مخاوف الائتمان تعصف بالبنوك الأمريكية.. والقلق يمتد إلى الأسواق العالمية

امتدت موجة القلق بشأن جودة الائتمان في البنوك الإقليمية الأمريكية إلى أسواق المال العالمية الجمعة، لتدفع الأسهم المالية إلى التراجع وتعيد للأذهان أزمة الثقة التي هزت الأسواق قبل أكثر من عامين.
وأثرت عمليات البيع المكثفة على وول ستريت، إذ شهدت مؤشرات الأسهم الرئيسية افتتاحا متباينا وسط حذر المستثمرين الذين يترقبون تطورات القطاع المصرفي، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تداعيات التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب القلق المتجدد بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.
وفقا لرويترز، تفاقمت المخاوف بعد انكشاف عدد من البنوك على حالتي إفلاس في قطاع السيارات الأمريكي مؤخرا، ما أعاد إلى الأذهان أزمة بنك سيليكون فالي قبل أكثر من عامين، حين أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى خسائر كبيرة في السندات وتسببت في انهيار الثقة داخل القطاع المالي.
واليوم، يسعى المستثمرون لتقييم ما إذا كانت أزمة الائتمان الحالية في البنوك الإقليمية الأمريكية ستتحول إلى أزمة أوسع نطاقا، خاصة بعدما امتدت تداعيات البيع الحاد من الأسواق الأمريكية إلى آسيا وأوروبا، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن الطفرة التي قادها الذكاء الاصطناعي في أسواق الأسهم قد تكون فقاعة على وشك الانفجار.
ورغم التوترات المتصاعدة، يرى بعض المحللين أن هذه الاضطرابات لا تزال حالات فردية، وليست مؤشرًا على أزمة ممنهجة.
وفي هذا السياق، قال روس مولد، مدير الاستثمار في شركة إيه.جيه بيل: “هناك جيوب صغيرة من القلق داخل القطاع المصرفي الأمريكي، لا سيما البنوك الإقليمية، مثل إعلان بنك زايونز عن خسائر غير متوقعة في قرضين، واعتراف بنك ويسترن ألايانس بوقوع عملية احتيال من أحد المقترضين”.
وشهدت جلسة الجمعة تراجعا في أسهم عدد من أكبر البنوك الأمريكية، بعد أسبوع اتسم بارتفاعات قوية قبل أن تتراجع المعنويات مجددا.
وهبط مؤشر كيه.بي.دبليو للبنوك، الذي يقيس أداء البنوك الكبرى، بنسبة 0.4%، مما يعكس حالة القلق التي تسيطر على المستثمرين رغم البيانات الإيجابية السابقة.
وفي محاولة لطمأنة الأسواق، قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، إن النظام المصرفي الأمريكي ما زال يتمتع باحتياطيات وفيرة، مؤكدا تفاؤله بقدرة أسواق الائتمان على الصمود في مواجهة التحديات.
وأضاف في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس نتورك أن مسؤولي إدارة ترامب، بقيادة وزير الخزانة سكوت بيسنت وعضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ميشيل بومان، “يقومون بتنظيم الأوضاع ومتابعة التطورات عن كثب”.
وفي المقابل، قال جيمس روسيتر، رئيس قطاع الاقتصاد الكلي العالمي لدى تي.دي سيكيوريتيز: “عمليات البيع في أسهم البنوك الأمريكية تنتقل كعدوى عبر الأسواق، تبدأ من الولايات المتحدة، ثم تمتد إلى آسيا، لتستيقظ أوروبا على نفس الموجة، وهكذا تستمر حالة القلق العالمي”.
وعلى الصعيد الأوروبي، فقد مؤشر البنوك نحو 3% من قيمته، في ظل خسائر حادة لأسهم دويتشه بنك وباركليز التي هوت بنحو 6%، بينما تراجع سوسيتيه جنرال بنسبة 4.6%، لتغلق مؤشرات القطاع المالي على انخفاض جماعي.
وامتدت الخسائر كذلك إلى الأسواق الآسيوية، حيث تراجعت أسهم البنوك اليابانية وشركات التأمين، متأثرة بالمخاوف من انتقال العدوى المالية من الولايات المتحدة إلى بقية أنحاء العالم.
ويؤكد محللون أن استمرار حالة عدم اليقين قد يدفع البنوك المركزية إلى مراجعة سياساتها النقدية لتفادي تفاقم الضغوط الائتمانية، خاصة مع اقتراب نهاية العام التي عادة ما تشهد تحركات حذرة في أسواق المال العالمية.
وبين التطمينات الرسمية ومخاوف المستثمرين، تظل الأسواق في حالة ترقب لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، وسط تساؤلات حول قدرة النظام المصرفي العالمي على امتصاص الصدمات الجديدة، ومدى استعداده لتفادي تكرار أزمة الثقة التي ضربت البنوك في السنوات الماضية.
aXA6IDQ1LjE0LjIyNS4xMCA= جزيرة ام اند امز