«انتهازية» إخوان السودان تخاطر بضياع الحقائق وسط سيل «الأكاذيب»

حذر مراقبون في السودان من أن النظرة الضيقة والانتهازية لجماعة الإخوان في التعامل مع الوضع في الفاشر تخاطر بتغييب الحقائق وتعطيل القدرة على المحاسبة.
ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور غرب السودان، انخرط نشطاء جماعة الإخوان في ترويج مقاطع مصوّرة عن “انتهاكات” لعناصر قوات الدعم السريع.
وكان قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» قد أعلن أواخر الشهر الماضي تشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات الجسيمة وأعمال العنف المرعبة التي شهدتها مدينة الفاشر، واتُّهمت بها قواته، مبدياً التزامه الكامل بمحاسبة مرتكبيها وإعلان نتائج التحقيق أمام الجميع.
وقال حميدتي، الذي يرأس المجلس الرئاسي لحكومة تحالف السودان التأسيسي «تأسيس»، في خطاب عبر الفيديو، إن قيادته شكّلت لجنة تحقيق فورية لمحاسبة أي جندي أو ضابط ارتكب تجاوزات أو اعتدى على المواطنين في مدينة الفاشر، وأضاف: «اللجان القانونية وصلت المدينة وبدأت عملها بالفعل، ونتائج التحقيق ستُعلن فوراً أمام الجميع».
ولاحقا أعلنت قوات الدعم السريع، توقيف عدد من مقاتليها المشتبه بارتكابهم «تجاوزات» إبان سيطرتها الأحد الماضي على مدينة الفاشر التي كانت آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور.
وقالت قوات الدعم في بيان نُشر في وقت متأخر ليل الخميس: “تنفيذا لتوجيهات القيادة والتزاما بالقانون وقواعد السلوك والانضباط العسكري في أثناء الحرب، ألقت قواتنا القبض على عددٍ من المتهمين في التجاوزات التي صاحبت تحرير مدينة الفاشر، وعلى رأسهم المدعو أبولولو”، مضيفة “باشرت اللجان القانونية المختصة التحقيق معهم توطئة لتقديمهم للعدالة”.
وحذر مرصد بيم، وهو منصة سودانية مستقلة معنية بكشف التضليل الإعلامي، من انتشار مقاطع مصوّرة على منصات التواصل الاجتماعي تزعم توثيق انتهاكات في الفاشر، لكنها مولَّدة بالذكاء الاصطناعي.
وقال المرصد إن العديد من الحسابات على منصتي «إكس» و«فيسبوك» نشرت صورة امرأة معلّقة على شجرة مع طفلين في منطقة ما، مدعيةً أنّهم قُتلوا على يد «الدعم السريع» في الفاشر. وتُداولت الصورة على نطاق واسع، في حين أنها مضلِّلة ولا صلة لها بالسودان، إذ تحقّق منها «مرصد بيم» من قبل، وتوصّل إلى أنها نُشرت في 18 فبراير/شباط 2025 على منصة «إكس» على أنها حادثة في تشاد، كما تُداولت بعد يوم واحد في سياق أحداث عنف في مالي.
كما أشار تقرير المنصة إلى صورة أخرى تُظهر امرأة تحتضن طفلًا، فيما تَظهر ظلال رجال يحملون البنادق أمامهما في الصورة التي نشرتها العديد من الحسابات على أساس أنها توثّق تعرّض امرأة وطفلها للقتل على يد «الدعم السريع» في الفاشر. لكن أثبتت تحقيقات الفريق أنّ الصورة مجتزأة من مقطع فيديو مولَّد بالذكاء الاصطناعي.
وحذّرت المنصة من أن انتشار مقاطع مولَّدة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يُلحق الضرر بالضحايا ويمنح الجهات المسؤولة عن الانتهاكات ذريعة للتشكيك في صحة الصور ومقاطع الفيديو.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023، عمدت جماعة الإخوان — بحسب مراقبين — إلى تغذية الصراع ورفض الحلول الدبلوماسية أو مخرجات طاولات التفاوض.
وفي ظل تصاعد النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، يجمع كثير من المراقبين على أن الاستمرار في الحرب، وعدم الاستجابة للمبادرات الدولية والإقليمية الداعية للسلام، سببه تهرّب قيادات الجيش السوداني من استحقاقات السلام، بسبب خضوعها لأجندة تنظيم الإخوان الذي أشعل الحرب بغرض العودة إلى السلطة محمولاً على أفواه البنادق والمدافع الثقيلة.
وشهد أواخر الشهر الماضي تطوراً مهماً في مسار الأزمة السودانية، حيث اجتمع في واشنطن وفدان من طرفي النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، في محاولة لتقريب وجهات النظر.
إلا أن تطور المعارك في الفاشر، بشمال دارفور غربي السودان، طغى على المشهد التفاوضي، وهو الأمر الذي ارتفعت معه أصوات الرافضين للحل السياسي مرة أخرى، ومجدداً عادت قيادات الجيش السوداني إلى خانة التردد والتهرّب من مسارات الحلول السلمية.
ويقول مراقبون إن التدخل الخفي لتنظيم الإخوان في اختطاف قرارات الجيش السوداني شكّل عنواناً بارزاً وراء كل الإخفاقات السابقة التي صاحبت تاريخ المبادرات الدولية والإقليمية لإنهاء النزاع في السودان.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




