بحيرة خنيفس المغربية.. نداء علمي لإنقاذ «الجوهرة الزرقاء»

في قلب الصحراء المغربية، حيث تمتزج رمال الكثبان الذهبية مع النسيم البارد للمحيط الأطلسي، تتلألأ بحيرة خنيفس كـ”جوهرة زرقاء” نادرة.
وتحتضن البحيرة حياة برية فريدة وتاريخا يمتد لآلاف السنين، لكن جمالها وسحرها الطبيعي يواجهان تحديات متزايدة تهدد وجودها، مما يرفع نداء العلماء إلى مستوى الاستعجال للحفاظ عليها قبل أن تبتلعها الرمال أو يفقدها الإنسان إلى الأبد.
وكشف فريق من الباحثين في دراسة نشرتها دورية “جورنال أوف أفريكان ساينس”، عن التغيرات الحادة التي شهدتها بحيرة خنيفس المغربية، الواقعة ضمن المنطقة الصحراوية البيوكليماتية للمغرب، والمعروفة بغناها الفريد بالتنوع البيولوجي، ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات حماية فعالة ومستدامة لهذه “الجوهرة الزرقاء”.
واعتمدت الدراسة على نهج متعدد التخصصات، يجمع بين الدراسات الجيومكانية والرسوبية مع بيانات مناخية وارتفاعات سطح البحر.
وأظهرت النتائج أن أوسع تقلص لمساحة المياه الرئيسية للبحيرة كان عام 1994. كما تغيّر مدخل البحيرة على الضفة اليمنى، فتوسع المدخل من 762 مترا عام 1986 إلى 1942 مترا عام 2014، قبل أن ينكمش إلى 1747 مترا عام 2024.
أما المساحات البارزة للبحيرة فقد تراوحت بين 855,347 م² عام 1986 و1,392,622 م² عام 1994، مع تغيرات إيجابية في الفترات 1986–1994 و2002–2014، وتراجع في الفترات 1994–2002 و2014–2024. وقد تبين أن هذه التغيرات مرتبطة بتفاعل عدة عوامل مناخية وارتفاعات سطح البحر.
وأظهرت التحاليل الرسوبية أن الطبقات الرسوبية للبحيرة تتكون من رمال دقيقة مصنفة بشكل ممتاز، نتيجة تفاعل العمليات البحرية والريحية، فيما يشير محتوى الكربونات إلى أصول حيوية بحرية. كما أظهرت المقارنات بين الرسوبيات البحرية والكثبان الرملية المجاورة تشابهًا كبيرا، مؤكدًا الأصل الريحي الأساسي للرسوبيات، وربما نتيجة تقدم الكثبان الرملية، ما يبرز الحاجة لوضع استراتيجيات حماية مستدامة.

أهمية بيئية وثقافية واقتصادية
وتعتبر بحيرة خنيفس أكبر بحيرة ساحلية بالمغرب على المحيط الأطلسي، وتغطي مساحة 6500 هكتار، وتتميز بتنوع طبيعي وغنى بيولوجي كبير، حيث توفر موطنًا للعديد من الطيور المهاجرة والمهددة بالانقراض، إضافة إلى وجود أنواع نباتية وحيوانية متوطنة.
كما تحتوي المنطقة على آثار ما قبل التاريخ، بما في ذلك شظايا من أدوات حجرية وبيض النعام المصنوع منه حلي، وفسيليات السلاحف، إلى جانب آثار تاريخية مثل البرج البرتغالي المدفون تحت الرمال.
ويعتمد سكان المنطقة على الأنشطة الاقتصادية التقليدية مثل الصيد وتربية المحار والسياحة، فيما تشكل استغلال الملح من سبخة تازرة أحد مصادر الدخل المهمة بإنتاج 20 ألف طن سنويا من كلوريد الصوديوم.

جهود حماية مستمرة
بالرغم من كون البحيرة محمية بشكل نسبي، فإنها تواجه تحديات كبيرة بسبب زحف الرمال ، مما أدى إلى تغيرات في المدخل والمجرى الرئيسي وظهور جزر صغيرة.
وأكد الباحثون أن هذه التغيرات تتطلب تدخلات علمية عاجلة ووضع استراتيجيات حماية مستدامة للحفاظ على هذا النظام البيئي الفريد، الذي يجمع بين القيمة البيئية والثقافية والاقتصادية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز




