اسعار واسواق

مزادات الخزانة الأمريكية.. محرك للديون قصيرة الأجل


ضخّت وزارة الخزانة الأمريكية ما يقرب من 694 مليار دولار في السوق عبر 9 مزادات أُجريت خلال ثلاثة أيام فقط.

حدث ذلك في أسبوع قصير بسبب عطلة يوم المحاربين القدامى التي أغلقت سوق السندات في خطوة تُبرز حجم اعتماد الحكومة المتزايد على الاقتراض قصير وطويل الأجل لتجديد الديون وتمويل العجز الآخذ في الاتساع.

ووفقا لتقرير نشره موقع “ولف ستريت”، فإن  الجزء الأكبر من هذه المزادات كان من أذون الخزانة قصيرة الأجل (T-bills)، التي شكّلت 549 مليار دولار من إجمالي الطرح، بآجال تتراوح بين 4 أسابيع إلى 52 أسبوعاً، من بينها 110 مليارات دولار لأذون الأربع أسابيع، و 101 مليار دولار لأذون الستة أسابيع. أما السندات متوسطة وطويلة الأجل، فبلغت 144 مليار دولار من إجمالي المزادات، شملت 48 مليار دولار من السندات لأجل 10 سنوات، و29 مليار دولار من السندات لأجل 30 عاماً.

ووفقا للتقرير، فإن إحدى أبرز النقاط التي عكست تصاعد تكلفة خدمة الدين كانت في مزاد السندات لأجل 10 سنوات. فقد باعت الخزانة 48.5 مليار دولار من هذه السندات بعائد بلغ 4.07%، لتحل محل 24.1 مليار دولار من السندات الصادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بعائد 2.30% والتي حلّ موعد استحقاقها. الدلالة واضحة: إصدار جديد يعادل ضعف الأصل تقريباً، وبعائد أعلى بـ1.77 نقطة مئوية، ما يعكس القفزة الحادة في كلفة التمويل.

استحقاقات ضخمة

وكما هو معتاد، تُستبدل أذون الخزانة قصيرة الأجل بأخرى جديدة بمجرد استحقاقها، غير أنّ تضخّم حجم الإصدارات جعل من عمليات التجديد عملية ضخمة ومتنامية. فعلى سبيل المثال، ستستحق 101 مليار دولار من أذون الستة أسابيع في 26 ديسمبر/كانون الأول، وسيجري استبدالها عبر مزادات جديدة، إضافة إلى أي مبالغ إضافية يحتاجها تمويل العجز الجاري. والأمر نفسه ينطبق على 82 مليار دولار من أذون الـ26 أسبوعاً التي ستستحق في مايو/أيار 2026.

وهذا التوسع الضخم في أذون الخزانة جعل مزاداتها “آلات متقنة” كما يصفها محللون؛ إذ يعتمد المستثمرون، بما في ذلك الشركات الكبرى، على هذه الأدوات لإدارة السيولة عبر آليات إعادة الاستثمار التلقائي، تماماً كما يفعلون مع صناديق أسواق المال.

من جانب آخر، يستعد الاحتياطي الفيدرالي لتحويل الجزء الذي يستحق من محفظته من الرهونات العقارية (MBS) إلى أذون خزانة، بعد انتهاء سياسة التشديد الكمي (QT) في ديسمبر/كانون الأول. وعلى الرغم من توقف الـQT، ستواصل الـMBS الخروج من الميزانية العمومية حتى يتم التخلص منها بالكامل، ما يعني أن الفيدرالي سيتجه لشراء ما بين 15 و19 مليار دولار شهرياً من أذون الخزانة بديلاً لها. وقد خفض الفيدرالي بالفعل حيازاته من الـMBS بواقع 670 مليار دولار منذ بدء التشديد، إلا أنّه ما يزال يحتفظ بـ2.1 تريليون دولار ستتحول تدريجياً إلى أذون خزانة خلال السنوات المقبلة، فيما يتعيّن على المستثمرين امتصاص هذا الحجم الضخم من السندات العقارية في السوق.

ومع نهاية أكتوبر/تشرين الأول، قفزت أذون الخزانة القائمة إلى مستوى قياسي بلغ 6.59 تريليون دولار، إلا أنّ حصتها من إجمالي الديون القابلة للتداول — البالغة 30 تريليون دولار — لم تصل إلى مستويات الذروة التاريخية، إذ بلغت 22%، مقارنة بـ34.4% خلال أزمة 2008 و25.5% في أزمة جائحة 2020.

ورغم قيام الفيدرالي بخفض الفائدة مؤخراً، فإن العوائد طويلة الأجل تعود للصعود تحت ضغط الإصدارات الضخمة وعدم اليقين حول مسار السياسة النقدية. فقد ارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات بنحو 4 نقاط أساس اليوم ليصل إلى 4.15%، بعد أن كان قد هبط مؤقتاً إلى ما دون 4% عقب آخر خفض للفائدة. وبهذا، أصبح العائد على السندات لأجل 10 سنوات أعلى بـ27 نقطة أساس من معدل الفائدة الفعلي للبنك المركزي، رغم أنّ المنطق المالي الطبيعي يقتضي أن تكون العوائد الطويلة أعلى بفارق أكبر.

ووسط هذه التطورات، واصلت الديون الفيدرالية الأمريكية قفزاتها لتسجل 38.12 تريليون دولار حتى 13 نوفمبر/تشرين الثاني. ورغم أن الإصدارات التي تستبدل ديوناً مستحقة لا تزيد إجمالي الدين، فإن الإصدارات الإضافية لتمويل العجز المتزايد تمثل العامل الأساسي في تضخم الدين بوتيرة متسارعة -وهي وتيرة يبدو أنها مرشحة للاستمرار في ظل اتساع الفجوة بين الإيرادات والإنفاق الحكومي.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى