انتخابات العراق.. السباق يشتعل على مقاعد البرلمان والحكومة

تقترب الانتخابات العراقية وسط أجواء مشحونة وتوازنات متقلّبة بين القوى التقليدية والفصائل، في معركة تتجاوز حدود المنافسة البرلمانية.
ومنذ أشهر، بدأت التحالفات تتشكل على أسس تتعلق بتقاسم النفوذ في مؤسسات الدولة أكثر من البرامج الانتخابية أو الإصلاحات الموعودة.
وتتركز معركة القوى الشيعية على تثبيت هيمنتها داخل أجهزة الأمن والاقتصاد، فيما تسعى القوى السنية والكردية إلى انتزاع ضمانات سياسية ومالية من بغداد قبل دخول الاستحقاق.
ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يبدو أن الشوارع مليئة بالملصقات، بينما يسيطر الإحباط على معظم العراقيين من قدرة الانتخابات على تحقيق تغيير حقيقي بعد عقدين من الديمقراطية.
لكن مع توقع مشاركة محدودة، تكمن المنافسة الحقيقية في كيفية تقسيم السلطة بين النخب التي تهيمن على النظام السياسي.
واقع الانتخابات
ورغم تزيين الشوارع بالملصقات الانتخابية، تسود أجواء من اللامبالاة بين العراقيين، الذين يأسوا من قدرة الانتخابات على تحقيق التغيير خلال عقدين من الديمقراطية منذ تغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة.
وهناك توقع سائد في الأوساط السياسية حول النتائج، إذ يُنظر إلى قائمة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، على أنها الرابحة، مع توقع استمرار تحالف الأحزاب الشيعية ضمن ما يسمى بـ”الإطار التنسيقي” بالحكم عبر حكومة توافقية تشمل الكتل الكردية والسنية الرئيسية.
ومع ذلك، يُستبعد أن يبقى السوداني نفسه رئيساً للوزراء حتى إذا فازت قائمته بأكبر عدد من المقاعد، إذ تقرر المفاوضات المعقدة لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات، مصير منصب رئيس الوزراء.
سباق
وقالت مصادر سياسية داخل الإطار الشيعي الحاكم لـ”العين الإخبارية”، إن القيادي في الإطار زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بدأ بتشكيل تحالف سياسي يضم زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي وقوى سياسية كردية منها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، بهدف تشكيل الحكومة وإبعاد السوداني عن السلطة.
وبحسب المصادر، فإن الخلافات بين السوداني والمالكي وصلت إلى مرحلة حرجة، ما اضطر السوداني إلى الغياب عن اجتماعات قيادات الإطار الشيعي.
وأكدت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، لحساسية الملف، أن السوداني غاب عن الاجتماع الذي عُقد مساء الإثنين، في مكتب زعيم حزب الفضيلة الإسلامي عبد السادة الفريجي بسبب حضور المالكي للاجتماع.
وأضافت المصادر “أن المالكي صاحب النفوذ الأقوى بين السياسيين العراقيين والشيعة تحديداً، طرح مسألة استغلال السوداني لموارد الحكومة في حملته الانتخابية”.
نظام الحكم
وينص الدستور العراقي، الذي أُقر في استفتاء 2005، على أن العراق جمهورية برلمانية، ويشكل مجلس النواب السلطة التشريعية المنتخبة.
ويصوت المواطنون المسجلون كل أربع سنوات لانتخاب 329 عضوًا من أعضاء المجلس، ومن ثم يرشح المجلس الرئيس (منصب شرفي إلى حد كبير) الذي يرشح بدوره رئيس الوزراء من “أكبر كتلة” برلمانية.
وفي الواقع، تظل السياسة العراقية مشدودة بـ”الهوية الطائفية والإثنية”، وفق مراقبين، فالشيعة يصوتون للأحزاب الشيعية، والسنة لأحزابهم، والأكراد لقوائمهم الكردية.
وبموجب اتفاق غير رسمي منذ 2005، يكون رئيس الوزراء شيعياً، والرئيس كردياً، ورئيس البرلمان عربياً سنياً.
المنافسون في الانتخابات
تشمل الانتخابات الحالية 31 تحالفاً، و38 حزباً سياسياً، و75 مرشحاً مستقلاً.
ومن كتلة التحالف الشيعي الموحدة السابقة، ظهرت أحزاب شيعية متعددة، أبرزها: تحالف الإعمار والتنمية بقيادة السوداني، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، وصادقون بقيادة رجل الدين قيس الخزعلي قائد مليشيات عصائب أهل الحق، وبدر بقيادة هادي العامري (تمتلك مليشيات مسلحة ضمن الحشد الشعبي)، وتحالف القوى الوطنية بقيادة عمار الحكيم، وائتلاف الأساس بزعامة محسن المندلاوي نائب رئيس البرلمان، وتحالف الخدمات بزعامة قائد مليشيات كتائب الإمام علي شبل الزيدي.
وجميع هذه الأحزاب متفرقة في الانتخابات، لكنها من المتوقع أن تتحد بعد الانتخابات لتشكيل أكبر كتلة برلمانية، فيما يواصل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات.
الحال ذاته، بالنسبة للكتل الكردية والسنية أيضاً، مع بروز أحزاب مثل تقدم بقيادة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان السابق، وتحالف العزم بقيادة مثنى السامري، والسيادة بقيادة خميس الخنجر.
أرقام
وتراجع الإقبال على التصويت منذ 2005، يعكس شعوراً واسعاً بعدم قدرة الانتخابات على تغيير الواقع، وفق مراقبين.
ويقدر عدد الناخبين المسجلين في 2025 بنحو 21 مليوناً من أصل 30 مليوناً مؤهلين، ما يعني أن نسبة المشاركة الرسمية تتجاهل ثلث السكان.
وتساهم مقاطعة التيار الصدري أيضاً في انخفاض الإقبال، إذ سبق أن فاز بحوالي 73 مقعداً في انتخابات عام 2021 لكنه انسحب لاحقاً من البرلمان بعد فشل تشكيل حكومة أغلبية.
وينص الدستور على جدول واضح لتشكيل الحكومة، لكنه يتحول في الواقع إلى مفاوضات لإعادة توزيع المناصب وتعزيز التوافق بين النخب.
وبعد التصديق على النتائج، يدعو الرئيس المؤقت البرلمان (الأكبر سناً) للانعقاد خلال 15 يوماً، ويُنتخب رئيس البرلمان ونائبيه، يلي ذلك انتخاب رئيس الجمهورية الذي يحتاج لتوافق ثلثي النواب. ثم يُرشح رئيس الوزراء من أكبر كتلة تشكلت بعد الانتخابات، ويقدم حكومته للحصول على الثقة.
وتُجرى هذه المفاوضات غالباً خلف الكواليس، وتُعامل النتائج كأوراق مساومة للحصول على المناصب العليا. للخيارات الديمقراطية للمواطنين.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز