«بوكروفسك» الأوكرانية تختبر دعم الغرب.. طريق روسيا إلى عمق دونباس

تشهد جبهة القتال في شرق أوكرانيا معركة طاحنة حول مدينة بوكروفسك، حيث تقترب القوات الروسية من تحقيق أكبر تقدم عسكري منذ معركة باخموت قبل عام.
المدينة التي كانت تعج بالحياة وتحظى بأهمية صناعية وسككية كبيرة، أصبحت اليوم أثراً بعد عين. لم يتبق من سكانها الستين ألفاً سوى 1300 نسمة يتنفسون هواء القصف اليومي.
في إشارة إلى أهمية المعركة، كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن ثلث العمليات العسكرية الجارية ونصف القنابل الانزلاقية الروسية تتركز في هذه الجبهة.
وتُظهر الخرائط الميدانية تقدم القوات الروسية في الأطراف الجنوبية الغربية للمدينة، مع محاولات اختراق نحو المركز. وتؤكد تقارير ميدانية أن “القوات الروسية تواصل تعزيز صفوفها داخل المدينة”، وسط معارك ضارية تدور من شارعٍ إلى آخر.
تفوّق عددي روسي
وتعاني أوكرانيا من تفوق عددي روسي ساحق، حيث اعترف زيلينسكي بأن قواته في بوكروفسك تواجه نسبة غير متكافئة بما يعادل 8 إلى 1. هذا الاختلال دفع كييف إلى تبنّي استراتيجية “المرونة التكتيكية”، عبر نقل وحدات النخبة بين الجبهات المختلفة لاحتواء التوغلات الروسية.
لكن هذه الاستراتيجية تُضعف الدفاعات في نقاط أخرى، إذ حذّرت مصادر عسكرية من احتمال عزل البلدة المجاورة ميرنوهراد عن خطوط الإمداد، ما قد يفتح الطريق أمام الروس للتقدّم نحو العمق.
تحوّل القتال في بوكروفسك إلى حرب شوارع ومبان، حيث يروي أحد قادة الحرس الوطني الأوكراني، يُعرف بالاسم الحركي “القنصل”، أن قواته كانت في الطابق الأول من أحد المباني، فيما تمركزت وحدات روسية في الطابق الثاني من المبنى ذاته “من دون أن يدرك أي طرف وجود الآخر”.
ويعتمد الروس على تكتيكات صغيرة ومرنة، تُنفّذها مجموعات محدودة لا يتجاوز عدد أفرادها أحيانًا اثنين، بهدف التسلل عبر الغابات والمنازل المهدّمة لتطويق القوات الأوكرانية من الداخل.
غير أن هذه التكتيكات مرشحة للتراجع مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يُفقد الغطاء النباتي وتصبح القوات هدفًا سهلاً للطائرات المسيّرة.
وتجاوزت معركة بوكروفسك حدودها الجغرافية لتتحول إلى اختبار سياسي للدعم الغربي، خصوصًا مع فتور الموقف الأمريكي وتبدّل أولويات إدارة دونالد ترامب المحتملة.
وجاءت زيارة زيلينسكي الأخيرة للجبهة، وتكريمه للجنود بأوسمة الشجاعة، لتبعث برسالة مزدوجة: دعم معنوي للقوات المقاتلة، وتذكير للحلفاء بأن صمود أوكرانيا مرتبط باستمرار دعمهم العسكري والاقتصادي.

ومع اقتراب فصل الشتاء، من المتوقع أن تشهد ساحة المعركة تحولات تكتيكية مهمة. فتراجع الغطاء النباتي سيزيد من صعوبة عمليات التسلل، وسيعطي ميزة للقوات التي تمتلك تفوقاً في المراقبة الجوية.
وخلصت الصحيفة إلى أن نتيجة معركة بوكروفسك تبقى رهينة بعاملين حاسمين: قدرة أوكرانيا على الصمود أمام الآلة العسكرية الروسية الجبارة، واستمرار الدعم الغربي في ظل متغيرات السياسة الدولية.
وأكدت أن النصر هنا لن يحدد مصير مدينة فحسب، بل قد يُشكل ملامح المرحلة القادمة من الحرب، ويُعيد رسم خريطة النفوذ في شرق أوكرانيا لسنوات قادمة.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




