اسعار واسواق

الردع عبر المنع.. عقيدة فنزويلا في مواجهة أي اختراق أمريكي محتمل


تصعيد عسكري شق طريقه بين الولايات المتحدة وفنزويلا، آخر مظاهره رسو سفينة حربية أمريكية في ترينيداد وتوباغو، في حادث اعتبرته كاراكاس «استفزازا» قد يؤدي إلى نشوب حرب.

وأعلنت سلطات الأرخبيل الواقع على بعد نحو عشرة كيلومترات من فنزويلا، الخميس عن وصول السفينة الحربية الأمريكية “يو اس اس غرايفلي” إلى العاصمة بورت أوف سبين برفقة وحدة من مشاة البحرية للمشاركة رسميا في تدريبات مع الجيش الترينيدادي.

يأتي ذلك مع مع نشر الولايات المتحدة سبع سفن حربية في منطقة الكاريبي وواحدة في خليج المكسيك في إطار عملية لمكافحة تهريب المخدرات، إضافة إلى إعلان ترامب تفويضه وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي آيه” تنفيذ عمليات سرية على الأراضي الفنزويلية.

فهل تستطيع فنزويلا حماية سمائها حال نشوب حرب مع أمريكا؟

تقول مجلة مليتري ووتش، إنه حال إقدام الولايات المتحدة على اختراق المجال الجوي الفنزويلي، فإن الرد المحتمل سيكون بإطلاق عملية عسكرية شاملة لقمع أنظمة الدفاع الجوي المعادية، وهي خطوة من شأنها رفع كلفة أي تدخل أمريكي وزيادة مخاطره السياسية والعسكرية.

ورغم محدودية التطور العسكري في أمريكا اللاتينية، تمتلك فنزويلا واحدة من أكثر شبكات الدفاع الجوي تطورًا في المنطقة، وهو إرث تركه الرئيس الراحل هوغو تشافيز بعد سنوات من الاستثمار المكثف في الأسلحة الروسية والصينية، بحسب مجلة مليتري ووتش.

تقوم العقيدة الدفاعية الفنزويلية على مبدأ “الردع عبر المنع”، أي جعل أي محاولة لاختراق الأجواء الفنزويلية مغامرة محفوفة بالخطر حتى أمام قوة جوية كبرى كالولايات المتحدة.

مزيج متكامل

وتستند هذه العقيدة إلى مزيج متكامل من منظومات الصواريخ بعيدة المدى، والرادارات المتطورة، والمقاتلات الاعتراضية الثقيلة التي تغطي المجال الجوي فوق العاصمة كاراكاس ومدينة ماراكاي والممرات الصناعية في ولايتي أراغوا وكارابوبو.

في قلب هذه المنظومة الدفاعية تقف الصواريخ الروسية من طراز إس-300 في إم، وهي منظومة بعيدة المدى قادرة على تعقب نحو 200 هدف في الوقت نفسه، واعتراض الطائرات أو الصواريخ الباليستية على مدى يصل إلى 250 كيلومترًا.

وتمتاز هذه المنظومة بكونها متنقلة، تُثبت على عربات مجنزرة يصعب تدميرها في هجوم مباغت. وتشكل منظومة إس-300 في إم الحلقة الخارجية للدفاع الجوي الفنزويلي، وهي التي تحمي العاصمة والمنشآت الحيوية، وتمنح البلاد قدرة ردع نادرة في القارة اللاتينية.

بنية طبقية متكاملة

وإلى جانبها، تعتمد فنزويلا على منظومات بوك-إم2 إي الروسية متوسطة المدى، التي توفر مظلة تغطي مسافة تصل إلى 45 كيلومترًا، وتُستخدم لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة والطائرات المنخفضة الارتفاع التي قد تتسلل تحت أفق رادارات إس-300.

كما يمتلك الجيش منظومات بيكورا-2 إم قصيرة المدى بمدى يصل إلى 35 كيلومترًا، فضلًا عن انتشار واسع لصواريخ إيغلا-إس المحمولة على الكتف، لتأمين النقاط العسكرية الحساسة.

وبهذا التكوين، تشكل منظومة الدفاع الفنزويلية بنية طبقية متكاملة تشمل دفاعات استراتيجية بعيد المدى، ودفاعات متوسطة المدى، ودفاعات نقطية قصيرة المدى.

وتتكامل هذه الطبقات مع شبكة رادارات صينية من طرازي جيه واي إل-1 وجيه واي-11بي ثلاثية الأبعاد، متصلة بأنظمة روسية للتحكم بالنيران، ما يتيح – نظريًا – قدرة عالية على كشف التوغلات الجوية وتتبعها.

عقبات

غير أن العقوبات الدولية ونقص قطع الغيار أضعفا جاهزية هذه الأنظمة، ما يجعل فعاليتها العملية موضع شك في مواجهة ضغط عسكري واسع.

ولا يقتصر الردع الفنزويلي على الدفاعات الأرضية، إذ تمتلك كاراكاس أسطولًا جويًا يضم نحو 24 مقاتلة روسية من طراز سو-30 إم كيه2، وهي من الجيل الرابع وتُعد نظيرًا متقدمًا للمقاتلة الأمريكية إف-16.

وتُعد فنزويلا استثناءً في أمريكا اللاتينية باعتمادها على المقاتلات الروسية بدل الغربية، رغم امتلاكها أيضًا لعدد محدود من طائرات إف-16 إيه/بي القديمة التي تدهورت حالتها بسبب الحظر الأمريكي على الصيانة والتحديث. ومع ذلك، تبقى طائرات سو-30 عنصر الردع الجوي الأكثر فاعلية ضد أي اختراق محدود.

وإجمالا، فقد تمكنت فنزويلا من بناء حزام دفاع جوي متعدد الطبقات يجعل أي محاولة لاختراق أجوائها مكلفة للغاية. إلا أن هذا لا يعني أن دفاعاتها قادرة على الصمود أمام حملة عسكرية أمريكية واسعة، إذ ستكون الخطوة الأولى لأي هجوم شامل هي تنفيذ عملية قمع أنظمة الدفاع الجوي المعادية لتدمير منظومات الدفاع تدريجيًا.

ورغم أن تلك الدفاعات يمكنها إبطاء وتيرة الهجوم ورفع كلفته، فإن التفوق التكنولوجي الأمريكي سيحسم المعركة في النهاية، ولو بعد خسائر أولية باهظة وثمن سياسي مرتفع.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى