوت، الأربعاء، جماعة الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، منظمتين إرهابيتين أجنبيتين ومنظمتين إجراميتين عابرتين للحدود الوطنية.
حظر أشمل للجماعة
تحرك، اعتبره طارق أبوزينب الكاتب والباحث اللبناني في شؤون الجماعات الإسلامية، في حديث لـ”العين الإخبارية، رسالة سياسية وأمنية تعكس تحولا تدريجيا في نظرة واشنطن، وخصوصًا التيار الجمهوري، إلى مشروع الإسلام السياسي داخل الأراضي الأمريكية ما يفتح الباب أمام حظر أشمل للجماعة.
ويكشف القرار، وفق أبوزينب، تنامي المخاوف من تنظيم الإخوان حيث إن الأجهزة البحثية والأمنية في الولايات المتحدة تتابع منذ سنوات نشاط الإخوان عبر منظومة واسعة من الواجهات الناعمة بينها، مؤسسات حقوقية، ومراكز أبحاث، وجمعيات مجتمعية، ومنظمات ضغط سياسي، مشيرا إلى أن هذه الواجهات تمنح التنظيم قدرة على التأثير الهادئ والمتدرج داخل المجتمع ومراكز القرار، وهو ما دفع ولايات محافظة إلى رفع سقف المواجهة.
كما اعتبر “أبو زينب” أن البعد السياسي حاضر بقوة، حيث إن القرار يأتي لإظهار الصرامة تجاه الجماعات العابرة للحدود، وفي سياق سعي ولايات مثل تكساس لتثبيت نفسها كخط الدفاع الأول ضد ما تعتبره اختراقًا أيديولوجيًا يتجاوز النشاط الديني التقليدي، إلى بناء نفوذ سياسي طويل المدى.
كذلك، يحمل القرار بعدا اجتماعيا مهما، لأنه سيحرك النقاش داخل الجاليات المسلمة، ويفتح مواجهة إعلامية بين الأطراف المؤيدة والمعارضة، وهو ما قد ينتج عنه استقطاب متزايد داخل المجتمع الأمريكي حول دور المنظمات الإسلامية وتأثيرها، وفقا للخبير اللبناني.
على الصعيد الدولي، والحديث لـ”أبو زينب”، فقد أثبتت الإخوان أن حضورها ليس مجرد نشاطا سياسيا، أو دعويا، بل تهديد حقيقي لاستقرار الدول والمجتمعات.
وأوضح قائلا : “في السودان، ساهمت سياساتهم في تفكيك مؤسسات الدولة وفرض نفوذ موازٍ يهدد الأمن الوطني. وفي الأردن، استمروا في استغلال الأزمات لتعزيز نفوذهم السياسي والاجتماعي، متجاوزين القانون والشرعية، وفي مصر، استغلوا الظروف في أوقات سابقة للمضي إلى فوضى واضطرابات، بينما في سوريا يحاولون فرض رؤية تحمل في طياتها عدم الاستقرار السياسي وكذلك في أوروبا باتوا منبوذين ومطاردين” .
ولا يقتصر الأمر على السياسة، فهناك شبهات واضحة لاستغلال أموال التبرعات الموجهة لقطاع غزة لأغراض حزبية وسياسية، ما يكشف النزعة الاستغلالية المستمرة للإخوان وتحويل القضايا الإنسانية إلى أدوات نفوذ، بحسب أبوزينب.
وخلص إلى أن “كل هذه الوقائع تؤكد أن المخاوف الأمريكية من الإخوان في تكساس، ليست مجرد تحفظ محلي، بل رد فعل منطقي على تنظيم يعمل خارج الدولة، يهدد الاستقرار، ويستغل الدين والسياسة لخدمة أجندة أيديولوجية عالمية ضيقة ومشبوهة.

رفض غربي للإخوان
وفي تعقيبه، قال الدكتور هشام النجار، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية، في حديث لـ”العين الإخبارية”، إن “تحرك حاكم ولاية تكساس خطوة هامة جدا كأول إجراء في سياق ملف كبح حضور ونشاط الإخوان في أمريكا”.
ويعد تصنيف الإخوان في تكساس كمنظمة إرهابية، بمثابة إعلان قوي عن مقدار القلق الذي يشعر به قطاع كبير من الأمريكيين حيال نشاط التنظيم المريب والخطير، حتى وإن كان الإجراء محدودا ومحسوبا على جناح سياسي بعينه (الحزب الجمهوري)، وليس مجمعا عليه داخل دائرة صنع القرار والأهم لدى المؤسسات السيادية، وفق النجار.
وأوضح الخبير المصري، أن الحزب الجمهوري يرغب منذ زمن بعيد في تصنيف الإخوان إرهابية وحظر نشاطها كان أحدثها تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو.
ومنتصف أغسطس/آب الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إن بلاده تعمل حاليا على دراسة وتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية.
تصريحات روبيو جاءت في مقابلة مع برنامج Sid and Friends in the Morning، بحسب ما طالعته “العين الإخبارية” في موقع وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك.
روبيو أكد أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة شاملة تشمل عددا من الكيانات التي تدعم الإرهاب أو تمارسه.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستصنف جماعة الإخوان المسلمين، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، منظمتين “إرهابيتين”، قال روبيو: “نعم كل هذا قيد الإعداد”.
وأضاف: “من الواضح أن هناك فروعا مختلفة لجماعة الإخوان المسلمين، لذا يجب تصنيف كل فرع منها”.
لكن وزير الخارجية الأمريكي أوضح أن “عملية التصنيف تمر بإجراءات قانونية دقيقة، نظرا لاحتمال الطعن فيها أمام القضاء من قبل المنظمات المستهدفة”.

خطوة غير مسبوقة
بدوره، عد الدكتور بشارة بحبح، رئيس لجنة العرب الأمريكيين من أجل السلام، في حديث لـ”العين الإخبارية”، تحرك حاكم تكساس بـ”خطوة غير مسبوقة” في أمريكا.
لكن بحبح أكد أن “تصنيف الإخوان أو غيرها يتطلب إجراءات قانونية حتى لا تكون خطوة رمزية ومحدودة”.
وعن أسباب التصنيف، قال بيان لمكتب الجمهوري غريغ أبوت، إنه “لطالما أوضحت جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) أهدافهما: فرض الشريعة الإسلامية بالقوة، وترسيخ سيادة الإسلام على العالم”.
وأضاف: “إن الإجراءات التي اتخذها الإخوان ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية لدعم الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وتقويض قوانيننا بالعنف والترهيب والمضايقة، غير مقبولة.. واليوم، صنّفتهما منظمتين إرهابيتين أجنبيتين، ومنظمتين إجراميتين عابرتين للحدود الوطنية”.
وأكد أن “هؤلاء المتطرفين غير مرحب بهم في ولايتنا، ويُحظر عليهم الآن اقتناء أي ممتلكات عقارية في تكساس”.
تحركات بالكونغرس
وفي يوليو/تموز، كشف السيناتور الجمهوري تيد كروز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، عن تفاصيل مشروع القانون الجديد الذي يسعى من خلاله إلى تصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية.
ووفق نسخة من التشريع حصلت عليها صحيفة «واشنطن فري بيكون»، فإن مشروع القانون الذي يحمل عنوان «قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية لعام 2025»، يعتمد على «استراتيجية محدثة» تهدف إلى تصنيف الجماعة استنادا إلى نشاطاتها وتحركات فروعها.
ويتضمن مشروع القانون إجراءات قانونية واسعة النطاق لمعاقبة التنظيم وأذرعه.
وبموجب مشروع القانون، فإن وزير الخارجية الأمريكي سيكون ملزما بـ«تحديد الفروع التي تنطبق عليها معايير التصنيف، وتوثيق دعم الجماعة الأم لها، ما يبرر تصنيف الإخوان بشكل شامل».
ويحظى مشروع كروز بدعم أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ، بينهم جون بوزمان وتوم كوتون (أركنساس)، وديفيد ماكورميك (بنسلفانيا)، آشلي مودي وريك سكوت (فلوريدا).
آليات قانونية متعددة للتصنيف
ويعمل مشروع القانون المقترح على ثلاثة مستويات متداخلة:
تحرك من الكونغرس بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1987، ما يمنع أي تعامل مالي مع الجماعة.
تصنيف من وزارة الخارجية كمنظمة إرهابية أجنبية.
تصنيف بموجب سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية كـ«إرهابي عالمي مُصنف بشكل خاص».
وتنص الوثيقة المرافقة لمشروع كروز على أن التشريع «يفعّل كل الآليات المذكورة في آن واحد»، بهدف فرض أقصى قدر من الضغط القانوني والمالي على الجماعة وفروعها.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=
جزيرة ام اند امز




