اسعار واسواق

إلغاء ضريبة الشركات القابضة تضر بمصداقية السياسة المالية


اعتبرت الخبيرة الاقتصادية الفرنسية أجنيس بناسي-كيري أن الحادثة التي أدت إلى إلغاء ضريبة الشركات القابضة الفرنسية «الهولدينغات» عن طريق اقتراح خاطئ تكشف عن مخاطر كبيرة على المالية العامة وثقة المستثمرين في استقرار الإطار الضريبي.

كما دعت إلى ضرورة التعامل مع الأمر فورًا كقضية طوارئ فنية وسياسية، من خلال تصحيح تشريعي سريع، تواصل واضح، وإجراءات لإصلاح طريقة إعداد ومناقشة قوانين الميزانية.

وأعربت الخبيرة الاقتصادية الفرنسية أجنيس بناسي كيري، أستاذة الاقتصاد بجامعة السوربون ونائبة محافظ بنك فرنسا السابقة، في تصريحات لـ”العين الإخبارية” عن قلقها من التداعيات المحتملة للخطأ البرلماني الذي أدى إلى حذف الضريبة على شركات الهولدينغ خلال مناقشة مشروع موازنة 2026، معتبرة أن “الواقعة لا تُختزل في خطأ إجرائي، بل تمسّ صميم مصداقية السياسة المالية الفرنسية”.

وقالت بناسي كيري “ما حدث يعكس هشاشة في عملية صناعة القرار المالي داخل البرلمان، وقد تكون له تبعات مالية واقتصادية تتجاوز قيمة الضريبة ذاتها.”

وأوضحت أن الخطأ يؤثر مباشرة على مسار خفض العجز المالي الذي تسعى الحكومة لخفضه إلى ما دون 3% من الناتج المحلي، مشيرة إلى أن “أي فجوة إيرادية غير متوقعة ستُضعف هذا المسار، وتزيد من احتمال اللجوء إلى تدابير تقشفية أو إعادة توزيع أعباء الضرائب على فئات أخرى”.

وأضافت الخبيرة أن الواقعة تبعث إشارة سلبية للمستثمرين والأسواق المالية، موضحة أن “أخطاء من هذا النوع تُثير مخاوف بشأن استقرار التشريعات الضريبية في فرنسا، وقد تدفع بعض المستثمرين إلى إعادة هيكلة مقار شركاتهم أو اللجوء إلى ممارسات تحوّط ضريبي أكثر عدوانية”.

كما أشارت إلى أن الشركات المعنية ستتحمّل تكاليف امتثال إضافية، بسبب اضطرارها لتعديل أنظمتها المحاسبية والتخطيطية بشكل متكرر، وهو ما وصفته بأنه “هدر إداري يزيد من تكلفة الأعمال ويضعف تنافسية البيئة الاقتصادية الفرنسية”.

وحذرت بناسي كيري من انعكاسات سياسية أوسع، قائلة: “الحكومة التي تدافع عن حزمة مالية متماسكة تفقد جزءاً من مصداقيتها حين تمر مثل هذه الأخطاء داخل لجنة مالية متخصصة، وهو ما قد تستغله المعارضة لتصوير المشهد كدليل على ضعف الكفاءة التشريعية.”

وعن الأسباب الفنية وراء الخطأ، أوضحت أن الحجم الكبير للتعديلات وتراكم الجلسات الطويلة من دون تدقيق آلي فعال يؤديان إلى مثل هذه الثغرات، مضيفة: “البرلمان الفرنسي بحاجة إلى نظام معلوماتي ذكي يربط بين النصوص الأصلية والتعديلات المقترحة، بما يسمح بمحاكاة الأثر المالي لأي تعديل قبل اعتماده”.

وأكدت الخبيرة ضرورة التحرك السريع خلال 72 ساعة لتصحيح الموقف عبر “إعادة إدراج النص الأصلي في جلسة علنية وإصدار بيان رسمي من وزارتي الاقتصاد والمالية لطمأنة الأسواق”، إلى جانب “تجميد أي تطبيق إداري للنص الملغى مؤقتاً”.

أما على المدى المتوسط، فقد أوصت بإدخال آلية تدقيق برلماني آلي وتقليص عدد التعديلات اليومية، إلى جانب تعزيز الدور الفني للأمانة المالية في توضيح الأثر المالي لكل تعديل قبل التصويت عليه”.

وختمت أجنيس بناسي كيري بلهجة حازمة: “إذا لم تعالج الحكومة والبرلمان هذا الخلل بسرعة وكفاءة، فإن الخسائر لن تكون مالية فحسب، بل ستطال ثقة السوق وهيبة المؤسسات العامة. الإصلاح الحقيقي يبدأ من بناء منظومة تشريعية أكثر صرامة وشفافية”.

وفي حادثة وُصفت بأنها من أكثر الأخطاء التشريعية غرابة في البرلمان الفرنسي، صوت نواب الجمعية الوطنية بالخطأ على إلغاء ضريبة كانت الحكومة تعوّل عليها ضمن مشروع قانون ميزانية عام 2026. هذا الخطأ غير المقصود أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط محاولات لتدارك ما حدث قبل عرضه في الجلسة العامة.

ضريبة “اختفت” بسبب تصويت خاطئ

خلال اجتماع لجنة المالية يوم الإثنين، كان النواب يناقشون مشروع ميزانية الدولة، الذي يتضمن تعديلات مهمة مثل تعديل شرائح ضريبة الدخل، وتغيير طريقة فرض الضرائب على النفقة العائلية، وتمديد الضريبة الإضافية على أصحاب الدخل المرتفع إلى حين خفض العجز العام دون 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن وسط هذا الزخم من التعديلات، حدث ما لم يكن في الحسبان: تصويت عرضي أدى إلى إلغاء ضريبة على الشركات القابضة، وهي ضريبة كانت الحكومة تعتبرها خطوة أساسية لضمان عدالة ضريبية بين الأفراد والمجموعات المالية الكبرى.

اعتقدنا أنها مجرد إضافة!

الخطأ جاء نتيجة تبنّي تعديل قدّمه النائب جان-ديدييه بيرجيه من كتلة “اليمين الجمهوري”، والذي استبدل المادة الثالثة بالكامل من مشروع القانون، تلك التي كانت تفرض الضريبة على الشركات القابضة، بنص جديد يتعلق فقط بضرائب التركات والميراث لهذه الشركات.

واعترف رئيس لجنة المالية، النائب اليساري إريك كوكريل (من حركة فرنسا الأبية)، لاحقاً بالخلط قائلاً: أعتقد أن عدداً منا فهم، وأنا منهم، أن التعديل المقترح كان مكمّلاً للنص، وليس بديلاً له. كنا نظن أنه يسدّ ثغرة تخص ضرائب الميراث، ولم ندرك أننا كنا نحذف الضريبة الأصلية بالكامل”.

وأضاف كوكريل موضحاً: “لم يكن ذلك مقصوداً إطلاقاً، سنعود لتصحيح الخطأ في الجلسة العامة، ونعيد إدراج الضريبة كما كانت”.

ارتباك داخل اللجنة وغضب حكومي

من جانبه، أعربت مصادر من وزارة الاقتصاد الفرنسية عن استغرابها الشديد من هذا الخطأ، خاصة أن الحكومة كانت تسعى إلى تشديد الرقابة المالية على الشركات القابضة التي تُستخدم أحياناً كوسيلة لتقليل الالتزامات الضريبية.

ووصف أحد المستشارين الحادثة قائلاً:”إنها نتيجة الاستعجال وسوء التنسيق. هذه اللجنة كانت تناقش مئات التعديلات في يوم واحد، فوقع هذا الخلط الكبير”.

نحو تصحيح سريع في الجلسة العامة

ومن المتوقع أن يُعاد التصويت على المادة المثيرة للجدل خلال الجلسة العامة المقبلة في البرلمان، حيث ستسعى الحكومة إلى إعادة الضريبة المحذوفة، في محاولة لتفادي أي ثغرات قانونية قد تُستغل من قبل كبار المستثمرين.

رغم طابعها الكوميدي، يرى بعض المحللين أن الحادثة تكشف عن خلل عميق في طريقة إعداد ومناقشة القوانين المالية داخل البرلمان الفرنسي، حيث يمكن لتصويت متسرع أن يغيّر ملامح السياسة الضريبية للدولة بأكملها.

خطأ بسيط… لكنه مكلف!

في حال لم يصحح القرار سريعاً، فإن خسائر الخزينة العامة قد تقدر بمئات الملايين من اليوروهات. كما أن ذلك قد يحرج الحكومة أمام المفوضية الأوروبية، في وقت تحاول فيه فرنسا إثبات جديتها في خفض عجز الموازنة إلى ما دون 3% من الناتج المحلي.

aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA=

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى