حلم المليون مُسيرّة.. هل يكفي لإنقاذ تفوق الجيش الأمريكي؟

بينما تتسارع وتيرة التحولات في ميدان القتال العالمي، يقف الجيش الأمريكي أمام معادلة غير مسبوقة في تاريخه الحديث: هل يكفي أن يبني مليون طائرة مسيّرة ليحافظ على تفوقه؟
وفي عالم تُقاس فيه القوة بعدد «العيون الطائرة» فوق الجبهات، تخوض واشنطن سباقًا مع الزمن أكثر مما تخوض سباقًا مع خصومها، ما يعني أن الجيش الأمريكي يتعامل اليوم مع المسيّرات باعتبارها «ذخيرة المستقبل».
فهل يكفي بناء مليون مسيرة للحفاظ على تفوقه؟
يقول موقع «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكي، إنه حتى إنتاج مليون طائرة مسيّرة سنويًا قد لا يكون كافيًا للجيش الأمريكي في حالة صراع بين القوى الكبرى—خاصة أن القاعدة الصناعية في الصين قادرة على إنتاج ما لا يقل عن 8 ملايين طائرة.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن الجيش الأمريكي يدرك أن ميدان المعركة الحديث قد تغيّر جذريًا منذ آخر مرة شاركت فيها قواته في صراع كبير؛ فالأنظمة غير المأهولة باتت تُعرّف ساحات القتال الحديثة بطرق كانت مقتصرة سابقًا على الأنظمة المأهولة.
وبفعل هذه التحولات، كما ظهر في النزاعات الأخيرة في القوقاز، وأفريقيا، والشرق الأوسط، وبشكل أوضح في أوكرانيا، يسعى الجيش إلى شراء ما لا يقل عن مليون طائرة مسيّرة خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة.
وبعد تلك الدفعة الأولية، يتحدث الجيش عن شراء مئات الآلاف من الطائرات الإضافية سنويًا—بمعدل يتراوح بين 500 ألف وملايين الوحدات.
فهم معادلة الجيش الأمريكي
يقول الموقع الأمريكي، إنه بينما لا تنتج القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية حاليا سوى نحو 50 ألف طائرة مسيّرة سنويًا، يريد الجيش التعامل مع الكثير من هذه الطائرات بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع الذخائر—أي باعتبارها رخيصة وقابلة للاستهلاك، على عكس الطائرات المتطورة ذات التكلفة العالية مثل “بريداتور MQ-1″ و”ريبر MQ-9” التي شكّلت رمزًا لحرب الإرهاب.
هذا الأمر يعكس الدروس المستفادة من حرب أوكرانيا، حيث استُخدمت الطائرات منخفضة التكلفة بكثافة في جمع المعلومات، وضرب الأهداف.
ولتحقيق هذه الأعداد الضخمة، يطلق الجيش استراتيجية صناعية فريدة بين القطاعين العام والخاص أطلق عليها اسم “SkyFoundry”. ومن خلال تعزيز التصنيع المحلي—بما يشمل المحركات، والمستشعرات، والبطاريات، والدوائر الإلكترونية—لا يهدف الجيش إلى الشراء فقط، بل إلى امتلاك سلسلة توريد قادرة على «التحول السريع» في حالات الطوارئ. وهو أمر حاسم في أي أزمة، إذ يريد الجيش القدرة على إنتاج ما يلزم من الطائرات المسيّرة لمواجهة أي تهديد محتمل.
علاوة على ذلك، فإن مكوّن «التوطين» في هذا البرنامج الجديد يأتي ردًا مباشرًا على حقيقة أن الصين، في ظل الظروف الحالية، هي المصدر الأساسي للعديد من المكوّنات الحيوية لمعظم أنظمة الطائرات المسيّرة، وهذا يمثل ضعفًا خطيرًا، خصوصًا مع انتقال الجيش الأمريكي (وجيوش أخرى حول العالم) إلى الاعتماد المتزايد على الأنظمة غير المأهولة، بحسب الموقع الأمريكي.
وبالتوازي مع شراء هذه الطائرات، يجري الجيش تجارب على طرق للتصدي للطائرات المعادية، بما يشمل شبكات إسقاط، وأدوات كهرومغناطيسية، وأشكالًا جديدة من المتفجرات لتقليل خطر الطائرات في الميدان.
لذا فإن استراتيجية الجيش لا تتعلق فقط بشراء أكبر عدد ممكن من المسيّرات (وتوطين إنتاجها)، بل بإنشاء دفاعات فعالة ضدها أيضًا.
مليون مسيّرة سنويًا لا تكفي
تنتج روسيا وأوكرانيا حاليًا نحو أربعة ملايين طائرة مسيّرة سنويًا لكل منهما. أما الصين، بقدراتها الصناعية الهائلة، فقد تنتج أكثر من ثمانية ملايين طائرة سنويًا—معظمها مدنية مُعدّة للتصدير، ويمكن تحويلها بسهولة إلى أغراض عسكرية. وفي حال نشوب صراع بين قوى متقاربة، ستكون الولايات المتحدة في وضع غير مريح إطلاقًان يقول «ذا ناشيونال إنترست».
ومع ذلك، فإن التوسع بالمعدل الذي يخطط له الجيش أسهل قولًا من فعل، فهناك وقت طويل لازم لبناء الآلات المطلوبة لتصنيع أجزاء الطائرات المسيّرة.
وقد أفادت مجلة «ديفينس نيوز»، أن منشأة «روك آيلاند أرسنال» تحتاج إلى شهور لإنشاء بعض خطوط الإنتاج. ومع اعتماد جزء كبير من سلسلة التوريد على دول مثل الصين، فإن التوسع محليًا سيكون بطيئًا ومعقدًا.
كما أن التعامل مع الطائرات بوصفها «قابلة للاستهلاك» يطرح إشكالية إضافية، فمن السهل التخلص من هذه الأنظمة، لكن يجب الاستعداد لخسارة أعداد كبيرة منها.
فمعدلات الاستنزاف العالية تعني أن الجيش المنخرط في حرب تعتمد على المسيّرات سيكون مضطرًا باستمرار لشراء بدائل، وفي صراع عالي الحدة، قد يتجاوز معدل خسارة هذه الطائرات حاجز مليون وحدة سنويًا إذا سارت الأمور بشكل سيئ.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن هدف إنتاج مليون طائرة «جريء للغاية» ويمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا للجيش الأمريكي، لكن تحقيقه ليس سهلًا، فيما الرقم الكبير المتمثل بمليون طائرة لن يضمن التفوق.
ومع ذلك، إذا تمكن الجيش من بناء سلسلة توريد قوية، وتبسيط عمليات التصنيع، ودمج استخدام الطائرات المسيّرة عبر وحداته، فيمكنه تعزيز مرونته وقدرته التكتيكية بشكل كبير في النزاعات المستقبلية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




