اسعار واسواق

قطاع السيارات الأوروبي.. أرباح متراجعة ومنافسة صينية وتحول كهربائي يثير الجدل


يمر قطاع السيارات الأوروبي بـ”لحظة حاسمة” في تاريخه، إذ تتراجع الأرباح والمبيعات بشكل حاد، مع تسجيل سوق السيارات الكهربائية نتائج مُخيّبة للآمال، وتصاعد المنافسة الصينية، وتشديد بروكسل للقيود التنظيمية، بحسب أطراف فاعلة في القطاع.

وفي “يوم قطاع السيارات” الذي نظمته هذا الأسبوع في باريس منصة «بلاتفورم أوتوموبيل» (PFA)، الممثلة لمصالح صناعة السيارات في فرنسا، دقّ معظم قادة الأعمال ناقوس الخطر، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وأكد لوك شاتيل، رئيس المنصة، أن “الأرض تتزعزع تحت أقدامنا”، فيما رأى فرنسوا بروفوست، الرئيس التنفيذي لمجموعة رينو، أن “صناعتنا عند منعطف دقيق، مع خطر التخلف”، بينما صرّح أنطونيو فيلوسا، المدير التنفيذي لشركة ستيلانتيس، بأن “أوروبا تتراجع”.

ويتفق قادة الأعمال وممثلو النقابات والمنظمات البيئية غير الحكومية على أن القطاع يشهد تحولات جذرية، رغم اختلافهم حول مدى سوداوية التوقعات.

وقال أولا كالينيوس، الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس، إننا نشهد “تحولًا لا يحدث إلا كل مئة عام، في بيئة يضربها إعصار من الفئة الخامسة”.

واعتبرت ماريليز ليون، رئيسة الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل (CFDT)، في حديث للصحافة هذا الأسبوع، أن هذه اللحظة “تاريخية” و”حاسمة”.

ولم تتمكن سوق السيارات الأوروبية بعد من العودة إلى مستويات ما قبل جائحة «كوفيد-19». فقد انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا بنحو 3 ملايين وحدة عام 2024 مقارنة بـ2019، لتصل إلى 10.6 مليون وحدة فقط. وفي فرنسا وحدها، بلغ الانخفاض 22% (من 2.21 مليون وحدة عام 2019 إلى 1.72 مليون وحدة عام 2024).

ويُفسر أوليفييه هانول، خبير السيارات في شركة رولان بيرجيه للاستشارات، ضعف القطاع بثلاثة عوامل رئيسية: التحول نحو السيارات الكهربائية، والحمائية الأمريكية، وصعود الصين.

وقال هانول: “على أوروبا أن تُنجز أسرع تحول نحو السيارات الكهربائية في العالم”، مضيفًا: “سبقنا الصينيون بسنوات، من دون أن يهدفوا إلى التخلي الكامل عن المحركات الحرارية بحلول عام 2035″، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترامب، “تتجه ببطء نحو السيارات الكهربائية”.

ويعتزم الاتحاد الأوروبي حظر بيع السيارات الحرارية والهجينة الجديدة بحلول عام 2035، في خطوة تُعدّ ركيزة أساسية ضمن الصفقة الأوروبية الخضراء التي أُقرت في مارس 2023، رغم التحفظات الألمانية.

وقال لوك شاتيل، رئيس منصة “بلاتفورم أوتوموبيل”، إن “المخاطر التي تواجه الصناعة الأوروبية حاليًا تنبع من خيار سياسي وعقائدي، لا من تحديات تكنولوجية”.

ويرى عدد من الصناعيين أن المستهلكين يُحجمون عن شراء السيارات الكهربائية بسبب ارتفاع أسعارها. لذلك، دعا فرنسوا بروفوست، الرئيس التنفيذي لشركة رينو، إلى السماح باستمرار إنتاج السيارات الهجينة القابلة للشحن (التي تجمع بين محرك حراري وبطارية كهربائية) واستخدام الوقود الحيوي لما بعد عام 2035، مع ضرورة الحد من “موجة معايير السلامة وإزالة الكربون المفرطة”.

تم اختيار عام 2035 موعدًا نهائيًا للوصول إلى سيارات صديقة للبيئة بنسبة 100% بحلول عام 2050، وهو عام الحياد المناخي، استنادًا إلى متوسط عمر السيارة (15 عامًا)، وفق كريستوف بيريّا، الرئيس التنفيذي لشركة فاليو لمكونات السيارات، الذي أكد أن “تحدي المناخ لم يتغير، لكن معارض السيارات فارغة”، مشددًا على الحاجة إلى “المزيد من المرونة” لإنعاش السوق.

ووفقًا لدراسة أجراها معهد موبيليتيه في مايو/أيار الماضي، ارتفعت أسعار السيارات الجديدة في فرنسا بنسبة 24% بين عامي 2020 و2024، بينما لم يُسهم التحول نحو الكهرباء سوى بنسبة 6% من هذه الزيادة، في حين يُعزى نصفها تقريبًا إلى ارتفاع هوامش الأرباح واتجاه المستهلكين نحو فئات أعلى من السيارات.

وأشار توماس أوثاياكومار، من منظمة «فونداسيون بور لا ناتور إيه لوم» (مؤسسة من أجل الطبيعة والبشرية)، إلى “تحول متزايد نحو سيارات الدفع الرباعي (SUV)”، ما جعل السيارات الجديدة بعيدة المنال عن الطبقة المتوسطة.

وقالت ماريليز ليون: “تخلّت الشركات المصنعة عن السيارات ذات الأسعار المعقولة لصالح السيارات الأغلى ثمناً”، فيما اشتكت ديان شتراوس، من منظمة «النقل والبيئة»، من أن “السيارات باتت كبيرة جداً، ومكلفة جداً، ومجهزة بشكل مفرط”، ما أدى إلى تضخم أرباح الشركات على حساب القدرة الشرائية للمستهلكين.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى