اسعار واسواق

حرب السودان تدخل «مرحلة جديدة».. هل تكون الفاشر بوابة «السقوط الكبير»؟


مرحلة جديدة دخلتها الحرب في السودان بعد سيطرة قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.

تلك النتيجة اتفق عليها المحللان السياسيان السوداني عثمان ميرغني والمصرية أسماء الحسيني، اللذين حذرا من خطورة المرحلة المقبلة في البلد الأفريقي ما لم يسارع المجتمع الدولي، وخصوصا الرباعية الدولية، إلى التدخل لفرض تسوية سياسية.

الخطورة التي لمسها ميرغني والحسيني تتلخص في أن السودان ماض في سيناريو التقسيم على أرض الواقع، حتى أن ميرغني يرى أن الصراع لو استمر في المرحلة المقبلة سيكون أقرب إلى “حرب بين دولتين”.

آخر رقعة بدارفور

وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور وولايته الشمالية، والتي تعد نقطة محورية في جغرافيا السودان كونها تربط غربه بوسطه.

المدينة التي كانت آخر نقطة خارج سيطرة الدعم السريع في كل ولايات الإقليم الخمس، دشنت لـ”مرحلة جديدة” من الحرب في السودان وفقا للكاتب والمحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني.

مرحلة جديدة

وقال ميرغني في حديث لـ”العين الإخبارية”: “ما حدث تطور كبير يدشن لمرحلة جديدة في الحرب ستختلف عن سابقتها. الصفحة الجديدة تغيرت فيها مفردات الحرب تماما”.

وأشار إلى أن الحرب حتى قبل سيطرة الدعم السريع على الفاشر، كانت بين القوات المسلحة وفصيل انفصل عنها، في إشارة إلى الدعم السريع، لكن الآن تجاوز الأمر الصراع بين فصيلين أو حكومتين متنازعتين وبات أقرب لأن يكون حربا بين دولتين تعتمد على قوات نظامية وليس حرب عصابات، وهذا تطور خطير يُعقد الحل ما لم تنجح الرباعية (الإمارات وأمريكا ومصر والسعودية) في أن توجد حلا للأزمة قبل نهاية العام الجاري”.

تكريس الانقسام

وأضاف “الوضع بعد استكمال تسلم الدعم السريع كل إقليم دارفور، سيشهد صباح كل يوم تكريسا لانقسام كامل بين السودان ودارفور”، موضحا أن “الأمر قابل للاسترجاع بأجندة سياسية وليست عسكرية، لذا إن لم تتمكن الرباعية خلال وقت وجيز من السيطرة على الصراع سيكون من الصعب جدا العودة لأن الترتيبات على الأرض سترسخ الانقسام الكامل بين غرب السودان وبقية جغرافيا الدولة”.

وأشار إلى أن هناك انقساما كاملا لنسق الدولة بين “حكومة تأسيس” (بقيادة الدعم السريع) وحكومة بورتسودان التي يديرها الجيش”.

البرهان تحت سيطرة الإخوان

وأشار ميرغني إلى سيطرة تنظيم الإخوان على قرار قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، لافتا إلى أن هناك 4 قيادات عسكرية في مجلس السيادة السودان هم: البرهان، وياسر العطا وشمس الدين كباشي وإبراهيم جابر، يسيطرون على الدولة وقراراهم يخضع بالكامل إلى تأثير الإسلامويين.

وأضاف “بعد انقلاب الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 على الحكم المدني بالسودان، بدأ الارتداد في الاتجاه العكسي، وظهرت سيطرة الإسلامويين على الأجهزة السياسية والسيادية بالدولة”.

وأكد أنه “رغم إنكار تلك الحالة من قادة الجيش لكن في الواقع قرار البرهان يخضع بالكامل لتأثير الإسلامويين وحساباته مبنية على حساباتهم وتقديرات حلفائهم في النظام القديم. الدولة بالكامل تحت خدمتهم”.

الإسلامويين يؤججون الحرب

واتفقت الخبيرة في الشأن السياسي الكاتبة المصرية أسماء الحسيني مع ميرغني في تأثير الإسلامويين على استمرار الحرب في السودان، وقالت في حديث مع “العين الإخبارية”: “للأسف هناك تعقيدات كثيرة جدا تحكم الموقف في الجيش السوداني وتؤثر عليه، فالحلفاء الإسلامويين يريدون أن يقودوا الموقف سواء في بداية الحرب أو الآن”.

وتساءلت: “من أشعل الحرب في السودان ومن يؤججها في تلك المرحلة؟”، وتابعت: “أصابع الاتهام توجه للإسلامويين لأنه لم تكن لهم مصلحة في الاتفاق الإطاري (الذي وقع بين المدنيين والعسكريين في ديسمبر/كانون الأول 2022)، إذ كان سيتم تعقبهم بصورة أكبر من بعد الثورة، فأشعلوا فتيل الحرب”.

وأضافت “الموقف ذاته يتكرر مرة أخرى، بعدما بدا أن هناك إرادة دولية تجسدت في الرباعية تتبنى استبعاد الإسلامويين من المشهد، فضلا عن أن أمريكا اعتبرت أن مشاركتهم في المرحلة المقبلة خط أحمر، لذا هم رفضوا تلك المساعي وجاهروا بأن البرهان لا يمكن أن يذهب إلى سلام أو يوافق على طرح الرباعية، ليبقى السؤال بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر، هل يستمرون في تعطيل المسار السياسي أم سينحنون للعاصفة؟”.

عواقب وخيمة

وأكد أن مواقف الإسلامويين تدفع السودان إلى “عواقب وخيمة”، فالموقف يتعقد على ضوء توجهاتهم، إذ يريدون أن يأخذوا زمام البلاد إلى حيث يريدون.

لكن الحسيني دعت إلى النظر إلى “التطور الكبير” الذي حدث في الفاشر، والذي نقل الحرب إلى “مرحلة جديدة وخطيرة من مراحل الحرب العبثية”. وقالت “سيطرة الدعم السريع على الفاشر ستغريهم على التقدم ولن يتوقفوا عند حدود دارفور، وهم يتقدمون الآن في كردفان (في الجنوب) ويلوحون بأن المعركة القادمة في في الخرطوم والشمالية”.

حقائق جديدة

أن يشتد الصراع في ظل تعهد الجيش والقوات المتحالفة باسترداد دارفور مرة أخرى، لذا فإن احتدام العمليات العسكرية والقتال يمكن أن يلقي بظلاله على المسار السلمي الذي طرحته الرباعية.

واعتبرت أن مسار الأحداث متوقف على مدى قدرة الأطراف الدولية وخصوصا الرباعية على الضغط على الأطراف المتحاربة من أجل وقف التصعيد العسكري وأن يكون واضحا لمختلف الأطراف ما صرحت به الإدارة الأمريكية من أنها مستعدة لتفعيل “الخيارات الأخرى” ما لم تمضي الأطراف في المسار السياسي.

وتابعت “ما لم يحدث ذلك فإن وحدة السودان ستكون معرضة للتفكك وربما التشظي في ظل الوضع الحالي، فالدعم السريع أعلن حكومة باتت تسيطر على خمس مساحة السودان، وهذا وضع مغري للانفصال، ويوم بعد الآخر ستفرض الحقائق الجديدة نفسها على الأرض خصوصا لدى دول الجوار”.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى